من غرفة الأخبار

الخرطوم : الجميل الفاضل

سؤال المبتدأ.. جواب الخبر

“الدولة العميقة” هل ما
زالت تدق في الإسفين؟
ماذا؟
فض إعتصام أم إنقلاب
قال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد قوات الدعم السريع الفريق اول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، إن الدولة العميقة وعناصرها، وراء جريمة فض اعتصام القيادة، في الثالث من يونيو الماضي.
وأعتبر “حميدتي” في حوار مع صحيفة ” الاندبندت”، فض اعتصام القيادة بانه انقلاب، وأعلن عن اعتقال نحو (200) شخص على الأقل بتهمة انتحال صفة الدعم السريع، في محاولة لتشويه سمعتها.
وأشار إلى إجراء مساءلة داخلية تشمل التحقيق في الحادثة، وكشف عن وجود ضباط ملحقين بالدعم السريع يحملون رتب مختلفة، من بينهم ضابط برتبة لواء ينتمون للنظام القديم؛ شاركوا في فض الاعتصام.
وقال حميدتي، إن قواته تتعرض لاستفزازات لا توصف، رافضاً الإدعاءات التي تواجهها، معتبراً ذلك استهدافاً ممنهجاً من قبل النظام السابق.
وفي ذات السياق قال عضو المجلس العسكري السابق الفريق أول “صلاح عبدالخالق” مؤخراً إن القوة التي فضت الاعتصام “ضباطاً وعساكر” جميعهم داخل السجن، وأن نائب رئيس المجلس الانتقالي تفاجأ بفض الاعتصام مثله مثل غيره.
كيف؟
ضباط “العميقة”
وكانت لجنة التحقيق في أحداث فض اعتصام القيادة العامة التي شكلها النائب العام الأسبق كشفت عن ضلوع ضباط من قوات الأمن والدعم السريع في مهاجمة المعتصمين، كما كشفت عن تجاوز تلك القوات لمهامها بإقتحامها منطقة الاعتصام.
وقال رئيس لجنة التحقيق مولانا فتح الرحمن سعيد إنه تبين للجنة أن ضابطين لم تكن لديهما أي تعليمات أو توجيهات، بل تم تحذيرهما بعدم التدخل، لكنهما خالفا الأوامر وقاما بتحريك قوة تتبع لقوات الدعم السريع، وجهوا لها أوامراً بجلد المعتصمين.
وتابع فتح الرحمن أن قوة مشتركة من القوات الأمنية المختلفة تجاوزت مهامها واقتحمت الاعتصام وأطلقت الأعيرة النارية، مما تسبب في سقوط قتلى وجرحى أثناء فض الاعتصام وإخلاء ساحته.
وتبعاً لذلك وجه النائب العام تهما جنائية تتعلق بجرائم ضد الانسانية بحق ضباط وعناصر من الدعم السريع، لدورهم في فض اعتصام القيادة العامة.
أين؟
الفجوة النفسية
من مجريات الأحداث بدأ لدي البعض وكأن عناصر الدعم السريع التي تم إستخدامها في فخ فض الإعتصام، قد رتب لإختيارها بعناية من عناصر غير مكتملة التدريب، للمشاركة في إزالة بؤرة “كولمبيا” القريبة من ساحة إعتصام القيادة، التي إتخذت ذريعة لإستقدام القوة، وستاراً لتمرير مخطط بعيد نجح الي حد كبير في خلق الفجوة النفسية القائمة الي الآن علي الأقل.. بين قوي الثورة وقوات الدعم السريع.
متي؟
من يوغر الصدور؟
أما من حيث التوقيت فليس صدفة أن حدوث مجزرة فض الإعتصام.. في فجر آخر يوم من أيام شهر الصيام، علي ابشع طريقة وصورة.. لا يقبلها عقل راشد، ولا دين قويم.. حرص المنفذون أنفسهم علي توثيق أقسي فظاعاتها بالصوت والصورة الحية، قبل بثها علي دفعات توغر الصدور وتلهب النفوس كلما هدأت ثائرتها.
من؟
ثمانية وتاسعهم إنقلاب
أشار تقرير لجنة النائب العام الي إن ثمانية ضباط على الأقل سيتهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لدورهم في ما وصف بالقتل الجماعي للمتظاهرين.
وقطع رئيس لجنة التحقيق فتح الرحمن سعيد في مؤتمر صحفي آنذاك أن ضابطاً برتبة لواء وآخر برتبة عميد قادا عملية الفض.
لكن وصف حميدتي في حوار” الاندبندت” عملية فض الإعتصام بأنها إنقلاب، أو مقدمة لإنقلاب..ربما تعيد الي الأذهان سيرة الإنقلاب الفاشل الذي اتهم بتدبيره رئيس هيئة أركان الجيش السابق الفريق أول هاشم عبدالمطلب، لتزامن ساعة صفره المفترضه مع سيناريو فض الإعتصام، ولكي تصبح عملية الفض ببربريتها و وحشيتها الصادمة مسوغا يشرعن ويبرر للإنقلاب الإسلامي الجديد.
لماذا؟
من بلع الطعم؟
يرى خبراء أن قوات الدعم السريع أصبحت تمثل رقما صعبا في المعادلة السياسية والأمنية في السودان، فهي كانت القوة المنتشرة في العاصمة بعد التغيير من خلال مئات الشاحنات الصغيرة والجنود المقاتلين ذوي الخبرة بأسلوب معارك العصابات وحروب الشوارع.
وأقر ضحية سرير توتو، القيادي بالحركة الشعبية لتحرير السودان وممثلها بالشرق الأوسط لـ”إندبندنت عربية” أن إنقلاب الدعم السريع على البشير أوجد للقوة قبولاً كبيراً في الشارع السوداني وحتى بين قيادات الاحتجاجات، وبأيدي المحتجين كانت صور قيادات الدعم السريع مرفوعة داخل الاعتصام، لكن أنتهي بهم الحال الآن كعدو أول للمتظاهرين.
وحول الدور السياسي المتصاعد لقوات الدعم السريع، نقلت ” الاندبندت” عن المحلل السياسي ، طلال إسماعيل قوله: “قوات الدعم السريع الآن لها دور كبير في المشهد حاليا، تعدى الدور الأمني والعسكري ليصل إلى الدور السياسي الصريح، باعتبارها القوة التي قامت بحماية المعتصمين وكانت تجد تأييدا كبيرا منهم خلال الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش، لكن لاحقا أصبحت هذه القوات تجد انتقادات لاذعة من المعارضة وقوى إعلان الحرية والتغيير، على اعتبار أن فض الاعتصام ربما كان العامل الرئيس وراء القطيعة بين المعارضة وقوات الدعم السريع.
تري هل عوقب الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” من قبل الدولة العميقة التي يحملها الآن مغبة “فض إعتصام القيادة” علي إنحيازه الحاسم لخيارات الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة، بدق إسفين أفسد صورته في نظر الكثيرين؟.
ومن بلع طعم الدولة العميقة المفخخ “حميدتي” أم الثوار، أم كلاهما معاً؟.
ومن أي النبال رمت “الدولة العميقة” هذين العصفورين بحجر واحد في النهاية؟.

نشر في (الصيحة) مارس الماضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى