تبيدي !!

اسم ارتبط بعالم الذهب..

وارتبط – أيضاً – بعالم الصحافة والإعلام… من زاوية الرعب..

فقد كان اسماً مرعباً؛ محمد حامد تبيدي..

فهو لا يُذكر إلا مقروناً بمصادرة… أو إيقاف… أو حجب… أو استدعاء لمقار الأمن..

ثم سقط بسقوط الإنقاذ؛ ولكنه لم يسقط من الذاكرة..

سيما ذاكرة كاتب هذه الأسطر… وقد تعرض في عهده لكثير مما يُعكر صفو الصحفي..

بل ومما يُعكر صفو (معيشته) إن عُطل عمله إلى حين..

أو عمل الصحيفة التي يتنسب إليها… كما حدث لجريدة (الصيحة) لأكثر من عام..

والآن إذ لم يعد تبيدي مرعباً وجبت كلمةٌ للتاريخ..

وكنت أعرفها سلفاً…ولكن إن قيلت قبل هذا الأوان لما فُهمت على وجهها الحقيقي..

وهي إنه لم يكن سوى (عبد المأمور)..

أو هو نفسه (مأمورٌ) من جهات عليا… وفي الغالب كان (المأمور) ذاته؛ البشير..

ونعني بمفردة (المأمور) هنا ذاك المتنفذ في زمان مضى..

حيث كانت سلطته الإدارية أعلى من سلطات العُمد… والنظار… ومشايخ الخط..

فكثيراً ما كان البشير يُصدر قرارات تكميم الأقلام… والصحف..

ثم يمررها لتبيدي – بصفته مسؤول الإعلام الأمني – فيحمل عنه (وش القباحة)..

وأحياناً يتجاوز تبيدي هذا لناشري الصحف مباشرةً..

وذلك على غرار ما حدث لي – ذات مرة – وقد كنت أعمل بصحيفة (الرأي العام)..

فقد كنت أتجاذب أطراف الحديث مع مديرها العام بمكتبي..

وهو في الوقت ذاته – علي إسماعيل العتباني – ناشرها… ورئيس مجلس إدارتها..

فرن جرس هاتفه… فقام منزعجاً وهو يهمهم (ده القصر)..

وبعد نحو ساعتين رجع… واقتحم علي مكتبي… وأبلغني بقرار فصلي عن العمل..

فعلمت أن القرار من (المأمور)..

ومناسبة حديثي عن تبيدي اليوم إنني صادفته نهار الأول من أمس بمباني (الصيحة)..

وذلك بُعيد إيقافه – هو نفسه هذه المرة – عن الكتابة فيها..

فاسترجعت معه ذكريات آخر استدعاء لي من تلقائه… وكان حبساً انفرادياً (سياحياً)..

كان في حجرة أنيقة؛ ذات تكييف… ووجبات فاخرة..

ولكن يبقى الحبس حبساً…. وإن كان في غرفة بفندق (سلام روتانا)..

وكان ذلك قبل بيان الفريق ابن عوف بأيامٍ قلائل..

والتهمة (تأجيج نيران الثورة)…. وهي ما كانت تحتاج لذلك أصلاً..

فمما قلته للضابط المحقق (أظن إن معركة البشير الآن ليست مع الشعب وحده)..

وإنما مع السماء كذلك… والسماء لا تخسر معركة أبداً..

فظلمه قد تجاوز كل الحدود..

وكذلك طغيانه… وتجبره… وفساده… وسفكه الدماء… و(رقصه) فوق الأشلاء..

ومن وحي ذلك اللقاء تساءلت:

هل من العدل محاسبة أهل الإنقاذ بجريرتهم ذاتها التي اقترفوها في حق الأغيار..؟

وأعني الفصل – والتشريد – لمحض التصنيف السياسي..

تساؤلٌ (مرعب)!!.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى