التأمين الاجتماعي..  هضم لحقوق العامل..!!

الصندوق يتهرب من  أسئلة “الصيحة”

 

خبير إكتواري: التأمين تكافلي ولكن في السودان (استثماري)

موظفون: لماذا نصرف تأميننا بعد ثلاث سنوات 

خبير تأمينات: القانون يحتاج لإعادة نظر

اقتصادي: التأمين مال يدفعه الفقراء للأغنياء

تحقيق: أم بلة النور

تُعتبر مساهمات العاملين في القطاعين الحكومي والخاص رأس مال الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي والمعاشات, ورغم أنه يعتبر من أكثر المضاربين في القطاع العقاري بحسب حديث رئيس المقاولين في تصريح له، يعتبر ذلك الاستثمار الأكثر ربحًا في السوق السوداني, ولا تظهر تلك الاستثمارات والأرباح على المشتركين, فضلاً عن منعهم من صرف اشتراكاتهم إلا بعد مرور ثلاث سنوات, كما أنها لا تمثل ضماناً في حالات القروض الحسنة  والتمويل الأصغر, أو تمويل التعليم, إلى جانب وجود تهرّب من العديد من مؤسسات القطاع الخاص، حيث يُفاجأ العامل بعدم سداد اشتراكاته  دون أن تكون هناك رقابة أو محاسبة من قِبل الصندوق ليصل العامل إلى تسوية في آخر المطاف وغيرها من الإشكالات التي نتناولها في سياق هذا التحقيق.

حق مشروع

فيما انتقد عدد من الموظفين بنود قانون التأمينات خاصة المادة التي تمنع المشتركين من التصرف في اشتراكاتهم إلا بعد مرو ثلاث سنوات من الاشتراك، مما يعد ظلماً للموظفين خاصة أن المبلغ يفقد قيمته بعد مرور السنوات نتيجة لتدهور قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية.

ويرى الموظفون أن هناك ضرورة لتعديل قانون التأمينات، مضيفين لـ”الصيحة” أن الصندوق القومي للتأمينات والمعاشات لا يهتم بإصابات العمل على الرغم من إلزامية دفع قيمته في الاشتراكات, وتساءلوا عن إمكانية حصولهم على أرباح من مساهماتهم والتي تدخل في استثمارات ضخمة ولا يستفيد منها المشترك في شيء, ولا تظهر  في شكل خدمات اجتماعية, سواء كانت تأميناً صحياً أو خدمات للمعاشيين في دعم تعليم أبنائهم أو تمويل أصغر وغيرها من الخدمات التي يحتاجها العامل بعد انقضاء فترة عمله, وانتقد الموظفون شرط مرور ثلاث سنوات على صرف مال التأمين, مطالبين بصرفه مباشرة متى ما طلبه المشترك.

عدم وضوح

اعتبر الخبير الاقتصادي دكتور عبد العظيم المهل مساهمات الموظفين, أكلاً لأموال الناس بالباطل، وأن الصندوق يقتات من تلك الأموال, مضيفاً أن كافة الموظفين بالقطاعين الخاص والعام, مساهمون في رأس مال التأمين الاجتماعي، وبحسب القانون يعتبر التأمين تكافلياً إلا في السودان فهو استثماري, ويفترض أن تكون هناك أرباح سنوية لكل مساهم.

وأضاف أنه يعتبر مالاً احتياطياً للدولة, إلا أن المساهم غير مستفيد منه شيئاً, ولا يشمل حتى التأمين الصحي. وبحسب القانون العالمي للتأمين فإنه يكفل العلاج والراتب عند المرض بنسبة 50%، وفي حالة  الوفاة أيضاً حتى وإن لم يستمر الاشتراك 20 عاماً ويعمل على تعويض الموظف وظيفته، إلا أن التأمين السوداني, لا يغطي أبسط مقومات الحياة, كما أنه لا يلزم صاحب العمل بالإشراف على علاج العامل في حالة الإعاقة أثناء أداء  عمله, ويفترض أن يعمل التأمين الاجتماعي على تأمين نشاط السوق بما يتوافق مع مصلحة المواطن، وليس مصلحة الدولة كما يمارسه الصندوق الآن، معتبراً  أموال الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي المال الوحيد الذي يخرج من (جيوب) الفقراء ويذهب إلى الأغنياء على هيئة (عمولات) ولا تدخل خزينة الدولة.

مضيفاً أن القانون وكل البنود والعقود يكتنفها نوع من الغموض, بعدم وجود الأرقام والإحصائيات الدقيقة بعدد المشتركين والأموال التي يتم تحصيلها, وعدم توضيح عمليات صرفها, وشدّد على ضرورة توعية الموظفين بأهمية التأمين والمزايا المقدمة به, مشيرًا إلى أن عدم استفادة المساهم من الاشتراكات أدى إلى اختلال في الموازين, مطالباً بتعديل القانون بما يتماشى مع الأوضاع الاقتصادية الحالية.

وأشار المهل إلى أن الصندوق لا يتعامل مع الأسعار ومعدل التضخم، وهذه الإشكالية ساهمت في عملية ارتفاع الأسعار, مشيرًا إلى أن هذا الأمر هزم نظام التأمين الاجتماعي, واصفاً ما يحدث (بالضحك على الدقون).

فقدان القيمة

الخبير في مجال التأمينات أحمد الريح، اعتبر أن القانون حدد شكل الاشتراكاتـ وأن توضع في حسابات الموظف لمقابلة أخطار محددة في المرض وفقدان الوظيفة والوفاة, موضحاً أنه وفي حالة المرض يتم صرف 50% من الراتب في حالة الاستمرار 20 عاماً من الاشتراك، ومعاش للعائلة في حالة الوفاة، وحتى وإن لم يستمر الاشتراك.

وقال الريح إن الموظف يعمل على صرف قيمة اشتراكه عندما تفقد العملة قيمتها, مما يحتم على الصندوق زيادة المعاش بما يتناسب مع غلاء المعيشة, وفي حالة الاستثمار الجيد لا بد من تحسين مزايا الاشتراك من تخفيضه إلى 15 عاماً أو 90% بدلاً من 83%, ويرى أن القانون يحتاج إلى إعادة النظر بالطرق التي تجعله ينعكس على المشترك, كما يرى أن القانون غير مطبق خاصة فيما يختص بالاستثمار، والذي يفترض أن يتم عرض كل الخطط الاستثمارية على المساهمين وإخطارهم ما إذا كان جيدًا أو غير ذلك, وأضاف أن المعاش يعتبر أدنى مستويات المعيشة بما يمثل ضرراً كبيراً على المساهمين واستثماراً خاسراً.

فلسفة قانونية

ويرى الخبير القانوني  علي أبو الحسن، والذي عمل على إجازة عدد من القوانين الولائية، أن فلسفة قانون التأمين الاجتنماعي هي فلسفة تكافلية, بحيث تعود لكل عامل أو موظف استحقاقته عند نهاية الخدمة, وأضاف: على أن العامل أو الموظف ليس شريكًا في الاستثمارات، لذلك لا يتحصل على عائد استثمار نسبته، إلا أن القانون لم يقتض له ذلك, إلى أن تأتي فلسفة قانونية جديدة من خلالها يتم تغيير النشاط من تكافلي إلى صندوق مساهمة عامة, كاشفاً عن أن رأس مال الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي والمعاشات هي مساهمات العاملين وليست له جهات أخري للتمويل.

وشدّد على أبو الحسن على ضرورة إحداث تطور في القانون وفقاً للدول المحيطة بالسودان والتي تعمل على إعادة صياغة للقوانين بصورة سنوية لإحداث تطور في مزايا الاشتراك.

وكشف عن وجود ظلم واقع على العاملين ناتج عن قانون العمل السوداني والذي اعتبره المشكلة الأساسية والتي انعكست بصورة سالبة على قانون التأمين الاجتماعي، وأبان أن قانون العمل  يحتاج إلى تجديد وتحديث، وأرجع ذلك الظلم أيضًا إلى نقابات عمال السودان بمختلف المهن والتخصصات والتي لم تهتم بقضايا العامل، واتهمها بأنها كانت تعمل لصالح الحزب الحاكم، داعياً لى مراجعة حقيقية لحقوق العاملين  خاصة فيما يتعلق بالأجر الإضافي الذي لابد أن يتم رفع قيمته للحصول على مكافأة مجزية عند نهاية الخدمة.

 تهرّب الصندوق

وللغجابة على كافة التساؤلات التي قدمها الخبراء والمختصون في سياق هذا التحقيق والوقوف علي ردة فعل الصندوق القومي للتأمين الاجتماعي والمعاشات من تلك الاتهامات الموجهة إليه، جلست “الصيحة إلى مدير الإعلام دكتور خالد والذي طلب منا كتابة المحاور والذي قام بدوره بوضعها أمام المدير العام لصندوقي التأمينات والمعاشات رجاء نيكول، والتي طالبت بإمهالها أسبوعاً للرد على المحاور، إلا أنها وبعد انقضاء المهلة التي حددتها  لم تمدنا بتلك الإجابات حتى كتابة هذه السطور، ونرى أنها  وضعت أسئلتنا  مع اشتراكات الموظفين تحت بند عدم التصرف فيها إلا بعد مرور ثلاث سنوات.

 

.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى