تمديد الانتقالية.. الفُرَص والمكاسِب

 

تقرير: نجدة بشارة

ارتفعت بعض الأصوات داخل  الجبهة الثورية مؤخراً، بالدعوة (سراً) و(جهراً )  إلى تمديد الفترة الانتقالية بحجة أن اتفاقية السلام لم توقع بعد، وأن الحركات الموقعة على السلام ربما تحتاج لفترة لكي تستعد لخوض الانتخابات العامة التي تأتي بعد نهاية الفترة الانتقالية، ولعل الدعوة صادفت هوى قطاع عريض من التنظيمات والكيانات السياسية التي مازالت تخشى ساحة النزال الانتخابي.. وغايه أمنياتها كسب المزيد من الوقت (للحشد).

ولكن إذا نظرنا إلى الوثيقة الدستورية، نجد أنها  سبق وحدّدت فترة للحكومة الانتقالية تقدر بـ ٣٩ شهراً باعتبارها فترة تأسيسية لما بعدها، وتم تحديد هذه الفترة بعد مشاورات عديدة، فلماذا إذن مازالت هذه المطالب موجودة بمنضدة (جوبا)، ويجري التشاور حولها، في حال صحت التصريحات والتسريبات التي تجد طريقها إلى خارج (المنبر)، فالكثير من التساؤلات تنتظر الإجابة عليها عن فرص التوافق على  تمديد الفترة الانتقالية، وما هو المغزى من مطالب الجبهة الثورية؟ هل تعتبر من ضمن عناصر تهيئة المناخ للانتخابات؟ وما هي المكاسب المرجوة؟ وماذا بشأن الوثيقة الدستورية وقد حددت فترة الانتقالية؟

الدواعي والأسباب

القيادي بالحزب الشيوعي وعضو قوى التغيير صديق يوسف، كان قد كشف في تصريح سابق عن اتفاق الأطراف المتحاورة في جوبا على أن تكون الفترة الانتقالية أربع سنوات، ما يعني تعديلاً في الوثيقة الدستورية، وأشار إلى تعديل آخر في المادة ”70″ من الوثيقة الدستورية الانتقالية التي تنصّ على أنّ يتم إدراج اتفاقيات السلام الشامل في الوثيقة، ورغم أن جهات بالحرية والتغيير سارعت بنفي حديث صديق، موضحة أن الحديث ما زال مقترحاً يجري التشاور عليه.

إلا أن الجبهة الثورية سبق وطرحت هذا المطلب، كما أن النفي ثبت أن طلب التمديد موجود بمضابط الطاولة، ويجري التفاوض حوله، وربما  وجد القبول والتوافق عليه، ورغم ذلك.. يتساءل مراقبون إذا كانت الجبهة الثورية وحركات الكفاح المسلح التي تتفاوض الآن مع الحكومة الانتقالية ترغب  من خلال التمديد للتحول إلى أحزاب سياسية بعد اتفاق السلام والاستعداد للانتخابات، وتتمكن من توفيق أوضاعها على حسب رؤية الكثيرين منهم، فإن عدداً من قياداتها متواجدون الآن بالساحة السياسية على أساس أنها جزء لا يتجزأ من مكون الحرية والتغيير، وبإمكانها طرح برنامجها السياسي  والحلول مباشرة لجماهير الشعب السوداني عبر الندوات الجماهيرية في المدن والأرياف، ولا يوجد موانع لذلك.

ضرورة ولكن!

القيادي بحركة تحرير السودان مبارك حامد دربين، أجاب على بعض تساؤلات (الصيحة)، وعزا مطالبهم بتمديد الفترة الانتقالية بهدف معالجة مشكلات مناطق الصراعات، وقال: الوثيقة الدستورية لم تنظر بعين الاعتبار لهذه المناطق التي تعيش أوضاعاً إنسانية مقلقة زهاء الخمسة عشر عاماً، وتحتاج إلى توفيق أوضاعها بعودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم وقراهم الأصلية، ثم إجراء تعداد سكاني جديد نسبة غلى أن هنالك (4) ملايين مواطن الآن خارج التعداد بدارفور وحدها وليست لهم مستندات ثبوتية، وبالتالي يحتاجون إلى تهيئة المناخ السياسي لهم استعداداً للانتخابات القادمة، كما أن الدوائر الانتخابية تقلصت بنسب كبيرة بسبب النزوح، والحركات تحتاج إلى تمديد الفترة لتهيئة هذه المشكلات ومعالجتها، وذهب دربين إلى أن التمديد لابد أن يكون وفقاً لشروط ومطالب منها أن يحدث تعديل في الحكومة الحالية بإدخال الكفاءات وإشراك القوى السياسية أولاً قبل التمديد.

لا يمثل خرقاً للوثيقة

وحسب مراقبين، فإن الفترة الانتقالية محددة بواسطة الوثيقة الدستورية، ولا يجوز تجاوزها، ومدة الفترة الانتقالية المقررة كافية جداً لتنفيذ كل أهداف الثورة، وكافية جداً لكل حزب سياسي، وكل جماعة مسلحة لكي ترتب نفسها وتتواصل مع جماهيرها وتستعد للانتخابات التي تعقد بنهاية الفترة الانتقالية. إلا أن دربين يرى أن الوثيقة الدستورية أسقطت الكثير من القضايا الهامة التي تخص المواطن في مناطق الهامش واهتمت بقضايا المركز والنخب، وبالتالي لا يعد التعديل فيها خرقاً أو تجاوزاً.

تفكيك الدولة العميقة

فيما أرجع المحلل السياسي د. صلاح الدومة في حديثه لـ(الصيحة)، سبب التمديد المُعَلن إلى أن الجبهة الثورية ربما رأت حدوث إهدار للوقت، وذلك بسببها نفسها في (مط) أمد التفاوض ورفع سقف المطالب، وأردف: كان حرياً الاستفادة من هذا الوقت الثمين في إرساء دعائم السلام، وأشار ثانياً إلى أن الغرض من تمديد الفترة الانتقالية ربما  لإتمام تفكيك الدولة العميقة، ومحو آثار ومخلفات الأنظمة الحاكمة منذ الاستقلال، واتهم بعض قيادات (قحت) بأنهم جزء من الدولة العميقة، وطالب الشرفاء منهم ــ حسب تعبيره ـ بتنظيف الدولة من ذيول الحكومة السابقة.

احتمال وارد

لم يستبعِد القيادي بالجبهة الشعبية المتحدة ــ شرق السودان، فؤاد شاويش، تمديد الفترة الانتقالية وقال لـ(الصيحة)، الفكرة تم طرحها على طاولة المفاوضات، وأتوقع أن يصادق عليها، وأن تمدد لأربع سنوات، وقال إن الاحتمال وارد، والمبرر أن الفترة الانتقالية مضت عليها حتى الآن سنة ونصف، ولم تنجز فيها مطلوبات الانتقالية، وقد تحتاج الحكومة الانتقالية لمزيد من الوقت لإكمال ملفاتها العالقة، وأردف: فرص التوافق على التمديد موجودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى