تفكيك التمكين.. مطبات وعقبات!!

 

تقرير: عبد الله عبد الرحيم

شَهِدَ أواخر العام 2019 تكوين قانون تفكيك نظام الإنقاذ والذي وَجَدَ ترحيباً كَبيراً، لجهة أنّه يأتي مُكمّلاً لأهداف ثورة ديسمبر بتفكيك الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) وأجهزته الحاكمة في الدولة بعد سُقُوط نظامهم الذي استمرّ ثلاثين عاماً.. وبناءً على هذا القانون تَمّ تشكيل لجان مُختلفة لتفكيك النظام البائد، ومن ضمن تلك اللجان لجنة إزالة التمكين ومُحاربة الفساد واسترداد الأموال والتي تَعمل في ملفات حَسّاسَةٍ، لتصفية دولة الحزب الواحد، لصالح دولة جميع السُّودانيين، فما الذي أقعد هذه اللجنة عن أداء ومُمارسة دورها رغم مُرُور أربعة أشهر لتكوينها دُون أن تحدث جديداً، وهذا يقودنا للتساؤل عن الأسباب التي أعجزت لجنة إزالة التمكين وأعاقتها من تصفية المُؤسّسات السابقة غير إغلاق الاتّحادات والنقابات التي نجحت خلالها؟

يجب التأني

وقال نائب رئيس اللجنة مُحمّد الفكي، إنّ “لجنة قانون تفكيك نظام 30 يونيو 1989 تعمل في ملفات حَسّاسة لذلك تعمل بتأنِ، وتأمل ألا تكون الخطوة تصفية للحسابات، وإنّما تصفية لدولة الحزب الواحد إلى دولة جميع السودانيين”، وأوضح أن النظام السابق عمل على تصفية الخدمة المدنية والمؤسسات العسكرية والأمنية، وتسكين كادر الحركة الإسلامية حتى أصبحت الدولة مِلكاً لحزبٍ واحدٍ، وأشار إلى أنّ اللجنة ستعمل على استرداد أيِّ مالٍ أو وظيفةٍ أو أرضٍ أو عقارٍ تم أخذه بغير وجه حقٍ، ونوَّه إلى أن اللجنة من صلاحياتها التوصية للجهات المُختصة بحل أيِّ جهاز حكومي حزبي، وحل أيِّ كيان أو جسم أو أي مؤسسة تقع تحت تعريف التمكين.. ورغم مُرُور أربعة أشهر على تكوين لجان إزالة التمكين، إلا أنّ هذه اللجان لم تكمل أهدافها في إزالة التمكين بالصورة المطلوبة، حيث مازالت هذه اللجان مقعدة تماماً عن القيام بدورها في بعض الولايات.

سيطرة وتحكُّم

ويقول د. السر محمد علي أستاذ العلوم السياسية لـ(الصيحة)، إنّ “لجنة قانون تفكيك نظام 30 يونيو 1989 تعمل في ملفات حسّاسة، لذلك أرى بأنّها تعمل بتأنٍ، وحسب أعضاء اللجنة، فإنّها تأمل ألا تكون الخطوة تصفية للحسابات، وإنّما تصفية لدولة الحزب الواحد إلى دولة جميع السودانيين”، وقال إنّ النظام السابق عمل على تصفية الخدمة المدنية والمُؤسّسات العسكرية والأمنية وتسكين كادر الحركة الإسلامية، حتى أصبحت الدولة والحكومة السودانية مِلكاً لحزبٍ واحدٍ، وأشار السر إلى أن لجنة الفكي والعطا ربما تعمل على استرداد كل ما تَمّ أخذه بغير وجه حق حسب تصريحاتهم، ونوَّه إلى أن اللجنة من صلاحياتها التوصية للجهات المُختصة بحل أيِّ جهاز حكومي حزبي، وحل أيِّ كيانٍ أو جسمٍ أو أيِّ مُؤسّسة تقع تحت تعريف التمكين، لذلك فإنّ دورها كبيرٌ ويجب أن لا يستعجل الناس نتيجة ذلك سريعاً، مُشيراً إلى أن عناصر النظام البائد ما زالوا يُسطيرون على بعض مفاصل الدولة في الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، ولذلك فإن المطبات ستكون دائماً أمام هذه اللجنة، وكان الفكي قد أكّد أنّ اللجنة من حقها التوصية بإنهاء خدمة أيِّ شخص في الخدمة المدنية أو الجهاز الحكومي أو مجالس الإدارة، إذا ثبت أن الشخص نال وظيفته نتيجة للتمكين، وأشار إلى فحص كل ملفات الخدمة المدنية التي تم التحفظ عليها، وقال “كل من نال وظيفة من غير وجه حقٍ سيكون عُرضةً لفقدان وظيفته، وأيِّ شخصٍ حَصَلَ على الوظيفة نتيجة لتزويرٍ في الشهادة الجامعية أو أيِّ شهادة خبرة ستكون في مُواجهته إجراءات قانونية، وسنقتاد أيِّ شخصٍ زوّر في أوراق رسمية إلى العدالة لينال نصيبه”، وشدد على أن القرارات قابلة للمراجعة والطعن فيها والنقاش حولها إذا كانت هناك أدلة مختلفة.

تمكين سرطاني

ويقول د. مصطفى إدريس الأكاديمي بالجامعات السودانية لـ(الصيحة)، إنّ هذه اللجنة شهدات بدايات عملها ردود فعل واسعة حينما حجزت على عدة دُور إعلامية وصُحف وقنوات، بواقع الاشتباه في أنها تتبع لنظام الإنقاذ، بيد أنّ بعض تلك المُؤسّسات عاود صدوره بعد أن أُخلي ساحته من التُّهمة المُوجّهة ضده، بينما لا زال بعضها محجوزاً، مثل المَنَصّة المالكة لقنوات “طيبة” الفضائية والتي تسمح من خلالها ببث أكثر من قناة غير مُرخّص لها من السلطات، ويُشتبه في أنها تُمَوّل من استغلال المال العام، وزاد إدريس: أيضاً بعض الولايات لا تزال تقف حجر عثرة أمام مجهودات اللجنة في إزالة مُؤسّسات النظام البائد وتفكيك التمكين، وقال مصطفى: ما يخوِّف الناس هو أن يبدّل تمكين بتمكين آخر جديد وحينها ستضيع حتماً هيبة الدولة، لأن إزالة التمكين الذي أفضي لكل أشكال وأنواع الفساد السابق جاء بذات الخطوة حينما أقدم حكم الإنقاذ على إحالة الكثير من قيادات ومُوظّفي الخدمة المدنية للصالح العام وملء شواغر الخدمة بمنسوبين للحركة الإسلامية ما أدّى لتمكين الكيزان، مُؤكِّداً أنّ خطوة إزالة التمكين يجب أن تعمل على رتق ما أحدثه نظام الإنقاذ من فَجواتٍ في الخدمة المدنية واقتلاع أذرع وأخطبوط الفساد، مُشيراً بذلك إلى تجذُّر التمكين السابق الذي صار كالسرطان حيث لا يُمكن استئصاله بيسرٍ وسُهُولة.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى