الوبائيات عقاب وابتلاءات

 

منذ أن نشأت الخليقة نشأت معها الأمراض والوبائيات،  وفتح الله على بعض البشر أن يكونوا أطباء يعالجون. هناك أمراض علموها وعرفوا علاجها وأخرى خفي عليهم علاجها، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكد أن لكل داء دواء إلا السام وهو الموت. وفي القرآن الكريم قص الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد قصصاً كثيرة لبعض الأمم السابقة، والابتلاءات التي ابتُليت بها كعقاب مثل انتشار القمل والضفادع والبعوضة الصغيرة التي سلّطها الله على النمرود بن كنعان الذي ادّعى الألوهية وبالرياح كما حصل لعاد، وبالماء كما حصل لفرعون وجنده.

وفي صدر الإسلام ابتلى الله الناس بالطاعون الذي فتك بالأمة، وما أشبه كرونا بذلك المرض. إذن يجب أن نفهم أن هذه الوبائيات هي آيات وجند لله. ولله جند السموات والأرض يرسلها ابتلاءً ويرسلها إلى آخرين عقاباً. ولا ندري هل نحن مبتلون أم مُعاقَبون؟ لا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يُدلي  بإجابة مُحدّدة ليقول إن المسلمين مبتلون والآخرين معاقبون. ولكن بلا شك أن ربنا يرسل آياته للتخويف للإنابة والطاعة، ولكن إذا عمّ الخبث فإنه يأخذ عباده أخذ عزيز مقتدر. والآيات الدالة كثيرة وواضخة للعيان والبيان لمن يريد أن يتذكّر ويتدبّر. السؤال لماذا أخذ الله الأمم السابقة بالسنين والقحط ونقص الثمرات والضفادع والقمل والطوفان، وريح صرصر، ولم يفعل ذلك في حالة الكرونا؟ عالم اليوم هو عالم العلم والتطور والبحوث والاكتشافات في شتى المجالات خاصة في مجال طب الفايروسات ورغم دقتها حيث بعضها لا يُرى بالعين المجرّدة، ومع ذلك فإن العلماء أبحروا فيها. ووقع على عيني في الوسائط الإعلامية أن أحد علماء السودان وهو البرفسور الأمين إبراهيم حجر كانت إحدى دراساته العليا وفي أمريكا في سبعينات القرن الماضي عن فيروس كورونا، معنى ذلك أن هناك معرفة كاملة بالمرض، ولكن ما خفي هو الدواء له. وهنا يحضرني حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل: (أُمِرتُ أن أُخاطِب الناسَ على قدر عقولهم). وإذا كان الأمر من الله بمخاطبة الناس على قدر عقولهم، فمن باب أولى أن الله سبحانه وتعالى سيخاطب الناس على قدر عقولهم. وهكذا كانت عقول الناس في الأمم السابقة ترى بالعين المجردة البحار والرياح والضفادع وتعلم أنها يمكن أن تهلك بها. وهكذا ذكر الله الدواب التي يستفيد منها الإنسان في الركوب كالجمال والخيل والحمير والبغال، ولكنه بدل أن يذكر الطائرات في نهاية الآية.  ويسأل عنها الناس ويشرحها لهم من أي شيء تُصنَع وكيف تطير ربما لا يصدقه البعض وتحصل الردة. ولكنه ختم الآية ويخلق ما لا تعلمون. ففي المستقبل جاءت الطائرة وربما في قادم الأزمان تأتي آية لا نعلم كنهها الآن يركب فيها الناس متطوّرة أكثر من الطائرة. فمرض الكرونا هو آية لعصر العلم والبحوث والاكتشافات، وتحدٍّ للعلماء وتأكيد للآية الكريمة (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). سبحان الله. بدليل أنهم لم يستطيعوا الحصار عليه، ولم يهتدوا إلى الدواء إليه. فهو بالفعل مرض ولكنه آية من آيات الله للتذكّر والتدبّر والإنابة لله إذا كان هناك ضال ليؤوب، وإذا كان هناك غير مؤمن ليتوب. أما نحن كدول إسلامية بكافة امتداداتنا ودولنا شعوباً وحكاماً ألم نسأل أنفسنا أين نحن من الله سبحانه وتعالى؟ ألم نسأل أنفسنا عن الفرائض التي ضيّعاناها والسنن التي نسيناها؟ ألم نسأل أنفسنا عن الجرأة على الله وانتهاك حرماته وشريعته. أخشى أن تنطبق علينا الآية الكريمة (نسوا الله فأنساهم أنفسهم).

إن معظم الدول الإسلامية حذفت من مناهجها القطعيات الشريعية، وتلاعبت بالأسس الأساسية الإسلامية ودخلنا مع جماعة الإلحاد والعلمانيين جُحر ضبّهم الذي حذّر منه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. كورونا آية من آيات الله في الآفاق (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). قال تعالى.. (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا). صدق الله العظيم. سورة الطلاق الآية ١٢ الاية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى