يا قادة الكفاح المُسلَّح جُندكُم على المقاصل

 

ما كنتُ أتوقّع أن أجهَر بمثل هذا النداء لولا أن السيل بلغ الزبى (الألمي خنق القنطور)، وخاصة إذا كانت الأمور تتعلق بأرواح شباب بذلوها رخيصة من أجل هذا الوطن واستشعروا المسؤولية وانتفضوا ليقاوموا الظلم والهوان والدكتاتورية والتي هي نقيض مباشر للحرية.

شباب الحركات المسلحة الذين ناهضوا النظام السابق وناجزوه. دفعوا في ذلك الدم المِهراق والعرق الدفَّاق والفراق للأهل والأحباب حتى سقط الطاغوت مُدرّجاً بخزيانه وخذلانه. لكن للأسف بدلاً من أن يُستقبَلوا بالورود لدورهم الديني والأخلاقي فإذا بهم يُقدّمون إلى المحاكمة بحجة تقويض النظام الدستوري! أي دستور يحميه نظام الثورة؟! وماذا نُسمّي الوثيقة الدستورية إن لم تكن هي البديل للدستور الإنقاذي!. يا عجبي ويا عجب المُتعجّبين. الثورة تعيش دولتين. دولة حرية. سلام .عدالة والدولة العيمقة التي لا تعرِف ولا تعترف لأهل الهامش بأي دور، مهما ناضلوا وقاتَلوا من أجل الوطن والمواطنين. مصنوعو الثورة أبطال وصُنّاع الثورة تقصر بهم الآجال. قبل ثلاثة أيام كنتُ متابعاً قضية المناضل الشاب الغض محمد إسحاق آدم عمر الذي ذُهِب به إلى المقصلة وأدخل زنزانة الإعدام ولم تتبق له إلا سويعات ويلقى ربه لولا لطف الله، ثم الجهود العظيمة التي بُذِلت والدعوات التي شقّت عنان السماء. فلطف رب العالمين. أن أجل الإعدام لمدة أسبوعين.  ما هي جريرة هذا الشاب. الذي أُسِر  قبل خمس سنين تقريباً، وهو يُقاتل الحكومة في إحدى أرياف كردفان تحت قيادة فضل الله أبوكيعان. ولما كنتُ عُمدته في إدارة الرزيقات الأهلية كان لابد لي من متابعة قضيته وتفاصيلها منذ العهد البائد الذي أعلن العفو عن الذين وقعوا اتفاق سلام وكان أبوكيعان من بينهم ورغم مطالبته بفك أسر زملائه المسجونين، إلا أن طلبه لم يُستجَب رغم أن زملاءه لم يرتكبوا جريمة في الحق الخاص، حتى إن آخر مكالمة بيني وبين أبوكيعان قبل عامين تقريباً، قال لي بالحرف سوف أخرج من البلاد مرة أخرى وأحمل السلاح، لأن الانقاذيين لا عَهد لهم ولا ذِمّة. هكذا قال حرفياً. ولا ندري عنه شيئاً حتى كتابة هذا المقال. جاءت الثورة واستمرت المحاكمات الشائهة الظالمة بنفس تُهَم تقويض النظام الدستوري التي قررت تعليق محمد إسحاق على المشنقة قبل ثلاثة أيام. أما الشاب الآخر فهو السيار آدم علي الدوم، قُبِض عليه وهو قادِم من ليبيا منذ سنتين تقريباً، والحُجَّة أيضاً تمرّد على الدولة وتقويض النظام الدستوري تحت طائلة مواد أقلّها عقوبة السجن المُؤبّد. والآن المحكمة مُستمرة والأسبوع الماضي استمع مولانا القاضي للشاهد الأول، هذه هي محاكم الثورة تُحاكِم الثوار الذين سبقوا لمُناجزة النظام البائد الذي أسقطته الثورة.  أفنجعل المسلمين كالمُجرِمين مالكم كيف تحكمون؟!! وكيف يروق للحكومة أن تُفاوِض أبطالاً وهي تقتل شبابهم في المحاكم. ضربت مثلاً بشخصين، وكل ما قلته عنهما وحولهما تحت مسؤوليتي. لكن قطعاً أن هناك المئات من المفقودين والمُحاكَمين من أبناء دارفور بالذات، حالهم يرثى له. فيا رجال الكفاح المسلح إن كانت هذه هي الحال. فإن الإنقاذ 2 هي التي بين ظهرانينا، وأعتقد أن أي اتفاق فمصيره الاتفاقات السابقة والرقاب على المقاصل. وإن تمّ كل هذا سهواً فعلى الحكومة إخراج كل المناضلين الشرفاء من السجون وتكريمهم وهو أعظم عربون ثقة لتوقيع اتفاق سلام شامل لا يُقصِي أحدًا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى