اغتيال (الباشا).. إسكات القانون

 

تقرير: صلاح مختار

لم يكن يوماً عادياً بالمجلد حتى الساعات الأخيرة قبل صلاة العشاء، عندما سمع المصلون والجيران صوت الذخيرة بالقرب منهم هرع الجميع إلى مصدر الصوت، حيث فجعوا بإسكات صوت القانون، وأن وكيل النيابة مولانا محمد باشا يس طريح الأرض فاقداً الروح التي أسلمها لبارئها. بين مصدق ومكذب للفاجعة الأليمة لم يكترث الناس بمن فعل ذلك، ولكنها أقدار الله التي إن جاء ميقاتها فإنها لا تقدم ولا تؤخر.

ظاهرة خطيرة

اغتيال الباشا جريمة هزت عرش القانون والدولة، لأنها كما وصفها القانوني والمحامي إبراهيم إسماعيل لـ(الصيحة) إنها جريمة تمس الدولة وظاهرة خطيرة، لا يمكن أن تترك لتمر مرور الكرام، وأضاف: هي ظاهرة لم تحصل في القريب لوكيل نيابة، وهو يمثل الدولة، واعتبر الحادثة مهدداً للوجود الأمني والعدلي، يمكن أن تتكرر في أي موقع في السودان، إذا لم تجد الاهتمام بالصورة الكافية والحسم الرادع.

وقال لا تكفي إجراءات الشرطة الولائية، ولابد من إيفاد تيم من الشرطة وخبراء من الدولة للوقوف على الحادث وفك طلاسمه طالما أن وكيل النيابة يحتك بشريحة مجرمة، معتبرًا الحادث سلوكاً خطيراً وتحتاج لوقفة من الدولة، ودعا لتحرك النيابة العامة ووزير العدل ومدير الشرطة لاعتبار أن الشخص الذي اغتيل ليس شخصاً عادياً، وإنما يمثل رمزاً للدولة والعدالة وشدّد على ضرورة تصحيح المسار.

توفير حراسات

ولفت إسماعيل إلى أن محلية المجلد منطقة حدودية ونائية وقريبة من الحدود مع دولة الجنوب، حيث تنشط تجارة الحدود والتفلتات الأمنية وتنتشر الأسلحة غير المرخصة، مما يستدعي تكثيف الوجود الأمني والشرطي، بجانب أنها منطقة كثافة سكانية ومنطقة رعوية، بالتالي لابد من وقفة لعدم التكرار، وقال (أن يأتي شخص ويقوم بالهجوم على وكيل للنيابة في منزله ويهرب بالليل)، يحتاج إلى مراجعة لتأمين مثل هؤلاء الشخصيات بحراسات كافية.

أيادي الغدر

حسناً، إن اغتيال الباشا الذي ترك زوجة وطفلة رضيعة وأخرى ما زالت صغيرة جداً، فإنها جريمة رأي عام، حيث روت موجهة تربوية لـ(الصيحة) تسكن بالقرب من سكن النائب العام بأنها سمعت صوت الرصاص، وهي تهم لصلاة العشاء، بيد أنها قالت: قطعت الصلاة عندما سمعت صوت الرصاص وهرولت إلى منزل الشهيد، وأكدت أنهم وجدوا وكيل النيابة ميتاً وقد اخترقته ثلاث رصاصات وأخرى رابعة سقطت على جدار المحل التجاري الملحق بالبيت، وقالت إنه أراد إدخال عربته بعد عودته من المناوبة من العمل اليومي، حينها اصطادته أيدي الغدر، ولاذت بالفرار في ليلة ظلماء، ورغم محاولات إسعافه للمستشفى لكن روحه فاضت وصعدت إلى بارئها.

صوت القانون

لا صوت يعلو فوق صوت القانون، ربما ذلك شعار يحتاجه الناس في إدارة شأنهم الخاص والعام ليس هنالك مجال لقانون الغاب كما يراه السياسيون، ولكن عندما تمتد يد الغدر إلى المساس بوكيل النيابة، هي رسالة وناقوس خطر بأن الإجرام وصل مداه ليطال سلطة الدولة. ويريد إسكات صوت القانون. وكما قال لي أحد سكان مدينة المجلد ــ فضل حجب اسمه لتخوفه من استهدافه لـ(الصيحة)، هؤلاء المجرمون وصلوا درجة خطيرة من الإجرام بالمدينة، فإنهم يريدون استباحة القانون إما أن تكون مثلهم أو تقوم بتطبيق القانون وستجد مثل هذا المصير.

إصابة العدالة

النيابة العامة، قالت إنها ستبذل كل الجهد بالتعاون مع أجهزة الدولة الأخرى للقبض على الذين ارتكبوا حادثة اغتيال وكيل نيابة المجلد وتقديمهم للمحاكمة العاجلة. وأضافت في بيان تحصلت (الصيحة) على نُسخَةٍ منه، نعت فيه وكيل النيابة محمد باشا يس، الذي تم اغتياله أمس بمنزله بمدينة المجلد. وأشار البيان إلى أن الذين اغتالوه أرادوا إصابة العدالة في مقتل، ولكن ستظل الغاية والتي لن يجهضها أو يوقف زحفها المتربصون وضعاف النفوس هي سيادة حكم القانون وتحقيق العدالة.

جريمة خطيرة

رفض عدد من وكلاء النيابة الحديث في الموضوع لاعتبارات مؤسسية، بيد أن أحد القانونيين ـ اشترط حجب اسمه ـ للحديث لـ(الصيحة)، طالب بالتحقيق مع الجناة، واعتبر الجريمة خطيرة، وطالب بتوفير التأمين الكافي والبيئة الآمنة لوكلاء النيابات المنتشرين في ربوع السودان خاصة المناطق النائية.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى