6 أبريل.. أدوار ومهام مركزية لبداية الصمود

 

 

الخرطوم- أم سلمة العشا

السادس من أبريل نقطة تلاقت فيها جموع غفيرة من الشعب السوداني، التحم فيها وفق إرادة قوية، مثلت رغبة انتظرها المواطن السوداني خلال ثلاثين عاماً تداعى لها الغني والفقير، والجاهل والمتعلم، اتفق الجميع على كلمة سواء فقط “تسقط بس” نتيجة دعوات صادقة دعا لها تجمُّع المهنيين السودانيين من أمام مقر قيادة القوات المسلحة للجيش مثلت اعتصاماً لأكثر من شهرين.

نجاح وفشل

نجح تجمُّع المهنيين السودانيين في أن يقود احتجاجات ضد النظام السابق برئاسة المخلوع عمر البشير، بعد أن أثبتت المُعارضة فشلها وعجزها الكامل من إعلاء وإشهار صَوتها تجاه ذات النظام على مدى ثلاثة عقود مُتتالية، استطاع البشير طوال ثلاثة عقود إخماد الأصوات المُعارضة وتشتيت رموزها، حيث انضوت تحته مجموعة من الأجسام مثلت المعلمين والأطباء والمهندسين وشبكة الصحفيين وغيرهم من الأجسام الأخرى، أفلحت في لعب أدوار قادت بشكلٍ كبيرٍ لإسقاط نظام الإنقاذ بعد حكم دام ثلاثين عاماً.

دواعٍ وأسباب

دواعٍ كثيرة ربما كانت سبباً في تهيئة المشهد السوداني، الذي كان يفتقد سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً إلى “قائد”، زد على ذلك تدهُور الأحوال الاقتصادية والمَعيشية في البلاد، إزاء كل ذلك ولجت مجموعات صغيرة غالبيتها من الشباب، تضم أساتذة جامعات وأطباء ومهندسين وغيرهم، أطلقوا على تحركهم “تجمُّع المهنيين السودانيين”، هذه المجموعات نظّمت العديد من التظاهرات ضد نظام البشير، بدأت في 19 ديسمبر من العام 2018، رسخ تجمُّع المهنيين ثقة كبيرة تجاه الشارع وأصبح مُحرِّكاً رئيسياً لكل موجة الاحتجاجات التي شهدها الشارع السوداني منذ اندلاعها، في الوقت الذي كانت تغط الأحزاب السياسية المُعارضة والموالية للحكومة في نومٍ عميقٍ ولم تحرِّك ساكناً فيما يدور في الشارع.

عمل تكتيكي

طيلة اندلاع الاحتجاجات التي شهدها الشارع السوداني عام 2018م، أصاب الحكومة درجة من الغليان في عدم الكشف عن الجهات المنظمة للاحتجاجات والتي تُدير العمل التكتيكي لها، ما جَعلها تُقلِّل من هذه الاحتجاجات وعدم تأثيرها على النظام، في المُقابل تعاملت الجهات المُنظّمة للتظاهرات وتسيير المواكب بسريةٍ تامةٍ في الكشف عن مَن الذي يقود تلك التّظاهرات، وحينما اشتدت التظاهرات بدأت تتكشّف الحقائق عَن مَن الذي وراء كل ذلك، في ظل تعتيم على أعضائه وهيئاته لأسباب أمنية…

بداية التجمُّع

كانت البداية لتجمُّع المهنيين السودانيين، ذلك الجسم التحالفي المهني المُستقل، تكون في أكتوبر عام 2016 بكتابة أول ميثاق للمهنيين بين ثلاثة مُكوِّنات وهي لجنة أطباء السودان المركزية وشبكة الصحفيين السودانيين وتحالف المحامين الديمقراطيين، وتم الإعلان عنه بشكلٍ رسمي في منتصف 2018، بعد ذلك انضوت تحته مجموعة من الأجسام المهنية، أعلنت دعمها للتجمع في انتظار الانضمام الرسمي شملت شبكة الصحفيين السودانيين، لجنة المعلمين السودانيي ، لجنة أطباء السودان المركزية، تجمُّع أساتذة الجامعات، وغيرها من الأجسام المهنية، بدأ التجمع بإطلاق دعوات لسلسلة تظاهرات ومواكب في مُختلف مُدن وقُرى السودان بالتحرك تجاه القصر الرئاسي، وكانت الاستجابة واسعة من قِبل المُواطنين، ومع ذلك قبلت الحكومة التجمُّع بالتشكيك واتّهمته بالعَمَالة للخارج، لكن ذلك لم يمنع عدداً كبيراً من السُّودانيين من الالتفاف حَوله، وتأييد مطالبه بالتغيير.

استجابة سريعة

استمرّ تجمُّع المهنيين في تقديم دعوات للخُرُوج في مَواكب وتسيير تظاهرات سلمية، في المُقابل كانت الاستجابة سريعة من قبل المُواطنين، في الضغط والمُطالبة الأساسية بالتنحِّي الفوري للبشير دُون شروطٍ وتشكيل حكومة انتقالية من كفاءات وطنية لأربع سنوات، وقف الانتهاكات وإلغاء القوانين المُقيّدة للحريات، كل ذلك قاد كل جسماً لتنسيق العمل وفق منصة متفق عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منها تم تحديد نقطة للارتكاز والتجمع أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في السادس من أبريل 2019، باتفاق كامل مع التحالفات السياسية المُعارضة التي وقّعت على الوثيقة وباتت جُزءاً من تجمُّع المهنيين وهي قوى نداء السودان، وقوى الإجماع الوطني، والتجمع الاتحادي المعارض.

أدوار متكاملة

لجنة المعلمين جزء مهم وفعّال جداً في تجمُّع المهنيين السودانيين، أسهم بشكل كبير في السادس من أبريل، وذلك عبر تنسيق محكم كشفت عنه عضو لجنة المعلمين قمرية عمر في حديثها لـ(الصيحة) من خلال مكتب مخصص باسم الفعاليات، ويضم إلى جانبه مكتباً صغيراً أطلق عليه “الميدان” يشتمل على ممثل لكل الأجسام التي تنضوي تحت مظلة تجمع المهنيين، بكل محلية من محليات الخرطوم، وقالت قمرية إن المهام التي تقع على عاتق المُمثلين عبر المكتب تتعلّق بالتنسيق مع مُمثلي المعلمين في المحليات، وكشفت أن التحرك كان يتم عبر خرطة مرسومة تحدد المكان والزمان لكل الممثلين وكذلك تحديد زمن الانطلاق، وأشارت إلى وجود ترحيل لكل المعلمين الممثلين لمناطقهم، وقالت قمرية إن الدعوة للتجمع والاعتصام في السادس من أبريل أمام القيادة العامة للجيش اختلف عن بقية الدعوة للمواكب وتسيير التظاهرات التي بدأت منذ البداية،  الإعلان عن الترتيب كان أكبر كما احتوى على وضع الملصقات والكتابة على الجدران الحائطية، وبعثت قمرية رسالة فيما يتعلق بالاحتفال بذكرى (6) ابريل تزامناً مع التحوطات الاحترازية الوقائية من خطر فيروس كورونا، بأن يتم بطرق مختلفة كرفع الأعلام في المنازل، ويتم التوثيق عبر صفحات التواصل الاجتماعي، ويجب عدم الخروج في مواكب حفاظاً على صحة الجميع. وكشفت عن نقاش داخل اللجنة لكيفية الاحتفال بذكرى السادس أبريل بخلاف التجمعات والخروج في مواكب.

تكتيك وصمود

أدوار وجهود جبّارة، ظلت تلعبها لجنة الأطباء المركزية في السادس من أبريل، بحسب الصفحة الرسمية للجنة، تمثلت في اقتراح تكتيك الصمود في وجه “الكجر” وبناء المتاريس العالية ونثر كميات معتبرة من الدبابيس والمسامير المُثبتة على الأخشاب، وحماية المُتظاهرين لبعضهم البعض من الأذى والاعتقال والدفاع المُستميت من أجل سلامة الثوار، وارتداء واستخدام الأدوات والمُعينات الواقية من البمبان، ووضع أعداد كبيرة من الشباب والصبيان على أسقف المنازل والبنايات العالية لحصب الكجر بالحجارة وتصوير الأحداث،  وتوحيد الهتاف للثوار وذلك بقيادة الصفوف الأولى للموكب.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى