(الشهداء) .. لم يُسدل الستار بعد

 

تحقيق/ محيي الدين شجر

قرابة العام ولا يعرف أحد من هم  الذين تورطوا في قتل شهداء ثورة ديسمبر المجيدة.. التي انطلقت  في مثل هذا اليوم (السادس من أبريل) من العام الماضي 2019 متجهة صوب ميدان القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة .

ولا أحد يعرف حتى الآن متى سيتم تقديم المتهمين إلى المحاكمات العادلة وفي أي تاريخ ..

لقد أظهرت أسر شهداء الثورة السودانية صبرًا جميلًا في انتظار رؤية القتلة أمام المحاكم ورغم مرور تلك الشهور لا يزال هذا الملف محلك سر …

الشهداء

أعلنت لجنة أطباء السودان وقتها أن ستة ثوار سقطوا شهداء في يوم السادس من أبريل   2019 ثم توالى سقوط الثوار مقدمين أرواحهم رخيصة في سبيل التخلص من نظام الرئيس المخلوع عمر البشير ..

لتصل أرقام الشهداء وفق ما كشفت عنه نقابة أطباء السودان الشرعية إلى 115 شهيداً وإصابة أكثر من 300 شخص جراء فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش في 3 يونيو/ 2019م. وما تلا ذلك من أحداث ..

مصير مجهول

ورغم مرور كل تلك الفترة، إلا أن مصير شهداء ثورة ديسمبر ظل مجهولاً على الأقل حتى الآن رغم التظاهرات التي ظلت تخرج بين الفينة والأخرى تطالب بالقصاص من القتلة مرددة (الدم قصاص الدم ما بنقبل الدية) (الدم قصاد الدم لو حتى مدنية) دم (الشهيد ما راح لابسنو نحن وشاح).

 شهداء مذبحة القيادة
لقد جسد الشاعر البشرى إبراهيم مذبحة القيادة بكلمات معبرة جياشة انسابت إلى دواخل الشعب السوداني بمفرداته التي تقطر دمًا وأنيناً  وألماً واصفاً ما تم في حرم القيادة العامة وصفًا دقيقاً.

دجينا زي ناس المسيد
وهتفنا لي دم الشهيد
واجهنا دوشكا وأربجي
شان نبني سودانا الجديد
وسط كل تلك الانفعالات الثورية طالبت قوى إعلان الحرية والتغيير بلجنة تحقيق مستقلة ورفضت العودة للمفاوضات مع المجلس العسكري الانتقالي إلا بعد الموافقة على تلك اللجنة المستقلة .

غير أن المجلس العسكري الانتقالي قام بتشكيل لجنته الخاصة للتحقيق في أحداث فض الاعتصام، مؤكداً أن خطة المجلس كانت تتمثل في تطهير منطقة كولومبيا باعتبارها بؤرة إجرامية،  وأكد المجلس أن المسؤولين عن فض الاعتصام قد تم تحديدهم، متعهدًا بمحاسبتهم .
ضباط متورطين

وفي  27 يوليو 2019 أعلن رئيس لجنة التحقيق في فض اعتصام القيادة  فتح الرحمن سعيد، في مؤتمر صحفي، تسمية الضباط، بالأحرف الأولى، المسئولين عن أحداث فض الاعتصام، مشيرًا إلى أن القرار الصادر كان لتنظيف منطقة كولومبيا ولم يصدر أي قرار بفض الاعتصام.

وقال فتح الرحمن سعيد  بعد التحقيق والتحري في فض الاعتصام من أمام القيادة العامة في الثالث من يونيو الماضي، تم توجيه الاتهام لعدد من الضباط بينهم لواء، وعميد  تحت المادة 186 من القانون الجنائي المتعلقة بالجرائم ضد الإنسانية، والتي تصل عقوبتها إلى الأعدام أو السجن المؤبد.

وأشار سعيد إلى أن التحريات أكدت وجود ثلاثة أشخاص بأزياء مدنية أطقلوا النار على المعتصمين منوهًا لوجود شخصين ملثمين كانا يطلقان النار على المعتصمين.

مؤكداً أنه لم يتبين للجنة التحقيق وجود حالات اغتصاب داخل الاعتصام، أو حالات وفاة بالحرق بالنار

وأشار إلى ان التحقيق استند على 59 من الشهود بينهم عناصر من الشرطة والجيش والدعم السريع والأمن، بجانب بعض الشهود في منطقة كولومبيا، وعدد من المعتصمين .

 وبعد ساعات من صدور نتائج  هذه اللجنة أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير رفضها.

 روحنا سلبة

وأشار إبراهيم حسب الله عضو تجمع المهنيين في حديثه لـ( الصيحة)  إلى أن اللجنة التي كان قد كونها المجلس العسكري الانتقالي لم تكن لجنة محايدة، لأن المجلس كان هو المسؤول عن حماية الثوار في محيط القيادة مبيناً أنهم رفضوها لهذا السبب وطالبوا بتكوين لجنة مستقلة، وقال حسب الله إن لجنة المحامي نبيل أديب نشعر أن بها بطئاً وتماطلاً لكننا لن نترك حق الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء للثورة  وعلق قائلاً: نحن روحنا سلبة وحق الشهداء (ما بنخليه) .

لجنة تحقيق حمدوك

تحت ضغط اسر الشهداء والمفقودين وهتافاتهم  التي تذكر بدم الشهداء أصدر رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك  في اليوم الثاني والعشرين من شهر ديسمبر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة، لتتولى التحقيق في فض اعتصام القيادة العامة بالخرطوم تضم سبعة أعضاء برئاسة قاضٍ من المحكمة العليا، وممثلين من وزارات العدل والدفاع والداخلية، إضافة إلى ثلاث شخصيات مستقلة.

وحدد القرار ثلاثة أشهر سقفاً زمنياً لإنجاز مهام اللجنة، على أن يمدد لها فترة مماثلة إذا اقتضت الضرورة ذلك، وأن تعمل باستقلال تام عن أي جهة حكومية أو عدلية أو قانونية.

لجنة أخرى

وبعد شهر من قراره بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة أعلن رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، قراراً مغايرًا بتسمية  أسماء “لجنة أخرى تحت اسم اللجنة (الوطنية المستقلة للتحقيق في فض الاعتصام)

برئاسة  المحامي، نبيل أديب، وعثمان محمد عثمان، مقرراً، ومن النيابة الجنائية، صهيب عبد اللطيف مقررًا مناوباً.

وتضم اللجنة في عضويتها، عصمت عبد الله محمد طه، وخالد مهدي، إلى جانب محمد زين الماحي، وأحمد الطاهر النور.

 التشويش

وفى الوقت الذي انتظرت فيه أسر الشهداء والثوار نتائج تحقيق لجنة نبيل أديب خرج لهم بتصريح في السادس عشر من مارس 2020  نافياً ما تردد بأن اللجنة ستسلم تقريرها بشأن نتائج التحقيق وعد ذلك نوعاً من الشائعات التي تهدف إلى التشويش على عمل اللجنة.
وقال أديب في تصريح صحفي  إن التحقيقات ما تزال مستمرة، ونوه إلى أن أجل عمل اللجنة يفترض أن ينتهي في الثاني والعشرين من شهر مارس الحالي، وأضاف بأن اللجنة ستطلب تمديدا لـ(ثلاثة) أشهر أخرى، بعد انتهاء المدة الأولى، حتى تتمكن من إكمال التحقيقات بصورة شاملة.

ولقد نظم الثوار بعد 24 ساعة من تصريحه هذا  مسيرة احتجاجية تحدوا فيها قرار حظر التجمعات، تحسباً لفيروس كورونا، حيث خرجوا، محتجين على تأجيل إعلان نتائج التحقيق في فض اعتصام محيط قيادة الجيش.

معرفة الحقائق
وحول تاريخ انتهاء عمل هذه اللجنة قال التيجاني مصطفى رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي عضو إعلان الحرية والتغيير لـ (الصيحة) إن موضوع الشهداء موضوع حساس، لكن لابد من معرفة كل الحقائق المتعلقة بمن استشهدوا خلال الأحداث الماضية وخاصة الذين استشهدوا جراء فض الاعتصام وكذلك المفقودين,

وقال: حق الشهداء يجب أن لا يكون فيه أي نوع من التزييف للحقائق

ومضى قائلاً: أعتقد أن الفترة طالت مع تقديرنا لأهمية إجراءات التحقيق والحصول  على المعلومات وإعداد ضخمة من الناس تملك معلومات ولكن يفترض أن تنجز في فترة معقولة لأن عدم حسم الملف سيقود الى نتائج وخيمة وهنالك جرائم بشعة ارتكبت وبالضرورة لابد من كشفها وأي ابطاء يفتح المجال للتشكيك وأن الأوان لكشف الحقائق وتحديد من الذي ارتكب الجريمة ويعاقبوا أمام القانون ولا أحد يملك أن يقول عفا الله عما سلف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى