المُؤسّسة العسكرية.. اللوائح في مُواجهة السياسة

 

 

تقرير: نجدة بشارة

رغم أن خطوة القوات المسلحة بإحالة عدد من ضباطها  للتقاعد أو لـ(المعاش)،  قرار طبيعي، ولا يتجاوز العادة في شيء، حتى إنه  راتب ويتجدد سنوياً وفقاً للوائح العسكرية، إلا أن كشوفات الإحالة للمعاش والتي صدرت مؤخرًا أثارت جدلأ ولغطاً كبيراً، على منصات التواصل الاجتماعي.

المُؤسّسة العسكرية، حَسَمَت الجدل بسبب إحالة الضابط المُحال للتقاعُد ملازم أول محمد صديق، بعد أن ورد اسمه ضمن كشوفات 47 ضابطاً أُحيلوا للتقاعُد مُؤخّراً، وأعلنت القوات المُسلّحة عن انتصار اللوائح والنُّظُم على قواعد اللعبة السِّياسيَّة داخل ملعبها، وعلى الرغم من أنّ الشعب انحاز لصَف الضابط المحال،  وعبّر عن رفضه عبر الدعوة لمليونية اليوم الخميس استنكاراً لقرار الإحالة، إلا أنّ الجيش قَطَعَ الطريق وأغلق الباب أمام أيّة مُحاولة لإعادته للخدمة في بيان صدر مساء أمس، مؤكدين أنّ أمر إحالته للمعاش لأسباب ودواع منطقية وحتمية، منها للحفاظ على سُمعة القُوّات المُسلّحة وتاريخها، وأنها ليست قرارات كيدية كما أشاع البعض، وأنها اُستمدّت من اللوائح المنظمة للعمل بالقوات المُسلحة والقانون الجنائي العام، وأرجع الناطق الرسمي باسم القوات المُسلّحة عميد ركن عامر محمد الحسن أسباب الإحالة إلى وجود عدد من المُخالفات والبلاغات في مُواجهة الضابط المحال!

الوقائع والأسباب

وذكر البيان توضيحات سابقة لدواعي وأسباب كشوفات الإحالة والترقي والتنقلات التي صدرت مُؤخّراً، إلا أنّه تم صَب حَملة شعواء وعلى القوات المُسلّحة وقيادتها دُون علمٍ ودرايةٍ بحقيقة الخفايا التي كانت وراء إحالة رقم البطاقة 27352 ملازم أول محمد صديق والذي اشتهر بتربُّعه مع فئة من أفراده وسط المدنيين أيّام اعتصام القيادة العامة، وفيما يلي إحقاقاً للحق رغم أنّ القوات المُسلّحة ليست ملزمة للتبرير، باعتبار أنّ الأمر خاص بلوائحها وقوانينها ويندرج في إطار المحافظة على شؤون الأفراد، فإن الملازم تحدى القرار واستغلها مع المجموعات المُسيّسة في غير موضعه.

وأكد البيان أنّ الضابط يتبع للفرقة التاسعة المحمولة جواً، وأن فترة خدمته قصيرة تبلغ ستة أعوام، أداؤه حسب تقارير القادة الذين عمل معهم تتراوح ما بين الجيد والوسط حسب التقارير السنوية، وله (3) مُخالفات عسكرية تندرج تحت مُخالفة الأوامر المُستديمة وعدم إطاعة الأوامر حسب قانون القوات المسلحة لسنة 2007م تعديل 2013م، تاريخ ارتكاب هذه المخالفات في 17 مارس 2019م و29 يوليو 2019م على التوالي، بالإضافة إلى أن ملف المذكور يُفيد بممارسته الاتصال ببعض الجهات السِّياسيَّة وأنّه كثير التعذُّر بالبلاغات المُرضية، خاصّةً أثناء تمضية دورات المظلات المتنوعة والتي خُضع لها، وبسبب ذلك لم يستطع إكمالها.
ثانياً: وقبل انضمامه لميدان الاعتصام، قام الضابط بتحريك مركبة مسلحة بها أفراد إلى قسم شرطة الحاج يوسف، واعتدى بالضرب والإساءة لضباط الشرطة وإتلاف مُعدّات، بناءً على هذا التصرُّف غير المسؤول فُتحت في مواجهته ثلاثة بلاغات، مازالت مفتوحة (الإتلاف والتعدي الجنائي)، حيث أتلف معدات وأجهزة ودفاتر ومُستندات بقسم الشرطة، التعدى والأذى الجنائي بالإضافة (للأذى والإتلاف) في مُواجهة ملازم شرطة.

اختراق سياسي

وبشأن وجود اي سابقة باعادة ضابط احيل للخدمة، نفى  الخبير الأستراتيجي الفريق محمد بشير سليمان لـ(الصيحة) وجود أي سابقة بإعادة ضباط أحيلوا  للمعاش إلى الخدمة في العرف العسكري، وقال: إذا ثبتت صحة قرار إرجاع الضابط المحال، فهذا بالتأكيد يؤثر في المنهجية والمؤسسية العسكرية، وأضاف: لعل بعد الثورة ظهرت بعض الممارسات المختلفة، وأردف: كان يفترض أن يحال هذا الضابط منذ فترة طويلة نسبة لمشاركته في الثورة، والجيش يحظر مشاركتهم في أي ممارسة سياسية، واستغرب لماذا لم يتم اتخاذ هذا القرار من قبل. وقال إن تأثير الشارع على القيادة العسكرية يظهر الاختراق السياسي للجهاز العسكري، وقال: نتخوف من أن تصبح هذه السابقة جزءاً من التاريخ العسكري، وأردف: الأفضل للقيادة العسكرية أن تستقيل بدلًا من أن تتخذ مثل هذا القرار.

تتعدّد الأسباب

واتفق الخبير الإسترتيجي الفريق ركن عثمان بلية مع ما ذهب إليه الفريق محمد بشير سليمان، وقال  في حديثه لـ(الصيحة)، إن التغييرات في الجيش أمر طبيعي وروتيني، وفقاً للوائح تحددها الخدمة، وكشف عن أسباب الإحالة (للمعاش)، إذا أكمل  مدته (نهاية الخدمة بين  كل رتبه  وأخرى محددة)، ويمكن أن يحال للمعاش في حال ثبت أنه غير مؤهل، أو كفء للترقية أو لديه مشكلة مثل (عدم الوفاء)، والمعاش يكون استحقاقاً للذين يؤدون الخدمة، وهي تتراوح بين (15 إلى 16سنة). وقال بليه:  إن رتبة الملازم أول تستوجب التثبيت أولأ في الخدمة، ويعد بعيداً عن المعاش، ولكن هذا لا يعني أنه لا يحال، ولكن في حال إذا حدثت  إشكالات حالت دون ترقيته وبالتالي أحيل، والأسباب تتعدد قد يكون بسبب الرسوب  في امتحان الحواجز، أو بسبب التقارير، لأن الضباط يكونون تحت المجهر، وأي تصرفات ستحول دون ترقيته.

حالات خاصة

وقال بليه إن هذه الكشوفات روتينية ولا علاقة لها بالسياسة، نسبة لأن القوات المسلحة جهاز حساس لا تخضع لأي مجاملات أو أي خلل، أما فيما يتعلق بإعادة الضابط محمد صديق، فقال: ربما لديه مظلمة، ولم يستبعد تدخل رئيس المجلس السيادي لإعادته للخدمة  في حال استشعر تعرضه للظلم، وقال إن حالات الإعادة للخدمة بعد الإحالة، هنالك حالات فردية، وبصفه خاصة، وأردف: لكن لا يتم الإرجاع إلا بعد أن يقدم الشخص المحال التقارير التي تدعم موقفه، فيخضع للتحقيقات قبل إعادته للخدمة، ولكن لا يعاد أي ضابط للخدمة إلا بالحق.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى