إنتاج الذهب .. الواقع والمأمول

 

الخرطوم: الصيحة

دعا  محللون اقتصاديون  إلى عدم التعويل كثيرًا على إيرادات الذهب وإدخالها في الموازنة العامة، مشيرين إلى الانخفاض الكبير في إنتاجه في السنوات الأخيرة، وهو إنتاج لا يرقى الى تصنيفه كإنتاج صناعي. وأكد خبراء أن النظام السابق كان قد عول كثيراً على الذهب ليسد عجز إيرادات عائدات نفط الجنوب في الموازنة العامة، إلا انه لم يفلح في ذلك، لجهة الإنتاج الضعيف للذهب التي لم ترق لمرتبة الإنتاج الصناعي.

ويقول مراقبون للشأن الاقتصادي إن واحدة من المشاكل الرئيسية للاقتصاد السوداني تتمثل في أن إيرادات الميزانية المربحة سابقاً لا تحقق الربح المخطط  له اليوم، منوهين في السياق  إلى صادرات الزراعة  وأنواع الصادرات الأخرى وبشكل منفصل الدخل من بيع الذهب. مضيفين بأن ما يحدث الآن في هذا القطاع ما هو إلا استنزاف للمناجم  بدليل أن الشركات تغادر السوق مدركة أنه لا توجد أحجام إنتاج صناعي في السودان، وأن تلك الاحتياطات التي كانت تستخدم بنشاط من قبل النظام السابق قد تم استهلاكها قبل عام 2017.

منوهين إلى أن  التقارير الدولية لشركات الاستكشاف الجيولوجي ليست في صالح السودان وأن  السودان ليس مدرجًا حتى في البلدان الخمسة عشر الرائدة، ويشكل جزءاً صغيرًا من احتياطيات الذهب، والتي لم يتم ذكرها حتى في الإحصائيات.

ودعا الخبير الاقتصادي دكتور محمد الناير إلى ضرورة اهتمام الحكومة بالذهب وتعدينه، مشيراً إلى أن  إدارة الذهب في عهد النظام السابق  كان يشبه السمسرة لتسويق تلك المربعات لشركات في الداخل أو الخارج مشدداً على أن ضبط قطاع التعدين يتطلب التعامل بحسم خاصة أن الذهب أحد أهم الموارد للخزينة العامة، مؤكداً أهمية عدم التهاون من السلطات في ضبط القطاع، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن هناك 80% من الذهب مهدرة ولا يستفاد منها وتحتاج سياسات تتمثل في إنشاء بورصة والرقابة . وأشار أيضاً إلى ضرورة تحريك قطاع المغتربين الذين لا تتم الاستفادة منه، ضمن منظومة إصلاح اقتصادي سريع تشمل القطاع الزراعي والثروة الحيوانية والصادر.

ويقول مراقبون إن الشواهد تشير إلى أنه إلى الآن لم يتم  إدراج السودان ضمن 15 دولة التي تتمتع بفرص جذابة لاستخراج الذهب  بشكل صناعي عالمياً. مضيفين بأن ذلك يبدو جلياً  من خلال الحقائق التي  تبدت في عدة مظاهر  أولها استنزاف موقعين  للاستخراج فعلاً  بجانب أن هناك شركات تبيع الأصول  بثمن بخس من أجل الخروج  من السوق،  وهناك الشركات التي لم تتمكن من جذب الاستثمار لتطوير مواقع الاستخراج السودانية منذ عدة سنوات بسبب استحالة التنبؤ بالأحجام.

واعتبر محلل اقتصادي الحديث عن وجود احتياطيات من الذهب كبيرة أمراً مبالغاً فيه، مشيرًا إلى أن النظام السابق استخدم إمكانيات تطوير الموارد المعدنية  بدون كفاءة واستغل  فكرة “ذهب السودان” كأداة لجذب أموال الاستثمار.

ويختتم المحلل الاقتصادي بالقول إن “ذهب السودان” لا يعد غير أنه  (فقاعة صابون كبيرة) أطلقها  النظام السابق، وقام بتغذيتها لهدف اقتصادي وهو امتصاص صدمة خروج موارد نفط الجنوب بعد انفصاله من الموازنة العامة البلاد، فتوهمت بديلاً لها وهو اكتشاف الذهب والذي أظهرت الآن استكشافات الدول المتقدمة  مثل روسيا وفرنسا والصين ومسحها

الجيولوجي  أن السودان ليس لديه موارد جذابة تكفي لاستخراج الذهب على نطاق صناعي وهي حقيقة يصدقها الواقع الاقتصادي الذي يتجه نحو الأفضل رغم أرقام إنتاج الذهب التي نطالعها بين الفينة والأخرى.

عموماً فإن الشواهد والقرائن تشير إلى أن عجز الموازنة يعود  إلى أن إيراد موارد الذهب قد توقف عن الدخول في الميزانية فقد انخفض تعدين الذهب بسبب نفاد معظم المخزونات التي تم استخراجها بنشاط في ظل النظام السابق  مما يؤكد أن  احتياطيات الذهب اليوم  ليست كبيرة عطفاً على  ما أكدته البحوث الدولية للتنقيب الجيولوجي وهو أمر أكده بدوره خروج  الشركات القديمة ومغادرتها السودان،  أما الشركات الجديدة فإنها لا ترى آفاقًا للتنمية لعدم وجود إنتاج صناعي للذهب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى