فساد محاربة الفساد ــ ١ــ

 

تأسست لجنة ما سمي بـ(إزالة) التمكين، ومحاربة الفساد، واسترداد الأموال على جملة من الأخطاء تتعلق باسمها، وتفويضها، وخبرات أعضائها، إضافة إلى خلل هيكلي آخر متعلق بالاستئنافات ضد قراراتها. يتولى رئاسة اللجنة – وفق نص قرار رئيس مجلس السيادة- الفريق ياسر العطا، عضو المجلس، الذي ظل غائباً مستشفياً بالخارج شفاه الله منذ أسابيع دون أن يتكرم إعلام المجلس أو وزارة الإعلام أو الصحة بإبلاغ الشعب السوداني عن حالته، وهو شخصية عامة وأحد صُنّاع القرار في البلاد. وفيما يتولى رئاسة اللجنة ضابط في رتبة فريق فإن من يتولى مهام الاستئناف ضد قرارات اللجنة ضابط في رتبة أدنى وهو اللواء إبراهيم جابر، ومن غير المعروف كيف سيستقيم أن يلغي ضابط قرارات ضابطه الأعلى.

ينوب عن الفريق العطا في رئاسة اللجنة السيد محمد الفكي سليمان، عضو المجلس، وهو ناشط طلابي وصحفي بلا خبرات إدارية أو قانونية على الإطلاق، وليس معروفاً حجم صلاحياته ومسئوليته عن قرارات اللجنة، ونوعية الاستشارات التي تقدم له وحتمي أنه إذا وُسِّد الأمر لغير أهله فإن النتيجة ستكون سيئة على هذا النحو. كان ينبغي أن يترأس مثل هذه اللجان قضاة من ذوي الخبرة والاستقامة، وأن تعتمد هذه اللجنة على مستشارين شرفاء من ذوي العقل الراجح لا شيوخ ممن كبروا بجهلهم وفتسرّبت رسائلهم مثل واحد يطالب بمخالفة القانون الذي يستمتع هو بتسهيلاته وينادي بسحب جوازات السفر وحتى الألقاب من المفصولين، وآخر ينادي بشطبهم حتى من مجموعات الدردشة والثرثرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع!

دلني الأستاذ هاشم أبو مدينة وهو خبير مصرفي ومُدوّن مثقف رصين على نصيحة الإمام الشافعي رضي الله عنه إذ قال “لا تستشر من ليس في بيته دقيق لأنه مدلّه العقل”، وقد خالف العسكريون تلك النصيحة فأتوا بمستشارين مدلهي العقل، ومن الطبيعي أن تكون قراراتهم من نوع إقالة ما يزيد عن المائة من موظفي وزارة الخارجية بشكل جماعي، وعلى أساس من الغل والتشفي كشفت عنه طريقة الإعلان، وتلاوة الأسماء بشكل علني لم تقم به حتى لجنة مجذوب الخليفة الفاسدة وسيئة الذكر إياها.

لا أحد ينكر أن التوظيف في عهد الإنقاذ قد شابه فساد كبير وهو أمر يمكن معالجته بواسطة الخبراء وليس الناشطين، وقد جاء قرار الفصل الجماعي اقتصاصاً من الأبرياء وصاحب القرار يعلم أين الجناة لكنه لا يريد الجناة بل يريد الوظائف ليمنحها لآخرين يتلهفون عليها من ذات السنخ المتهافت على الدقيق. ما ذنب خريج شاب تقدم للعمل في وزارة الخارجية، ثم قام فاسد -افتراضاًـ في لجنة التعيين بالوزارة بمحاباته وتوظيفه؟ من هو المخطئ؟ طالب الوظيفة أم متخذ القرار؟ كم من هؤلاء المفصولين كان أقل جدارة ممن تقدم للوظيفة غيره فأخذها دون وجه حق؟ إذا كان هناك خطأ وفساد في تعيين موظفين في وزارة الخارجية فينبغي أن يوجه الاتهام أولاً للوزراء الذين قانوا بتعيينهم من لدن علي سحلول رحمه الله إلى الدرديري محمد أحمد الذي ما انفك يواجه خصومه إلى يوم الناس هذا.

هؤلاء المفصولون تم تعيينهم بشكل فردي ولا يوجد منهم أحد مرتبط في عقد تعيينه بشخص آخر حتى الأزواج منهم فلماذا يتم فصلهم في خطاب واحد ولماذا لم تتم مراجعة ملفاتهم واحداً واحداً؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى