تل أبيب الخرطوم.. تطبيع بأمر الكبار

 

ترجمة: إنصاف العوض

كشف مسؤول إسرائيلى رفيع لموقع “إسرائيل تايمز” عن طلب السودان مساعدة إسرائيل لتحسين علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية، وقال الموقع إن مسؤولاً إسرائيلياً رفيعاً صرّح للقناة “13” الإخبارية بأن السودان طلب من إسرائيل مساعدتها في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وحث إدارة ترامب على التخلي عن تسمية الإرهاب، وأضاف أن نتنياهو وافق على القيام بذلك، وأثار القضية مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عندما كان في واشنطن الأسبوع الماضي لبدء تنفيذ خطة ترامب للسلام، اعقبه اتصال بومبيو هاتفياً برئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان يدعوه إلى زيارة الولايات المتحدة الأمريكية، وكشف الموقع أن الموقف الإسرائيلي تجاه السودان بوصفه مهدداً لأمنها القومي تغير منذ سقوط حكومة الرئيس السابق عمر البشير في أبريل الماضي، وقطعه العلاقات مع إيران، مشيرة إلى أن المسؤولين الإسرائليين أصبحوا لا يصنفون السودان مهددًا للأمن القومي، بعد أن كان ينظر له كقناة لتدفق الأسلحة لغزة والقطاع.

بوابة إقليمية

ووفقاً لصحيفة “جورشليم بوست” حتى الآن جميع الدول العربية ما عدا مصر والأردن في حالة حرب من الناحية الفنية مع إسرائيل أو لا تعترف بها كدولة، إلا أن ما يميز السودان عن بقية العالم العربي هو أن له قدم في الثقافات العربية والأفريقية.

ففي عام 2018، قاد نتنياهو وفداً لزيارة سلطنة عمان، وهي دولة عربية أخرى أعربت عن رغبتها في إقامة علاقات دافئة مع إسرائيل، كما استعادت تشاد، جار السودان، العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل في عام 2019

ووفقاً للصحيفة كانت لإسرائيل علاقات تاريخية مع السودان ففي الثمانينيات، وفي محاولة لإجلاء اليهود الإثيوبيين من البلد المنكوب بالحرب، أعادتهم إسرائيل جوًا عبر السودان. وذكرت وسائل الإعلام الأمريكية آنذاك النقاش الذي دار بين الزعيم السوداني السابق جعفر نميري وآرييل شارون، وزير الدفاع في إسرائيل حول قضية الفلاشا.

في العقد الماضي، كانت إسرائيل تعتبر السودان مهددًا أمنيًا لها لاشتباهها في أن إيران استخدمت السودان كقناة لتهريب الأسلحة براً إلى قطاع غزة.

وفي عام 2009، حسبما ذكرت مصادر إقليمية، قصفت الطائرات الإسرائيلية قافلة أسلحة في السودان. وفي عام 2015 ، كان هناك تداول إعلامى عن إسقاط السودان طائرات إسرائيلية بدون طيار.

لكن منذ الإطاحة بالبشير في أبريل الماضي، نأت الخرطوم بنفسها عن إيران ولم تعد تشكل مثل هذا التهديد كما يقول المسؤولون الإسرائيليون.

بالون تجريبي

وتقول صحيفة “ها آرست” الإسرائيلية إنه في حالة السودان، فإن العلاقات مع الدولة ذات الغالبية المسلمة في تأرجُح منذ عدة سنوات. فقبل أربع سنوات، طلبت إسرائيل من الولايات المتحدة ودول أخرى تحسين علاقاتها مع السودان بعد أن قطعت علاقاتها مع إيران وفي الآونة الأخيرة، كان هناك بالفعل تغيير في الموقف الأمريكي تجاه البلاد. في سياق زيارة نتنياهو لتشاد العام الماضي عبرت إسرائيل رغبتها الصريحة في تجديد العلاقات مع السودان. وكانت الرسائل السرية تمر بين الدولتين لسنوات، وقد أدى إسقاط الديكتاتور عمر البشير في أبريل إلى تمهيد الطريق للمضي قدماً.

وبحسب الصحيفة بدا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وكأنه سحب معلماً دبلوماسياً آخر من قبعته يوم الإثنين عندما التقى الزعيم السوداني عبد الفتاح البرهان في أوغندا في اجتماع استمر ساعتين، وقالت: هذا إنجاز مهم يتوافق مع النجاحات الدبلوماسية الأخرى في السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، ذهب نتنياهو إلى عُمان في زيارة مفاجئة في أكتوبر 2018 وجددت إسرائيل علاقاتها مع تشاد في يناير 2019. يمكن أن يكون اجتماع السودان بالوناً تجريبياً لمزيد من الفتوحات الإسرائيلية في الشرق الأوسط ويساعد السودان في علاقاته مع واشنطن وبلدان أخرى.

مركز تنافسي

من المحتمل أن يكون التطبيع مع السودان ممكنًا عن طريق تغيير الحكومة في السودان في أغسطس 2019 عندما وصل البرهان إلى السلطة كجزء من مجلس من المفترض أن يدير البلاد لفترة انتقالية. كان هذا أول تغيير في السلطة في السودان منذ عام 1989. لكن حتى عمر البشير ، الزعيم السابق كان قد نظر في تغيير في العلاقة مع إسرائيل.

فالسودان بلد مهم لأنه جزء من جامعة الدول العربية ولأنه كان في مركز التنافس بين الرياض وأنقرة. كانت تركيا تأمل في زيادة الاستثمار في السودان واستأجرت جزيرة هناك. رحبت المملكة العربية السعودية، التي قطعت العلاقات مع قطر حليفة تركيا في عام 2017 بالتغيير في الخرطوم.

وأشارت الصحيفة لأهمية التواصل الإسرائيلي مع تشاد في السياق السوداني، وقالت في يناير 2019، التقى نتنياهو ورئيس تشاد إدريس ديبي لتجديد العلاقات في القصر الرئاسي في انجمينا، وجاء استئناف العلاقات بعد عقود من الزمن، وهو يبشر بمشاركة إسرائيلية أكبر في إفريقيا ويسعى نتنياهو لمزيد من المشاركة في إفريقيا مثلما فعل وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان مما يعني المزيد من الزيارات التاريخية، وكذلك مبعوثون جدد تم إرسالهم من إسرائيل.

احترار انتخابي

ويختلف السودان بعض الشيء عن بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لأنه يمتلك قدمًا في كل من إفريقيا والعالمين العربي والإسلامي. وهذا ما يجعله مذللاً لكثير من العقبات، مثل السنغال في غرب إفريقيا إذ تلعب السنغال وظيفة دبلوماسية مهمة بالنسبة لإسرائيل.

ويجلب السودان أيضًا ذكريات رحلة عُمان والرحلات الإسرائيلية البارزة الأخرى إلى الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى التعليقات الإيجابية نسبيًا التي خرجت من البحرين كما رسمت صورة لإسرائيل وهي تقوم بالارتقاء بهدوء مع زمرة الدول. وناقش نتنياهو علانية كيف تنمي إسرائيل علاقاتها مع هذا البلد العربي والإسلامي في السنوات الأخيرة.

وقاد الاجتماع مع الزعيم السوداني عبد الفتاح البرهان شركاء نتنياهو إلى التكهن بأن علاقات الاحترار ستساعد على تسهيل عودة نحو 7000 سوداني يعيشون الآن في إسرائيل، رغم ذلك، وفقًا للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن 4500 منهم يأتون من ثلاث مناطق في السودان لا تزال في أزمة ومعظم العالم لا يعيدون طالبي اللجوء إلى تلك المناطق، وكان نتنياهو قد وعد بإحضار الفلاشمورا المتبقين، أحفاد اليهود الإثيوبيين الذين اعتنقوا المسيحية، إلى إسرائيل ضمن أجندة خطابة الانتخابى.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى