لماذا لا نُعطي هذه الحكومة فرصتها؟!

كعادة الشعب السوداني وكعادة سياسييه، فقد بدأ البعض في فقدان الثقة في الحكومة، يرى وكأنها فشلت في تحقيق أهداف رفاهيته وسعادته التي ينشدها. هذا من ناحية الشعب .. أما عن السياسيين فحدّث ولا حرج. كل حزب بما لديهم فرحون.  وعلى كل من يخالفهم يغضبون ويزجرون وفي السر والعلن يشتمون. وهكذا دواليك حتى تسقط الحكومة التي أمامهم وكل عام يرذلون. كلما دخلت أمة لعنت أختها. لسبب بسيط أننا لا نقدّر أوجه الخلاف بيننا. يجب أن نعتقد جازمين أنه لابد من الاختلاف. ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم. ثانياً دائماً نحن نختلف مع الحكومة ونعارضها لا لنصلحها وإنما لنسقطها. ثالثاً كلما اختلفنا مع جهة نحس ونُحسّس عضويتنا أنها جاءت لتقلعنا من فوق الأرض حتى نصبح في باطنها. رابعاً إن لم تتبنّ الحكومة أيدولوجيتنا فإنها كافرة ومُلحدة (وبت كلب كمان). 

خامساً سياستنا سياسة النفس القصير. حزب يغضب يتآمر فوراً ليقلب الحكومة، حزب آخر وحتى يُشبِع رغبته يُصبح عميلاً لدولة أجنبية فيعمل ضد حاضر ومستقبل وطنه وأهله. 

هذه وغيرها من الأسباب هي التي بها أسقطنا معظم حكوماتنا الديمقراطية والانتقالية. إذا اتفقنا أن الأنظمة الديكتاتورية مرفوضة من الأساس. والآن حكومة الدكتور حمدوك تمضي في ذات المصير الحجل بالرجل، ليس من جرم ارتكبته، ولكن من ضيق ماعون الملل والسأم والأجندة الحزبية الضيقة والعمالة الأجنبية. وإلا ما هذا النقد والذم الذي تواجهه هذه الحكومة، وهي وليدة لا زالت في المهد ولم تبلغ شهرها الثالث بعد. ويُحمّلها المتربصون والمتحزبون وزر ثلاثين عاماً، مع علمنا أن الحكومة مُقصّرة في بعض سياساتها ونقدناها في وقتها، ولم نستحِ من ذلك، وأملنا في التقويم وليس التقويض. السؤال إلى  متى تنتهي هذه الدوامة التي لا يتصف بها إلا السودانيون وأردتهم كل هذه المهالك. إن أردنا أن نصلح من شأن بلادنا علينا تغيير هذا السلوك السياسي والملل الشعبي. أولاً، نصبر ونصابر ونعطي هذه الحكومة الفرصة الكاملة مع النصح والتقييم والتقويم. وعلى الحكومة أن تفهم أنها حكومة انتقالية وليست انتخابية، وهناك فرق كبير بين النظامين، كل له مهامه ووظائفه، بمعنى ألا تتدخل في القضايا التي تنفذها الحكومة المنتخبة. لا داعي لإثارة الناس بقضايا ليس من شأنها أن تقوم بها. 

 ليست لها علاقة بالمناهج وتغييرها أو تعديلها، ليس لها علاقة البتة بطرح القضايا الدينية لا سيما الخلافية حتى لا (تقوم عليها النَّفَس). وإني لجد متأكد أنها إذا أثارت مثل هذه القضايا فلن تصمد، والخاسر هو الوطن والمواطن. هذه المرحلة هي مرحلة الكياسة والحكمة والحنكة، وليست مرحلة إبراز العضلات وتطويل الألسنة بالادعاء من غير طائل. مرحلة الوقوف في وجه التحديات وعدم النظر إلى ما دون أرنبة الأنف. وهذا لا يتأتَّى إلا بتكامُل الأدوار والتجاوُز والتغافُل عن بعض ما يقوله ويفعله محدودو التفكير، والجهلاء الذين ينعقون بما لا يعلمون. وأصحاب الأجندات الدولية العملاء، وهم يعرفون بعضهم البعض كما يعرفون أبناءهم. هذا أو الطوفان.

 والله أعلم، وهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير، إنه نعم المولى ونعم النصير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى