أرياب للذهب..قصة شركة أصابها الحصار الاقتصادي في مقتل!

 

 

الخرطوم : حسن أدروب

تعرّضت شركة أرياب لإنتاج الذهب بولاية البحر الأحمر خلال السنوات العشر الماضية إلى هزات عنيفة بسبب الحصار والمقاطعة الاقتصادية والضغط على الشركة من قبل الحكومة الولائية وغيرها من الأسباب التي يجدها القارئ في هذا التحقيق المختصر عن قصة شركة كانت تنتج أطناناً من الذهب في العام، واليوم لا يتجاوز كل إنتاجها السنوي ثمانمئة كيلو فقط.

أدناه نتابع المزيد من التفاصيل..

كيف نشأت الشركة؟

تأسست شركة أرياب لإنتاج الذهب بموجب شراكة بين الجانب السوداني والفرنسيين، لإجراء بحث جيولوجي في منطقة أرياب بولاية البحر الأحمر، ثم استحوذت الشركة في إطار الشراكة على أكثر من أربعة وأربعين ألف كيلومتر، وبدأ الإنتاج الفعلي لاستخراج الذهب في العام 1994م..

تعرّض الجانب الفرنسي لضغوط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للخروج من الشراكة في إطار تنفيذ المقاطعة والحصار الاقتصادي، مما جعل الفرنسيين يبيعون أسهمهم في الشركة إلى رجل أعمال مصري يدعى نجيب ساويرس، وفي العام 2014م باع الأخير نصيبه في الشركة لمجموعة جياد الصناعية.

إنتاج كبير ولكن!

في العام 2001م، وصل إنتاج شركة أرياب من الذهب إلى ستة أطنان من الذهب، بل حافظت الشركة على هذا السقف العالي من الإنتاج حتى العام 2003م، وبعده بدأ الإنتاج يتراجع حتى وصل في السنة الماضية إلى ثمانمائة كيلو فقط، بسبب الآثار السالبة للحصار الاقتصادي، مما جعل الشركة تقع فريسة لارتفاع تكلفة التشغيل.

ويقول وزير سابق من وزراء القطاع الاقتصادي في الحكومة السابقة، إن تراجع إنتاج الشركة من الذهب يرجع لعدة أسباب منها المقاطعة الاقتصادية، ومشكلات أخرى في الإدارة العليا للشركة التي يمثل فيها الجانب المحلي عبر منح عضوية لوالي الولاية في مجلس إدارة الشركة، وهنا يكون الوالي تحت ضغوط من قبل المجتمع المحلي، لأنه والي الولاية، وعليه تقع أعباء تنفيذ الخدمات الضرورية للحياة كالمياه والصحة والتعليم، لذلك يكون الوالي في موقف صعب بحكم هذه الالتزامات مما يجعله عرضة للابتزاز من قبل المجتمع المحلي الذي تعمل الشركة في نطاقه الجغرافي..

ويضيف الوزير السابق ــ الذي فضل حجب اسمه ــ أن المسئولية المجتمعية التي التزمت بها شركة أرياب لولاية البحر الأحمر كانت خمسة آلاف دولار بموجب صيغة مكتوبة، ورغم ذلك تتعرض الشركة للمزيد من الضغوط من قِبل المجتمع المحلي، وكانت هناك شكاوى عديدة تصل للحكومة الاتحادية من قِبل أهالي المنطقة مما جعلها في موقف لا تُحسد عليه، بالنظر إلى ظهور شركات أخرى في مجال الذهب ومعظمها ينتج أكثر مما تنتجه شركة أرياب التي تراجَع إنتاجُها السنوي من ستة آلاف طن من الذهب إلى ثمانمئة كيلو فقط..!

البحث عن إستراتيجية

وعن تراجُع إنتاج الشركة من ستة أطنان إلى ثمانمئة كيلو، يقول بعض المتابعين لملف النشاط التعديني إن الشركة تستطيع رفع إنتاجيتها لو وضعت إستراتيجية لزيادة الإنتاج، لأنها تمتلك حق الامتياز في مساحة كبيرة لم تستغل من كل هذه المساحة سوى 20%، رغم أنها شركة حكومية، وتستطيع خلال الفترة الانتقالية الحصول على دعم حكومي لتحقيق أهداف مستقبلية في إطار رؤية الثورة الرامية لتوسيع عمل الشركات الحكومية وزيادة إنتاجها، لأن إنتاجها الحالي ضعيف، ولا يتناسب مع إمكانياتها والمساحة التي مُنحت لها بالمقارنة مع إنتاج الشركات الأخرى..

ثم مشكلات أخرى!

وتقدّم بعض الناشطين من أبناء المنطقة التي يقع فيها نشاط الشركة، بمذكرة أشاروا فيها إلى ضعف ما يُقدَّم لهم عبر صيغة المسئولية المجتمعية، وقالوا إن ما تُقدّمه الشركة عبارة عن بعض الإعانات النقدية المباشرة، وليست هناك مشاريع منتجة لأهالي المنطقة, وحتى مشاركة الشركة في معاناة أهالي المنطقة في مجال مياه الشرب تتحكم إدارة الشركة فيها، حيث تشرف بنفسها على عملية توزيع المياه بواسطة “تناكر” تحت إشرافها المباشر، كما أن المساحة التي مُنحت للشركة في العهد البائد كبيرة، أضاعت على الأهالي فرصة الاستفادة منها عبر طرحها على مستثمرين آخرين..

الخروج من عنق الزجاجة

حسناً.. كل هذه الأسباب لها صلة بالحصار والمقاطعة الاقتصادية، لأن بقية الأسباب على مستوى المسئولية المجتمعية ومشاركة أهل المنطقة في مجلس الإدارة أو تعديل ملكية الشركة إلى شركة مساهمة عامة بأولوية لمواطني الولاية أو النطاق المحلي كلها مشكلات يمكن أن تُطال عبر الاستقرار وزيادة الإنتاج المنتظر بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ووقتها يمكن القول إن “أرياب” تجاوزت النفق المظلم إلى رحاب الإنتاج..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى