الأمين العام للجبهة الثورية ورئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم لـ (الصيحة):

 

يجب إعطاء سلطة أكبر لأهل الأقاليم لتقرير شأنهم

نُطالب بتعديل الوثيقة الدستورية وهناك مواد تعوق اتفاق السلام

هناك فهم خاطئ بأن المفاوضات موسم لاقتسام “كيكة” الحكم

إغراق منابر التفاوض بأجسام لا وجود حقيقي لها غير مريح

أسرى العدل والمساواة يقبعون في مخابئ سرية

 

حركة العدل والمساواة هي إحدى حركات الكفاح المسلح في دارفور وهي حركة ثورية أعلن ميلادها الشهيد دكتور خليل إبراهيم فى مؤتمر فلوتو بألمانيا، ويقودها الآن جبريل إبراهيم الأمين العام للجبهة الثورية ورئيس حركة العدل والمساواة، الذي تم اختياره رئيساً في مؤتمر عام بمنطقة “الحديات” بجنوب كردفان في الفترة من 24-25 يناير 2012م خلفاً لدكتور خليل بعد اغتياله. واستطاعت الحركة أن تصل بقضية دارفور إلى مجلس الأمن الدولي، بالرغم من الانشقاقات التي حدثت داخلها، ولا زالت هذه الحركة مؤثرة بشكل كبير في الميدانين العسكري والسياسي،  ودخلت قواتها إلى العاصمة الخرطوم فى عملية الذراع الطويلة، حيث تُسهم بشكل فاعل في تشكيل المشهد السياسي والعسكري والاجتماعي في دارفور وبقية أنحاء السودان.

وضيفنا اليوم هو رئيس حركة العدل والمساواة د. جبريل إبراهيم الذي درس الجامعة، وحصل على منحة في اليابان، حيث قضى 7 سنوات هناك، وأنهى الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد، وأصبح يتحدث اليابانية بطلاقة. ثم عاد إلى السودان، قبل أن يغادر مرة ثانية إلى دبي عام 2002 بسبب معارضته للحكومة. وفي دبي عمل مستشاراً اقتصادياً لحركة العدل والمساوة لست سنوات، قبل أن يسافر للمملكة المتحدة عام 2006 متقلداً منصب سكرتير الحركة للشئون الخارجية. وكان عنصراً فاعلاً في فريق المفاوضات لحركة العدل المساواة بمحادثات السلام التي عُقدت في أبوجا والدوحة.

التقينا به في مقر المفاوضات التي تجري بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان لنتعرف أكثر على رؤى وأطروحات الحركة لتحقيق السلام الشامل في السودان، وخطط العدل والمساواة للمستقبل السياسي والعسكري والاجتماعي لدارفور وبقية أقاليم السودان..

فإلى إفاداته:

حاوره في جوبا: الغالي شقيفات

* حدثنا عن سير المفاوضات؟

– ابتداءً، أحب أن أوضح للناس، تفاصيل التفاوض، لأن بعضهم يجهل ذلك، فهي مفاوضات معقدة، لكن المُبشِّر أن الأطراف تتوفر لديها الإرادة للوصول إلى سلام شامل عادل، يخاطب جذور المشكلة، ويعالج آثار الحرب. والأمور تسير ربما ليس وفق المواقيت المضروبة، لكن أنا متفائل أن نصل لنهايات ترضي الشعب السوداني وتحقق مصالح الوطن.

هنالك تقدم، لكنه ليس بالإيقاع المطلوب، وأعتقد أن ما يتحقق كبير ومهم وتحوُّل كبير لمسار السلام في السودان.

* هل هنالك أي عقبات تواجه المفاوضات؟

– لا أدري هل نسميها عقبات، أم نقول اختلافاً في بعض القضايا، منها على سبيل المثال لا الحصر أن المفاوضين من طرف حركات الكفاح المسلح يرون ضرورة سيادة اتفاقات السلام على الوثيقة الدستورية، في الوقت الذي تتمسك فيه الحكومة أو وفدها بسيادة الوثيقة، وهي التي تضع سقف السلام، وهذا إشكال. هنالك أيضاً مواد في الوثيقة الدستورية وهي عائقة لاتفاق السلام. مثلاً المادة (20) تشترط أو تحرم على الذين يشاركون في مؤسسات السلطة الانتقالية من الترشح للانتخابات القادمة، وهذا إجحاف في حق المواطن السوداني. أن تترشح هو حق دستوري. وأمر آخر الشرط وضع افتراض أن الحكومة أو مؤسساتها تتكون من تكنوقراط من فنيين لا علاقه لهم بالسياسة، وبعيدين كل البعد عن السياسة، وهم عبارة عن جماعة يحمون النظام لفترة محدودة يسلمونها بعدها الحكومة لجهة منتخبة. هذا الأمر انتفى وتمت المحاصصة ومن وصلوا لسدة الحكم سياسيون وليسوا فنيين. الأمر الآخر نعتقد أن الذين حرموا من ممارسة السياسة لعقود بسبب النظام السابق وشردوا في أنحاء العالم عندما يعودون، وقد انقضى من عمر الفترة الانتقالية جزء كبير، يشاركون في ذلك مشاركة رمزية لفترة محدودة كونهم يحرمون من المشاركة في الانتخابات. ونعتقد أن هذا ليس من العدالة في شيء، وإذا حرمنا رموز الحركات المسلحة المشاركة في الحكم، ربما لا يعطي الاطمئنان للناس، فهم اختاروا طريق السلام وأخلصوا السير في هذا الاتجاه. أيضاً هنالك أسباب أخرى متعددة عن المادة (20) فهي مادة غير واقعية وليست عادلة، ويجب أن تُلغى بالكامل.

* إذن، بناء على هذه المتطلبات هل نتوقع تعديلاً في الوثيقة الدستورية للوصول لسلام؟

– نعم، جلسنا مع قيادات ورموز أساسية ووفد الحكومة، ووجدناهم على قناعة أن الحجج التي تقدمها الحركات المسلحة مقنعة لهم، لكن يجدون أنفسهم في حرج أن يقولوا هذه المادة يجب أن تلغى لأن إلغاءها يشملهم ويفتح لهم باباً للترشح ويريدون أن يقولوا أمام شعبهم لا نريد الترشح مرة أخرى. وقلنا أن الصحيح هو ترك الخيار للفرد أن يترشح في انتخابات حرة وأن لا تحرم الشعب من اختيار من يراه مناسباً ويصلح لإدارة شأنه.

* الآن يتردد حديث عن تشكيل سلطة إقليمية لدارفور. وبناء على ما تم سابقاً فإن السلطة الانتقالية برئاسة مناوي، والإقليمية برئاسة السيسي هل تكررون نفس التجربة؟

– الناس يتحدثون عن مسار دارفور والوسط ومسار الشمال ومسار الشرق، وعن قضايا أقاليم بكاملها. وعندما نتحدث عن مشكلة دارفور من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية والعسكرية، نجدها مشكلة متداخلة تماماَ، ولا تستطيع أي من الولايات إدارة هذا الشأن بمفردها، وبالتالي من الضروري أن يكون هناك جسم يستطيع إدارة شؤون الإقليم بالكامل، وهذا ليس طلب أهل دارفور فقط، وهي منطقة مشتعلة، لكنه طلب كل أهل السودان، فأهل الشمال يتحدثون عن عودة الإقليم الشمالي وأهل الشرق وكردفان والوسط كذلك. لذلك أقول إن طلب أهل دارفور قديم، لأنهم عاشوا مئات السنين في إقليم لهم صفتهم الخاصة واسمهم الخاص، ويريدون الإبقاء على هذا الوضع، ويُترك بعد ذلك الأمر لأهل الإقليم للتوسّع في عدد الولايات والمحليات أو اختصارها. وهذا شأن المجلس التشريعي للإقليم، ولكن أعتقد أن الفيدرالية الحقيقية تتطلب الآن أن نعود إلى النظام الإقليمي وإعطاء سلطة أكبر لأهل الأقاليم في تقرير شأنهم الإداري والاقتصادي والسياسي.

* من هم الذين يشاركون في السلطة المنتظرة؟ هل المفاوضون الآن أم بقية أهل دارفور؟

– جميعهم بالتأكيد، الذين يشاركون في السلطة لا يستطيع أحد أن يختصر شأن المشاركة في دارفور على الذين حملوا السلاح، والبلد بلد الجميع وكل من هو أهل ومؤهل لتولي موقع متقدم في إدارة شأن أهله من حقه أن يتقدّم، ولا يمكن أن تُسفر المحادثات عن احتكار للسلطة والحركات المسلحة، لم يكن هدفاً وأن تسمح بذلك.

* هنالك بعض الأطراف موجودة بجوبا قدّموا طلبات للانضمام للجبهة الثورية من حركات دارفور الأخرى. ماذا تم بشأنهم؟

– تعريف الحركة نفسها صار مشكلة. هنالك موسم المفاوضات، الذين تركوا شأن الثورة لعقود أو سنين وابتعدوا لأعمالهم الخاصة. والذين انتموا يوماً للثورة عندما يتسامعون أخبار المفاوضات يهرعون لمواقع المحادثات ويرفعون لافتات يُطالبون بالمشاركة. الحركات الحقيقية مشاركة الآن في مفاوضات السلام، والأفراد الذين يتجمّعون تحت لافتات مختلفة يحتاج النظر إلى هذه المطالب. في النهاية هنالك مساحة واسعة لكل السودانيين للمشاركة لإبداء رأيهم في ما يدور من محادثات، وفي نفس الوقت المشاركة في المؤتمر الدستوري لاحقاً، والمشاركة في الانتخابات العامة التي تتيح للناس أن يتقدموا الصفوف ويرشحوا أنفسهم أو ترشيح من يريدون إدارة شأنهم الفرص واسعة، لم نبُت للآن في الطلبات التي قُدِّمت لكن كما قلت من منطلق الفهم الخاطئ بأن هذا موسم اقتسام كيكة الحكم، وللحصول على شيء من المغانم، الناس يظهرون فجأة في أيام المفاوضات وكل يدّعي أنهم حركة ويريد المشاركة، وإغراق منابر التفاوض بأجسام لا وجود حقيقي لها غير مريح، وعادة يعقد المسألة أكثر من أن يحل الإشكالات الموجودة.

* ماذا تمّ بشأن أسرى حركة العدل والمساواة؟

– حتى الآن نحن نُلاحق أجهزة مؤسسة الحكم الاتحادي لإطلاق سراح أسرانا الذين لا يُعرف مكانهم، والذين نعتقد أنهم في مخابئ سرية لم يتخذ القرار حتى الآن، وهذه من الأمور الشائكة التي تعوق عملية السلام والوصول لاتفاق سلام في وقت وجيز. نحن نناشد من هذا الموقع كل السلطات المختصة التحرك بسرعة، إن أسرهم ينتظرون سنيناً ويريدون معرفة مصير أهاليهم إن قتلوا أو في سجون سرية لمعرفة مصيرهم، وليس هنالك ما يبرر الاحتفاظ بهم. الآن الناس تتجه نحو السلام، والحرب لم تقف بسبب أسر هؤلاء، لذلك الطريق الصحيح إطلاق سراحهم، وأن تثبت السلطات الانتقالية أنها جادة عندما نتحدث عن السلام وبناء الثقة بين الأطراف.

* أطلقتم نداءً سابقاً للذين خرجوا عن الحركة للعودة وقد عاد بعضهم ماذا بشأن الآخرين؟

– أعتقد الآن الحراك نحو الحركة كبير من الذين غادروها، وك ما تقدمنا في مسار السلام عاد المزيد منهم، وكل يوم نسمع خبر عن قيادي خرج عن الحركة في فترة من الفترات بسبب من الأسباب وقرّر العودة للحركة، الأمر يسير في الاتجاه الصحيح، وفي النهاية نحن نعتقد أن المناخ الآن مساعد ومعين على صف الحركة وصف الوطن أيضاً للعمل معاً في فترة البناء.

* أخيراً، متى يعود د. جبريل إبراهيم للخرطوم؟

– عسى أن يكون قريباً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى