مُكوِّنا الانتقالية.. حديثُ السرِّ والعَلَن !

 

تقرير: مريم أبشر

في حوار اتسم بالشفافية والوضوح، فتح نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن محمد حمدان دقلو بقناة (سودانية 24) الكثير من الثقوب في علاقات الشراكة بين العسكريين والمدنيين، فضلاً عن حالة الإحباط التي أظهرها.

ودعا حميدتي  لتصفية الضمائر ولتوقيع ميثاق شرف يضم العسكريين والمدنيين لحماية الفترة الانتقالية، وأقر بأن روح الشراكة بينهم والحرية والتغيير غير موجودة، وليست على ما يرام. ولم يُخفِ فى حديثه اتهامه لبعض الأصوات في قوى الحرية والتغيير أنها تهدد مسار الفترة الانتقالية .

الكثير من المتاريس كشفها الحوار الصريح، الأمر الذي فتح الأبواب على مصاريعها للبحث حول مسار الشراكة بين الطرفين وإمكانية سيرها رغم الألغام الكثيرة، نحو النهايات التي قامت من أجلها الثورة السودانية.

(الصيحة)، وعلى ضوء مستجدات الأحداث واجهت مع بعض السياسيين والمحللين مآلات الأحداث وكيفية تجاوزها.

امتحان عسير

جملة من الأحداث الكبيرة سيطرت على المشهد السياسي السوداني خلال الأيام الماضية،  وجعلته في حالة غليان، الأول لقاء عنتبي الضجة، وهو الذي جمع بين الفريق البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”  بيوغندا.  وحدث آخر تمثل في الطلب الذي دفع به رئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك للأمين العام للأمم المتحدة، وآخر الأحداث المهمة كان موافقة الحكومة على تسليم مطلوبي الجرائم الإنسانية في دارفور لمحكمة الجنايات الدولية. الأحداث ومعها حالة التشاكس بين المكونين تزامنت مع أزمة اقتصادية خانقة، شكّلت امتحاناً عسيراً للشراكة بين الطرفين وكيفية صمودها وتجاوزها للمطبات لعبور المرحلة أمراً غاية في الأهمية مع الأخذ في الاعتبار الضغط المستمر لشباب الثورة عبر مليونيات التقويم والتنبيه المستمر لتحقيق المطالب التي من أجلها قدّم الشباب أرواحهم .

تشاكس ولكن!

بعض المحللين أقروا بأن هنالك تشاكُساً وعدم تنسيق بين المكونين العسكري والمدني، بيد أن من يمثل خميرة عكننة بعض من الجانب العسكري وليس جلهم طبقاً لتقييم المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية د. صلاح الدومة، الذي برّأ  النائب الأول للمجلس العسكري الانتقالي، وقال إنه أخلص للثورة وقطع علاقاته بالدولة العميقة بخلاف الآخرين من عضوية المجلس العسكري، وأنه لا يعمل حالياً لصالح النظام البائد.

ولا يتوقع الدومة في حديثه لـ(الصيحة) حدوث خلاف كبير من شأنه إجهاض الشراكة، غير أنه قال إن الخلافات وبوادر التساكش قد تبطئ كثيراً جداً من إيقاع تنفيذ الأجندة والمطلوبات والفعالية خلافاً لما كان يمكن أن يتحقق لو أن العلاقات كانت تمضي بسلاسة. لكنه عاد وقال إن الهبات الربانية التي حققتها معجزة الثورة ستدفع بها نحو الغايات.

ويعتقد أن ما حدث خلال الفترة الماضية حسب الدومة،  مؤشر لوجود تصدعات بين المكونين  في الحكومة الانتقالية، وأسهم لقاء عنتبي في تعميقه إلى حدّ كبير، رغم محاولة الجانب الآخر لملمته.

ويرى الدومة أن قطاعات عريضة من الشعب السوداني لا تزال  ترى أن النظام البائد والدولة العميقة لا تزال موجودة، فيما يقرأ خطوة حمدوك بطلب تدخل الأمم المتحدة لبناء وحفظ السلام عبر البند السادس، بالمحاولة الوقائية  لقطع الطريق أمام أي مغامرات قد تحدث.

إعادة ترميم

أي شراكة في أي مجال وفق رؤية خبير سياسي ودبلوماسي ــ فضل حجب اسمه ــ ينبغي أن تقوم على عناصر وأهداف لا يشوبها الخلل، بيد أن الشراكة القائمة بين مكونات حكومة الفترة الانتقالية حسب المصدر في حديثه لـ(الصيحة) في الأساس لم تكن على رؤية وأهداف واضحة تجمع الشركاء. وأضاف: حتى القوى المدنية الحاضنة السياسية للثورة لم تتفق على رؤية موحدة بخلاف غسقاطها النظام، ولا العسكرية التي أتت للشراكة من خلفيات مختلفة (جيش، دعم سريع، أمن وشرطة).

ويضيف: لولا سماحة الشعب السوداني وطبائعه الفريدة لانهارت، غير أن الخبير أشار إلى أن هنالك فرصة لتجاوز العقبات إذا ما أعاد الشركاء النظر في شراكتهم وترتيب أولوياتها  من جديد لمواجهة التحديات، خاصة أنهم أخذوا من الوقت ما يساعدهم في التعرّف على بعضهم.

وقال: يجب على الطرفين تشخيص المشكلات والتحديات بصورة علمية والمضي قدماً نحو ترميم ما يمكن ترميمه والسير بالفترة الانتقالية نحو مسارات تفضي لتهيئة البلاد للانتقال نحو دولة تؤسس للديموقراطية والحكم الرشيد لبلد أنهكت شعبه الحروب والمشاكل ويتطلع نحو فجر جديد تتحقق فيه أهداف ثورته المجيدة.

مشكلات حقيقية

وأقر أستاذ العلوم السياسية بالجامعات البروفسير عبده مختار موسى، بأن العلاقة بين مكوني الفترة الانتقالية ليست على ما يرام، وأرجع ذلك لعدم الثقة بين الطرفين، وقال إنه أثر سلباً على الفترة الانتقالية، فضلاً عن خطأ آخر تمثل في نظرة الطرفين للفترة الانتقالية بجعلها مستديمة، وليست فترة تصريف أعمال، وأن عليهم أن يشكلا تحالفاً من أجل سلامة واستقرار الفترة، معتبراً ذلك أثر سلباً، وكان يمكن أن يكون الوضع أفضل لو أن النظرة كانت واقعية.

وأوضح موسى، أن أحد أسباب عدم الثقة هي نظرة المكون المدني للعسكري، بأنه جزء من النظام البائد. أما فيما يلي قوى التغيير، فأشار البروفسير مختار إلى أنها تعاني من مشكلات حقيقية، حيث تفتقر للانسجام بجانب أنها لم تتعامل بموضوعية في اختياراتها لتشكيل الحكومة، التي افتقرت للكفاءة، واتسم أداؤها بالضعف. ولفت إلى أن عدم الانسجام بين المكونين بجانب ضعف أداء الحكومة التنفيذية حفز الدولة العميقة وساعد في تحريكها لخلق أجواء غير طبيعية مع بروز الضائقة الاقتصادية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى