الوضع سيء..

معيشياً…ومالياً…واقتصادياً…وسياسياً…وأمنياً..

والبارحة كتبت خاطرة – على صفحتي بالفيس – بعنوان (نصبر بس)..

وقلت فيها إنه ليس أمامنا سوى الصبر رغم الاخفاقات..

ورغم إن كثيراً من وزراء حكومة حمدوك هم دون مستوى هذه اللحظة التاريخية..

ورغم كثرة الكلام…وقلة العمل..

والصبر هذا لا يعني السكوت…والرضا…وغض الطرف..

بل ننتقد بكل ما أُوتينا من قوة..

حتى وإن دفعنا ثمناً لذلك مثل الذي كنا ندفعه أيام الإنقاذ..

وما ذاك إلا لأن البديل أسوأ ؛ وهو الدكتاتورية التي قاسينا مرارتها كثيرا..

من لدن عبود – مروراً بنميري – وحتى البشير..

وهي التي أقعدت ببلادنا ؛ وقد حكمت طيلة سنوات عمر السودان المستقل إلا قليلا..

ذلك ما كتبناه كخاطرة على صفحتنا..

فانهمرت تعليقات بلغت نحو (300) تعليقاً ؛ حتى لحظة كتابة كلمتنا هذه  أمس..

وغالبها مؤيد لما كتبنا…وقليلها يجزم بفشل التجربة..

وتشتم من القليل هذا رائحة الإنقاذ ؛ وكأن تجربتها لم تفشل رغم سنواتها الثلاثين..

أو – على الأقل – رائحة الإسلاميين الكارهين للديمقراطية..

وهم لو كانوا يحبونها لما انقلبوا عليها – أصلاً – رغم (تمكينها) إياهم برلمانياً..

فقد كانوا الكتلة الثالثة في برلمان ذلكم العهد..

ولو (صبروا) قليلا لربما (تمكنوا) أكثر عبر صناديق انتخابات غير ذات (خج)..

والخيار حين يكون صحيحاً فلا مندوحة عن الصبر..

والثورة على البشير كانت خياراً صحيحا..

والحكومة الانتقالية خيار صحيح لابد منه كذلك ؛ قبل الاحتكام إلى صناديق الاقتراع..

حتى وإن شابها فشل فهي خيار صحيح..

فالمهم ألا يقودنا اليأس إلى شطط تمني أي بديل سواها..

فهو لن يكون سوى حكم عسكري بغيض آخر؛ يقهر…ويكبت…ويفسد…و يقتل..

ثم يجرد المواطن من أبسط مقومات إنسانيته…وكرامته..

فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ؛ وإلا لما كان ثمة فرق بينه وبين الحيوان..

أو بدرجة أعلى قليلا ؛ العبد..

فالعبد لا ينشد من سيده أكثر من أن يُطعمه…ويسقيه…ويكسيه…ويحميه…و يأويه..

ثم يحق له أن (يتسلط) عليه كما يشاء…بل ويضربه..

والآن الذين ينادون بمثل هذه الأنظمة – أو يحنون إليها – فهم إلى العبيد أقرب..

وأشرنا من قبل إلى نظرية لعلم النفس السياسي بهذا الشأن..

ومن أشهر علماء النفس في هذا المجال إريك فروم ؛ وهو صاحب مفردة العبد..

قال إن من يرضى بأنظمة القهر ففيه صفات عبودية..

والعبودية – للعلم – لا دخل لها باللون…فالعبد قد يكون أبيض..

ولذلك (نصبر بس)..

فهذا قدرنا !!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى