لقب بسفاح الموساد وجيمس بوند الصهيوني

 

القصة الكاملة لجنرال الاغتيالات بالموساد الذي ارتبط اسمه بالسودان!

الخرطوم ـ إنعام عامر

من هو ضابط الموساد عضو وحدة “كيدون” الذي ارتبط اسمه بالسودان في إحدى  العمليات الخاصة والاغتيالات التي نفذها الموساد وسط قيادات فلسطينية بمدينة طرابلس اللبنانية.. لقب بسفاح الموساد لتنفيذه العديد من الاغتيالات والتصفيات عمل بوحدة كيدون بالموساد إلى أن أصبح رئيساً لها.. إلا أن اسمه ارتبط بالسودان لإكمال عملية التمويه حوله بانتحاله هوية شخصية مطرودة من السودان لأسباب سياسية.. نفذ مهمات عديدة لدعم حركة قرنق، وكان المورد الرئيس لها بالسلاح… ظهر في أفريقيا بهويات مختلفة إلى أن أصبح مستشاراً لأحد رؤسائها، وسبق أن عمل مسؤولًا للموساد في أوروبا وتعتبره تل أبيب من أبرز الشخصيات الاستخبارية في إسرائيل نظراً للمهام التي قام بها.

أعضاء وحدة كيدون في طرابلس

بدأ أعضاء فريق الاغتيالات بالموساد ومعهم القس القادم من السودان.. في التوافد إلى لبنان مجموعة من الأجانب يحملون جوازات سفر غير حقيقية بدأت تتقاطر على مدينة طرابلس اللبنانية تحت تلك الهويات المزيفة، دخلوها عبر مطار بيروت، إلا أن هوياتهم الأوربية كانت حصناً كافياً لهم، حالت دون أن يشك فيهم أحد، استطاعوا التسلل بهدوء إلى بيروت العاصمة اللبنانية، ومن ثم توجهوا إلى مسرح عمليتهم، في مدينة طرابلس شمال لبنان، حيث كان يستقر الضحية محور العملية القيادي الفلسطيني سعيد السبع.. كان ضباط الموساد يعلمون أن أحداً لن تساوره الشكوك فيهم كسياح أوربيين يحملون هويات مزيفة،  وهي وسيلة درج الموساد على استخدامها بغرض التمويه.. ومعلوم أن أكثر الهويات التي يستخدمونها هي الهويات الأوربية، الأمر الذي أدى إلى توتر في علاقات تلك البلدان مع تل أبيب بسبب التورط والإحراج الدائم الذي تسببه مثل تلك العمليات لها، خاصة وأن غالبها يكون بغرض تنفيذ مهمات تتعلق بالاغتيالات.

كان أعضاء فرقة الاغتيالات يحملون جنسيات مختلفة. كان الهدف هو استكمال تصفية قيادات المقاومة الفلسطينية شمال لبنان.. وكان هدف المجموعة المحدد هو تصفية سعيد السبع .. تنفيذ المهمة بهدوء كانت هي تعليمات القيادة في تل أبيب  والعودة دون أن يتركوا أثراً وراءهم.. إلا أن ذلك لم يحدث وحدث ما لم يكن في الحسبان على الإطلاق. كان ضمن الفريق الاغتيالات ديفيد قمحي الذي شغل لاحقاً منصب نائب مدير جهاز الموساد الإسرائيلي وتسفي زامير.

القس القادم من السودان

كان على رأس فرقة الاغتيال، مايك هراري رئيس وحدة كيدون بالموساد الإسرائيلي.. كانت هوية هراري، المزيفة مختلفة بعض الشيء عن بقية أعضاء فريق الاغتيال.. كانت الأوراق الرسمية التي يحملها تقول إن الرجل هو القس الأمريكي روبرت مالاوي، تحت زعم  أنه مطرود من السودان لأسباب سياسية.

وصل أعضاء الشبكة المكلفة بتنفيذ عملية اغتيال السبع على رأسها مايك هراري، إلى مدينة طرابلس. اختار الفريق إحدى شوارع المدينة وهو شارع الثقافة لقربه من منزل السبع.. اختار الفريق السكن في بعض الشقق التي كانت تقع حول منزل الرجل ليتسنى لها مراقبته عن كثب ودون عناء..

استديو رينوار

لم تكن تحركات المجموعة تلفت انتباه سكان الحي، لأنها كانت تتم بحذر وحرص بالغين، كان كل واحد منهم يتحاشى الالتقاء بالآخر إلا خارج الحي، إلا أن تحركات أحدهم ، وهو حجاي هداس، كانت ملفتة للنظر وكانت مدعاة لإثارة الريبة والشكوك حول المجموعة.. كان هداس الذي انتحل شخصية الألماني أورلخلوسبر قد استقر في إحدى الشقق المواجهة لشقة سعيد السبع مباشرة بمدينة طرابلس بلبنان، لذلك كانت الأعين عليه أكثر من غيره من أعضاء الفريق ..لم تسر الأمور بصورة طيبة في تلك العملية، وكان هنالك ما ينتظر فريق الاغتيال .. كانت تحركات حجاي، أحد أعضاء الفريق ملفته للغاية بالنسبة لسكان الحي، فقد لاحظوا جلوسه بالساعات الطوال وسهره على شرفة تلك الشقة المواجهة تماماً لشقة  السبع الذي لاحظ بدوره أن الرجل كان يلتقط بعض الصور.. ساورت الشكوك أبو باسل حول ما يحدث في الشقة قبالة منزله، عندها اتصل سعيد السبع بأحد أقربائه الذي أبلغ الأمن العام اللبناني وتمت مراقبة السائح أورلخلوسبرخ . وبعد عملية متواصلة من المراقبة اكتشفت المجموعة أن السائح الألماني المزيف يتردد على محل (رينوار) للتصوير الذي يقع على شارع عزمي وسط مدينة طرابلس شمال لبنان.

فشل المهمة

كان في انتظار مجموعة مايك هراري القس القادم من السودان مفاجأة لم تكن في الحسبان، فقد أفضت تحركات الأمن اللبناني إلى وجود علاقة لشبكة من الأجانب المشبوهين بالرجل الذي كان يتردد على محل التصوير ولدى مراجعة صاحب المحل تبين أنه يحتفظ بمجموعة من الصور، وكانت المفاجأة التي لم يتوقعها المفتشون هي أن محتوى تلك الصور كان عبارة عن لقطات تكشف تفاصيل منزل السبع بكل زواياها التقطها ضابط الموساد بغرض التخطيط لعملية الاغتيال بحيث تكون شقة السبع مسرح الجريمة. وعند الاستفسار من صاحب محل التصوير تبين أن ملكية الصور تعود لسائح اسكتلندي  يدعى جيمس بول والذي تبين أنه اسم مزيف لهوية  تسفي زامير وكان برفقته دافيد قمحي، نائب مدير الموساد الذي شارك، حسب وثائق مدعمة، إلى جانب مايك هراري في عملية مراقبة الوفد الفلسطيني الذي كان يضم سعيد السبع وآخرين من بينهم أحمد الشقيري وشفيق الحوت.. بعد أن تنكر هراري ومرافقوه في هيئة مصورين أجانب.. قدموا إلى الخرطوم لأغراض تتعلق بالتغطية الصحفية..

فشل العملية

سرعان ما أدت الأدلة المكتشفة حول العملية إلى  وضع جيمس بول وأورلخ لوسبرغ وهو (حجاي هداس) تحت المراقبة الدقيقة التي قادت إلى كشف العلاقة بينهما رغم أنهما كانا حريصين على عدم إظهار أي علاقة بينهما في مكان السكن، وهي ملاحظات قادت أيضاً إلى الشك فيهما، إذ تبين أنهما  يجتمعان بانتظام خارج الحي الذي يسكنان فيه، وفي أماكن مختلفة بينما كانا لا يتحدثان مطلقاً مع بعضهم البعض عند لقائهم في شارع الثقافة، حيث سكنهما. أدت الأدلة التي تم جمعها حول شبكة الموساد في لبنان ورصد تحركاتهم عقب أيام من المراقبة إلى التدخل وإفشال مخطط اغتيال سعيد السبع . وهروب المجموعة الأخرى التي كانت تسكن فوق منزله المكون من ثلاثة بريطانيين رجلان وامرأة يعتقد أنها سلفيا روفئيل، التي اعتقلت فيما بعد في النرويج على خلفية اغتيال أحمد بوشيقي، إضافة إلى القس الأميركي روبرت مالوي مايك هراري والذي كان يسكن فوق الشقة التي يقيم فيها أورلخ لوسبرخ المواجهة لشقة السبع والمهندس الإسكتلندي جيمس بول( تسفي زامير) الذي تبعد شقته خمسين متراً عن شقة أورلخ لوسبرخ والتي أخذت أغلب الصور منها. بعد هذا الإخفاق غادر فريق الاغتيالات لبنان إلى إسرائيل.. لتضاف العملية إلى قائمة مخططات الموساد الفاشلة.

هراري في جنوب السودان ودول إفريقية

شغل هراري مدير بعثة الموساد في أوربا، وكانت مهمته تجنيد شخصيات عربية، وكان يمارس عمله تحت هويات ووظائف مختلفة حسب الظرف الذي يوائم العملية . وحسب عمر خليل مؤلف كتاب السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه أفريقيا، السودان نموذجاً، فإن مايك هراري (Mike Harari) الضابط السابق في المخابرات الإسرائيلية يعتبر على رأس الوجوه غير الرسمية في أفريقيا. ويعد هراري الذي اتخذ من أفريقيا قاعدة لعملياته المورد الرئيس للسلاح لحركة قرنق في جنوب السودان وامتدت نشاطاته تلك لتشمل كلاً من أنجولا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ومنطقة البحيرات العظمى والصومال وأوغندا ومنطقة القرن الأفريقي.

هكذا ظل هراراي على رأس الوجوه غير الرسمية لإسرائيل ومخابراتها في افريقيا.. ومن الشركاء الذين عملوا مع هراري الجنرال الإسرائيلي المتقاعد ديفيد أجمون كبير موظفي حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال ولايته الأولى المنتهية في العام 1999م .واستناداً إلى نشرة المخابرات التنفيذية، فإن هراري عمل مستشاراً للرئيس اليوغندي يوري موسفيني، وشوهد معه علانية في بعض الأحيان. أما صديقه أجمون فقد عمل في أفريقيا أيضاً تحت غطاء شركة راسل الأسترالية للتعدين ومنحه الرئيس الراحل موبوتو حق الامتياز في التعدين في إقليم بوكافو شرق الكونغو.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى