قادة الإنقاذ بالخارج.. الهجرة بأمر الثورة

 

كتب: صلاح مختار

يبدو أن معظم قادة الإنقاذ فوجئوا بالتغيير الذي حدث في أبريل (2019) بالبلاد, وربما البعض قرأ المستقبل جيداً بأن حكم الإنقاذ قد دنت نهايته، وبالتالي آثر الرحيل من البلاد قبل قيام الثورة.  إلا أن البعض الآخر ظل في الداخل حتى سقطت الحكومة وسقطت معها أحلام الثلاثين عاماً، ثم بدأ التفكير في تكييف نفسه مع الوضع الجديد سواء بالداخل أو الخارج. بعض المصادر أكدت أن قادة الإنقاذ وخاصة الذين في الحركة الإسلامية كانت لديهم خطة محددة للتعامل مع الوضع الجديد مثلما التي توضع تحت مسمى الخطة (أ.ب. ج)، حيث يتم تنفيذ الخطة بحسب مقتضى الوضع الداخلي.

وقال المصدر: هناك من تحدث عن العمل السري أو (تحت الأرض) للحركة الإسلامية, ومنهم من طرح إخراج بعض القيادات للخارج في إطار المحافظة على العمل التنظيمي والسياسي للحركة والحزب. وبالتالي هناك العشرات الذين غادروا البلاد عقب اندلاع الثورة، وهنالك عدد ليس بالقليل من نواب البرلمان السابق بالخارج.

ولكن عند التنقيب عن قيادات الإنقاذ التي غادرت البلاد أن بعضهم توجه إلى تركيا وآخرون إلى مصر وقطر، ربما للتقارب الفكري والإنساني والاجتماعي.

(الصيحة)، وقفت على بعض الأسماء التي كانت بالخارج أو التي خرجت بعد الثورة..

بدر الدين محمود.. الإنقاذ تأكل بنيها

أثارت الأخبار التي رشحت عن مُغادرة وزير المالية السابق بدر الدين محمود وعائلته البلاد العديد من التساؤلات، كما وضعت عدداً من علامات الاستفهام، خاصة أنها جاءت عقب التحقيق معه في نيابة أمن الدولة في العهد البائد حول ملابسات قرض قطري .

وتشير الأخبار أن الرجل قد صُدم بالصخب الإعلامي الذي تناول التحقيق معه من قِبل نيابة أمن الدولة في خضم حملة مكافحة الفساد، أو ما أطلق عليها (القطط السمان) حول قضية لا ناقة له فيها ولا جمل بحسب المصدر، وهو الذي عُرف بزهده في الوزارة، وتعرضه لمصاعب جمة تحملها خلال تسلمه حقيبة المالية وإعلانه في إحدى جلسات البرلمان التخلي عنها قبل إقالته.

ويصف مقربون لـ (محمود) بأنه شخصية تمتاز بالتدين إن لم نقل بالتصوف والشفافية مع تميزه بالتواضع والأدب الجم واحترام الآخرين، إضافة إلى كونه رجلاً عصامياً، وهو الذي أفصح في وقت سابق عن راتبه المتواضع في الوزارة قائلاً بأنه (13) ألف جنيه، وبعد التخفيض يقدر بعشرة آلاف بعد الخصم الذي تم للدستوريين، الرجل لم يحضر التغيير الذي جرى في البلاد، لأنه غادرها مكرهاً ليس من الثورة، ولكن من النظام الذي صُدم منه.

جمّاع.. حقيقة الاعتقال

كثير من الناس تفاجأوا بخروج آدم جماع الحاكم السابق لولاية كسلا من البلاد بل البعض اعتبره من رموز الانقاذ المعتقلين, المعارضون له كانوا يظنون ان الرجل يستحق الاعتقال لكثير من التهم التي قد يواجهها، ومنها كما قال البعض قضية مقتل المعلم محمد خير في الولاية باعتباره رئيس اللجنة الأمنية في وقتها, ولكن في الطرف الآخر هنالك من يمتدحه بأنه فعل الكثير لولاية كسلا، وكثير من القبائل فيها تكن له الكثير من الاحترام، ويبدو بعد خروجه من الاعتقال لم يطب له المقام بالبلاد، ورحل كما رحل الآخرون عن البلاد متجهين إلى تركيا.

 

ممتاز.. مفاجأة الخروج

حامد ممتاز يراه البعض من الشباب القلائل والمحظوظين خلال فترة الإنقاذ، ووصف بأنه كثير الهدوء، يظهر بنصف ابتسامة في كل الأحوال، اعتبره البعض رجل الظل بامتياز خاصة وأنه لم يظهر على السطح السياسي بصورة علنية إلا خلال السنوات الخمس المنصرمة في أعقاب تسلمه موقع الأمين السياسي بالمؤتمر الوطني. ثم اختير وزيراً لديوان الحكم الاتحادي ورئيساً لقطاع التنظيم بالمؤتمر الوطني.

وقالت مصادر صحفية إن ممتاز فرّ هارباً من السودان نهائياً إلى أسبانيا عبر الخطوط التركية، وذلك وفق ما نقلته جريدة (آخر لحظة)، حيث تفأجا بأنه ليس من الموقوفين أو الذين حركت في مواجهتهم بلاغات رغم استدعائه في وقت سابق والتحقيق معه حول قضية تمس قيادات عليا بالنظام السابق، ما دفعه لطلب تأشيرة بشكل مباشر من السفارة الإسبانية في الخرطوم . وقالت المصادر إن ممتاز غادر عبر صالة مطار الخرطوم العامة، ولم يتم اعتراضه من قبل السلطات، وكان قد أعلن مؤخراً عن تواجده في السودان ولم يهرب. وارتبطت شهرة ممتاز بزواجه من معتمد الرئاسة بولاية الخرطوم بدرجة وزير دكتورة ميادة سوار الذهب، حيث أثارت الخطوة الكثير من اللغط في مواقع التواصل الاجتماعي السودانية، بين مبارك للخطوة، وبين منتقد لها،

 

فضل عبد الله.. تغيير الطقس

يعتبر وزير مجلس الوزراء السابق والوزير برئاسة الجمهورية الأسبق فضل عبد الله، أكثر الوزراء – كما يسميه البعض- عملًا وأقلهم كلاماً، ولكنه مهندس ومخرج العمل الخاص للرئيس السابق، ومثلما أنه يحمل الدكتوراه في إدارة الجودة الشاملة، فإن عمله كان يتصف بالجودة والترتيب والنظام، وربما لتلك الأسباب كان اختياره للموقع الحساس بالقصر. وخلال البحث ليس لديه أكثر من سيرته التي تتفرع بين القصر ومجلس الوزراء، ويقول عنه أحد المقربين منه إنه دقيق في عمله ومنظم منذ أن كان موظفاً بديوان الضرائب، حتى تدرج إلى مدير إدارة عامة، ثم وزير دولة بوازرة التجارة 14 يوليو 2010 م ــ 8 ديسمبر 2013 م . ثم وزير دولة برئاسة الجمهورية 8 ديسمبر 2013 م ـ نوفمبر 2015م . ولأن للثورة أحكاماً لا يحكمها قانون أو دستور،  فإن ما ينسحب على قادة النظام السابق ورموزه، فإنه ينسحب عليه، ورغم أنه لم يرد اسمه مع قادة الإنقاذ، فإن الاجواء الملبدة بعد ثورة التغيير أثرت فيه ليولي وجهه الخارج لعله يطيب له المقام.

مطرف صديق.. رجل المهام

تنبع أهمية سفير السودان لدى الاتحاد الأروبي حتى عام 2016  السفير مطرف صديق من خلال المواقع التي تقلدها خلال فترة الإنقاذ، ورغم أن تخصصه الجامعي بأنه طبيب، إلا أن السياسة أبعدته من مجاله وتخصصه لتلقي به في بحر السياسة، وفي فترة الإنقاذ شغل العديد من المواقع بين العمل التنفيذي والسياسي والإنساني والأمني والدبلوماسي، حتى وصل درجة وزير الخارجية في الفترة الأخيرة، والرجل يمسك بكثير من الملفات الخاصة والخطيرة ويصفه البعض برجل المهام الخاصة في الإنقاذ, ونقل مطرف للعمل خلال فترة الإنقاذ الأخيرة للعمل في الخارج ببعثة السودان في الاتحاد الأروبي وعُرف عنه عدم ميله للظهور في أجهزة الإعلام أو الإدلاء بأي تصريحات صحفية، وكثيراً ما يستخدم عبارة (حنورّيكم في وقتو) لتفادي ملاحقة الصحفيين له. لم يتواجد خلال اندلاع ثورة أبريل بالبلاد، وفضل أن يستقر في أروبا وخاصة بلجيكا.

عمار باشري.. خرج ولم يعد

يصفه المقربون منه بأنه حاد الطبع، ولكن عمار باشري مسؤول التعبئة السياسية بالحزب في آخر تشكيل، ومن كلامه وتصريحاته أنه قال أمام قيادات الحزب من يرفض قرارات الحزب عليه التنحي ويعلن موقفه، وكان من مساندي عملية الإصلاح ويقف بجوار بعض القيادات التي كانت تدعو لعدم ترشيح البشير, ودخل باشري في خلافات مع حكومة التغيير إبان توليه منصباً بوزارة التعدين عندما تم إعفاؤه من موقعه بالوزارة، حيث قال إن قرار إعفائه من منصبه كنائب لمدير شركة الموارد المعدنية السودانية ليس من اختصاص وزير النفط والمعادن، ولا من مستشاريه من قوى الحرية والتغيير.  مشيراً إلى أنه بصدد رفع الأمر للمحكمة المختصة لامتحان شعارات الحرية والعدالة. ربما الرجل بعد هذا وجد أن الأجواء غير مواتية للعمل السياسي أو التنفيذي أو غيرهما، وإذا مكث أكثر من ذلك فالعواقب لا تحمد عقبها. ولأنه غير مطلوب للعدالة، خرج ولم يعد حتى الأن متوجهاً إلى مصر.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى