سرقات مطار الخرطوم..  من المسؤول؟

 

مصدر: تم ضبط الجاني في سرقة سبيكة ذهب

أمن المطار: العُمّال يستبيحون الصالات دون بطاقات

خطوط الطيران: السرقات تتم في مطارات بعينها

الجمارك: الخطوط مسؤولة عن أمتعة المسافرين

مسافرون: السرقات مُقنّنة  والبلاغات غير مُجدية

 

تحقيق: أم بلة النور

 

ظاهرة السرقات داخل المطارات قضية موجودة داخل أكبر المطارات في العالم رغم التطور التكنلوجي لكشف الجريمة قبل وقوعها, وكلما تطورت أنظمة الرقابة تطورت أساليب الجريمة, ومطار الخرطوم الدولي ليس ببعيد عن هذه الظاهرة، حيث تفشّت بصورة أصبحت تُقلق المسافرين..

الصيحة أجرت تحقيقاً عن السرقات التي تتم بمطار الخرطوم وخرجت بتفاصيل مدهشة.

سرقات مقننة

وفي حديث المسافرين عبر مطار الخرطوم الدولي والذين استطلعتهم “الصيحة”، أكدوا وجود سرقات، واعتبروها سرقات مقننة جداً، واستشهدوا بسرقة جزء من الأمتعة، حيث يقوم السارق بالبحث داخل الحقائب ويأخذ ما طاب له، وإغلاق الحقيبة مرة أخرى، ولا تظهر عند استلام الأمتعة إلا بعد الوصول للمنزل, وكشفوا عن سرقة جزء من ملابسهم, مما يدل على عدم وجود رقابة كافية على الأمتعة والحقائب .

وفي حادثة أخرى تقول سهام محمد عبد الله،  إنها وبعد مرور حقائبها على السير، قام العامل بحمل الأمتعة  إلى خارج الصالة، وبعد وصولنا السيارة الخاصة بنا جاء العامل، وقال لي بأن شقيقك عمر يريد الحقيبة البيضاء التي بداخلها الذهب بعد أن سمعها وهي تناديه ولتسلمه الحقيبة دون أن تكترث له لتتفاجأ بعد ذلك باختفاء العامل والحقيبة, ولأنها رأت فيه الصدق لم تهتم بالتدقيق في شكله، ولم تتمكن من وصفه للجهات المختصة, واعتبرت ذلك تقنيات جديدة في عمليات السرقة, وشددت على ضرورة وضع نظام رقابي صارم للحد من تلك الظواهر, كما حذرت من الوثوق بأي شخص في حمل الأمتعة.

وقال أحد المسافرين إلى جمهورية ملاوي، أنه فقد جهاز لابتوب داخل مطار الخرطوم، فيما قال يونس عبد الله، إنه فقد جزءاً من أمتعته الخاصة حيث قام الجاني بسحب الأزياء الجديدة دون غيرها مع إغلاق الحقيبة مرة أخرى، مما يدل على أن السارق قد أخذ متسعاً من الوقت لاختيار ما طاب له، وعاب على إدارة المطار سوء النظام الرقابي المُتّبع والذي يرى أنه تقليدي.

الأجهزة الإلكترونية

وكشف مندوبو شركات طيران عن وجود سرقات كثيرة جدًا للأمتعة وعفش المسافرين, ويُقدّر متوسط البلاغات ببلاغين كل أسبوع, أكدوا أن السرقات تتم خارج مطار الخرطوم, وأن أكثر السرقات تتم في مطارات خارجية للوجود الأجنبي الكبير في عمالة تلك المطارات, نافياً أن تكون السرقات بمطار الخرطوم نسبة لوجود مندوب من خطوط الطيران إلى جانب فرد من الجمارك يرافق الأمتعة منذ هبوط الطائرة وحتى تسليمها لصاحبها, كما يتم حصر أي تذكرة وعدد الحقائب حتى لا يتم اختلاط المسافرين مع بعضهم البعض.

وأشار موظفو شركة “بدر” لـ”الصيحة”, إلى أنمعظم السرقات تكون في الأجهزة الإلكترونية، مستشهداً باللابتوبات والهواتف النقالة نسبة لقيمتها العالية, وـضافوا أن السير يوضح أماكنها  بالحقيبة،  وأضافوا  أن جميع البلاغات التي دونت لم تصل فيها الجهات المسؤولة إلى الجاني, لتظل البلاغات مجرد حبر على ورق،  وأضاف مندوبو تلك الشركات أنهم قاموا بمخاطبة إدارة مطاري جدة ودبي بتلك الظاهرة للحد منها وزيادة عمليات الرقابة، إلا أن الحال ظل كما هو، ولا تزال الشركات تتلقى العديد من البلاغات،  رغم حرص شركات الطيران على الحفاظ على أمتعة المسافرين.

من المسؤول

فيما اتفقت  عناصر الإدارة العامة للجمارك بمطار الخرطوم والذين استطلعتهم الصيحة داخل صالة الوصول على أن السرقات تتم بالخارج وليس داخل مطار الخرطوم،  وعزوا ذلك إلى أن الإدارة تقوم بتفتيش العمال قبل وبعد وصول الأمتعة, وحمّلوا شركات الطيران مسئولية تلك السرقات، نافين ضبط أي عامل وتدوين بلاغ ضده بهذه الجريمة.

وأضاف أفراد الجمارك أنه وعند اتهام أي مسافر أو عائد وجود مخالفة في أمتعته لا يتم فتحها إلا بعد حضور صاحبها، إلى جانب مندوب من شركة الطيران، وشدد المصدر على ضرورة تغليف الحقائب، والتأكد من عدم إتلاف التغليف عند الاستلام.

تبادل اتهامات

فيما كشف مصدر أمني رفيع لـ”الصيحة” عن عدم وجود رقابة ابتداء من هبوط الطائرة مروراً بالسير الخارجي للأمتعة  (العفش), وأضاف المصدر أن التعامل مع العمال بنوع من الثقة الزائدة أكبر الإشكالات, وكشف عن قيامهم بحملة خلال العام الماضي والتي كشفت عن وجود بعض العمال ليست لديهم بطاقات تصريح تمكنهم من الدخول لصالات المطار،  إلى جانب وجود آخرين  انتهت صلاحية تصاريح دخولهم منذ العام 2018م ولم يتم تجديدها، وقالوا: (عند مخاطبة أمن المطار للشركات المختصة بالعمال كان ردهم  بأنها في مرحلة الطباعة، بيد أن الشركات العاملة في مجال الطباعة أوضحت أن البطاقات الأولى الشركات  لم تسدد رسومها ليظل العمال دون بطاقات يستبيحون الصالات دون تصاريح، ومنهم من منح تصريح سياحة ويستخدمها في الشحن والتفريغ)، وأضاف المصدر أن إدارة المطار هي السبب في تلك الفوضى، وأرجع ذلك إلى عدم وجود نظام محدد للعمل به في كافة الصالات،  وشدد على ضرورة وضع ضوابط خاصة لتقنين عمل العمال داخل الإدارات المختلفة، وكشف عن وجود فعلي للسرقات داخل المطار، مستشهداً بإحدى الحالات التي تحرى معها، حيث تم ضبط سبائك ذهب مهربة، وكان المهرب تحت رقابة الجهات المختصة بالنوع والكميات المهربة، وعند ضبطها تم اكتشاف عملية السرقة التي تمت  لسبيكة واحدة، وتم ضبط الجاني والذي كان احد العمال وتمت إحالته للتحقيق.

ويرى المصدر أن مطار الخرطوم الدولي يحتاج إلى أجهزة رقابة إضافية فضلاً عن وضع رقابة على السير الخارجي، وإضافة عناصر من شركات الطيران وضباط الجمارك داخل الطائرة على أن تتم المرافقة منذ إنزال الأمتعة وحتى التسليم مع تفتيش العاملين قبل وبعد تفريغ الطائرة للحد من تلك الظاهرة .

تدخل غير مشروع

في حديث خاص “للصيحة”، قال المدير العام لإدارة أمن الطيران بمطار الخرطوم أبو بكر صلاح دهب، إن مهام الإدارة تتركز على مجموعة من التادبير المادية والبشرية وتكريسها لحماية الطيران من أفعال التدخل غير المشروع، والتي تشتمل على عدد من الأفعال أهمها البلاغات الكاذبة والتي يعاقب عليها تحت طائلة قانون سلامة الطيران للعام 2010م ومنصوص عليها إلى جانب اختطاف الطائرات والمساعدة في الاختطاف وحمل الأدوات الخطرة داخل المطارات والطائرات, مضيفاً أن من مهام الإدارة استخراج البطاقات والتفتيش والتسوير وحراسة المطار والدوريات إلى جانب الدوائر التلفزيونية المغلقة لحفظ الأمن وحماية الركاب والعاملين وأفراد الخدمة الأرضية ومنشآت الطيران المدني وكافة الجمهور داخل المطار وفقاً للمنظمة الدولية للطيران المدني .

تغطية غير مكتملة

وكشف أبوبكر عن وجود تمثيل لجميع العناصر الأمنية داخل المطار، وقال: لا يوجد أي نوع من التقاطعات في الاختصاصات، لافتًا إلى إنشاء نيابة خاصة داخل المطار مع وجود ترتيبات، لأن يُكوّن جسم خاص خلال الفترة القادمة، وعزا تلك الخطوة لتسهيل مهمة المتابعة على دائرة الاختصاص مقارنة بعدد البلاغات التي تُدوّن،  مشيراً إلى أن النظام الرقابي الإلكتروني هو أفضل نظام رقابي،  وتستعين به النيابة في الكشف عن عمليات السرقات والتي اعتبرها كثيرة جداً تتم داخل المطار، وهناك سرقات أخرى تتم بالخارج،  وأوضح أبو بكر أن تغطية المطار بالكاميرات تمثل نسبة 70% وسوف تتم التغطية الكاملة خلال الفترة القادمة،  وتغطية الصالات فهي بنسبة 100%،  نافياً أن تكون هناك منطقة مظلمة داخل مطار الخرطوم، مستشهداً بالكاميرات التي تغطي جميع الصالات.

إقرار مشفوع

وفي ذات الاتجاه، أقر مدير أمن الطيران أبوبكر دهب باستمرار العمل بالبطاقات والتصاريح منتهية الصلاحية نسبة لوضع نظام وضوابط جديدة لاستخراج البطاقات، حيث وجهت إدارة المطار بتقليل البطاقات والتصاريح الممنوحة للأفراد والجهات الاعتبارية،  وأرجع تلك الخطوة إلى الإشكالات التي تنتج عن العدد الهائل من حاملي التصاريح داخل الصالات لأشخاص ليست هناك ضرورة لوجودهم،  وتكون هناك صعوبة في السيطرة عليهم،  مما أدى إلى اتخاذ قرار بمنع استخراج بطاقات العلاقات العامة من قِبل إدارة مطار الخرطوم.

غرفة البث

وقام مدير أمن الطيران باصطحابنا إلى غرفة البث لكاميرات المراقبة داخل المطار، وقال: مهندسو البرمجة للصيحة إنهم يتلقون أكثر من 15 طلباً في اليوم من نيابة المطار لمشاهدة كاميرات المراقبة، وتسليم مقاطع خاصة بعمليات السرقة،  وكشفو عن وجود  عمليات سرقة تتم بالخارج، مستشهداً بسرقة ( 9) هواتف مع وجود صناديق تلك الهواتف داخل الحقيبة،  وعند مراجعة الكاميرات لم تظهر ليكتشف الشاكي أن السرقة تمت بأحد المطارات بالخارج.

رد مطار الخرطوم

تحدث لـ (الصيحة ) مصدر مسؤول بمطار الخرطوم ــ فضل حجب اسمه،  كاشفًا عن تدوين 74 بلاغ سرقة أمتعة ركاب بمطار الخرطوم في الفترة من 1/1/2019 وحتى تاريخ 4/3/2020 وقال  إن التحريات  التي أجرتها السلطات  حول السرقات التي تتم لأمتعة الركاب  من خلال تتبع كاميرا المراقبة لحظة وصول الأمتعة بالطائرة ونقلها (للسير الكهربائي)، ثم استلامها من الركاب أثبتت أن السرقات تمت في محطات المغادرة لا مطار الخرطوم .

مضيفاً أنه لم يثبت مطلقاً أن السرقات التي تم رصدها خلال تلك الفترة  تمت بمطار الخرطوم، مشيرًا إلى وجود أجهزة متطورة لمراقبة أمتعة الركاب.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى