مُحاولة اغتيال حمدوك.. يومٌ طويلٌ في الخرطوم

 

الخرطوم- مريم أبشر- أم سلمة العشا

انحرف المسار المُعتاد لرئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك أمس، عن خَط سيره المألوف من مقر إقامته بحي كوبر في الخرطوم بحري “السكن السابق لمدير جهاز الأمن والمخابرات” إلى مجلس الوزراء بالخرطوم، حيث كان القدر يُخبئ مُفاجأة في أقرب طريق.

ولم يكن يتوقّع حمدوك الذي جاء لرئاسة وزراء حكومة الفترة الانتقالية على أعناق ثُوّار ديسمبر 2018م، أن يَترصّد به أحدهم في مُحاولة لإردائه قتيلاً عبر تفجير ووابل من الرصاص، لكن الأمر حَدَثَ وهو يقوم بواجباته اليومية أمس، حيث تعرّض موكبه إلى اعتداءٍ عند كوبري القوات المُسلّحة من ناحية الخرطوم بحري، في واقعةٍ نادرة الحُدُوث أو غير مسبوقة على الإطلاق في تاريخ السياسة السودانية، الأمر الذي أوجد ردود فعل واسعة مُندِّدةً بالمسلك الغريب، وشهدت الخرطوم أمس واحداً من أطول أيّامها بعد الإعلان عن الحادثة.

بالرغم من ذلك، باشر حمدوك، مهامه بشكلٍ عادي بعد تعرُّضه لمُحاولة الاغتيال الإرهابية الفاشلة.

موقفٌ بطوليٌّ

سائق التشريفة (الموتر) العريف بهاء الدين إدريس، الوحيد الذي أُصيب في الموكب، روى لـ(الصيحة) تفاصيل الانفجار، ورغم إصابته بعد سقوطه من الموتر، إلا أنه استطاع النهوض وقيادة الموكب إلى وزارة الدفاع, حيث كان رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ينتظر رئيس مجلس الوزراء لاجتماع مُعدٍ له مُسبقاً.

حمدوك فور وصوله لمجلس الوزراء، ترأس اجتماعاً طارئاً واستثنائياً بحث تداعيات الحادث، وعقد أيضاً اجتماعاً بالمجلس مع قيادات قِوى الحُرية والتّغيير، وَشَارَكَ في الاجتماع الاستثنائي لمجلسي السيادة والوزراء، فَضْلاً عن اجتماعٍ آخر لمجلس الدفاع والأمن المُشترك.

وأكّد الاجتماع الطارئ، أهمية المُحافظة على رُوح وأهداف الثورة والمُضِي بثباتٍ في تحقيق أهدافها وبإدراكٍ كاملٍ لحجم التضحيات، وأنّ ما حَدثَ لن يفقد الثورة التركيز على إنجاز مهامها.

مُواصلة العمل

وقال حمدوك، إنّه لا بُدّ من مُواصلة العمل من أجل تحقيق الأهداف التي نَاضَلَ من أجلها الشعب السوداني، وشدد على أنّ الثورة مهرها شباب السودان بدمائهم، وأضاف: “إنّ أرواحنا ليست بأعز من تلك الدماء”.

وَقَالَ بيانٌ من الناطق باسم مجلس الوزراء، وزير الإعلام فيصل محمد صالح، إنّ موكب حمدوك تعرّض لتفجير إرهابي وإطلاق رصاص أسفل كوبري كوبر، أثناء سيره من منزله إلى رئاسة مجلس الوزراء، وأشار لإصابة بسيطة بالكتف لأحد أفراد التشريفة إثر سُقُوطه من الدراجة البخارية، وأكّد أنّ السُّلطات الأمنية بدأت إجراءاتها للتحقيق في الحادث ومعرفة مُرتكبيه.

استنفارٌ ومُتابعةٌ

ومن جانبه، أعلن الناطق باسم قوات الشرطة اللواء شرطة حقوقي د. عمر عبد الماجد بشير، أنّ الأجهزة الأمنية وضعت نفسها في حالة استنفارٍ قُصوى ومُتابعة دقيقة للوصول إلى كشف المُخَطّط الإرهابي الذي استهدف حمدوك، وأكّد تشكيل غُرفة أزمة لهذا الغرض، ووصف المُخطّط بأنّه يهدف لجرّ البلاد نحو واقعٍ خطيرٍ ومُعقّدٍ، وأشار د. عُمر إلى تضرُّر عددٍ من المَركبات، بينها سيارتان من موكب رئيس مجلس الوزراء.

تحقيقات عاجلة

بدورها، شَرَعَت النيابة العامة في تحقيقاتٍ عاجلةٍ عبر إدارة الأدلة الجنائية بالشرطة وكل أجهزة الدولة المعنية والبحث الجنائي للقبض على الجُناة، وقالت النيابة إنّ استهداف موكب رئيس الوزراء هو استهدافٌ لكل النظام الانتقالي الدستوري، وإنه تمّ التخطيط له بصورة احترافية من حيث الزمان أو المكان.

وأكد النائب العام تاج السر علي الحبر في بيانٍ أمس، أنّ ذلك يُشكِّل جريمة ضد الدولة مُكتملة الأركان بمُوجب نص المادتين (50 و51) من القانون الجنائي لسنة 1991م وقانون الإرهاب لسنة 2001م وقانون الأسلحة والذخيرة لسنة 1986م، وقال إنّ أجهزة الدولة المُختلفة ستُواصل التحقيقات والرصد ومُواجهة أيِّ عمل إرهابي بالحزم اللازم وفق أحكام القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى