الفاخر وصادر الذهب: الفشل سيد الموقف

 

الرمادي: لابد أن تضع الدولة يدها على الإنتاج والإشراف على شرائه بطريقة منصفة

خبير:  يجب إعادة النظر في احتكار شركات بعينها لأنه يحرم البلاد من عائدات الإنتاج

د. ياسر العبيد : 155 كيلو التي دشنتها الشركة ليست لها أي قيمة في حسابات الذهب

مَنَحَت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، حَق شراء وتصدير الذهب لشركة الفاخر للأعمال المُتقدِّمة، كما منحتها حق استيراد السلع الاستراتيجية التي تُحدِّدها الحكومة، من حصيلة صادر الذهب المُصدّر. وبحسب خطاب التعاقُد الصادر عن المالية بتاريخ 7 ديسمبر الحالي، فقد وقّعت الوزارة عقداً مع الشركة المَعنية لشراء وتَصدير الذهب بغَرض تَثبيت وتخفيض سعر صرف العُملات الأجنبية مُقابل الجنيه، والاستفادة من مُبيعات صادر الذهب في استيراد السِّلع الاستراتيجية وأيِّ سلعٍ تحتاجها البلاد، واعتبار قيمة السلع المُستوردة والدفعيات التي تتم للشركات والجهات المُستورد منها من شركة الفاخر بمثابة حصيلة صادر وعلى أرض الواقع حدث خلاف لما أكدته  الشركة فقد تجاوز الدولار حاجز الـ95 جنيهاً مع  توقعات بأكثر من ذلك مستقبلاً،  ولم تصرح الشركة بقيمة المبلغ من حصيله الصادر حتى اليوم ولم يعرف ماذا حدث أو سيحدث عقب إشرافها على صادر الذهب  بأن تعمل علي تخفيض سعر الصرف .

الخرطوم: إنصاف أحمدــ مروة كمال

وتُفيد مُتابعات (الصيحة)، بأن الخطوة تُعتبر خُروجاً رسمياً لبنك السودان المركزي من صادر الذهب، وإعفائه من مُهمّة استيراد السلع الاستراتيجية التي تشمل القمح والوقود والأدوية، والمتابع للأمر يرى أن الشركة لم يكن لها أثر واضح بعد احتكارها للتصدير بعد تأكيدها في معالجة مشكلة ارتفاع أسعار الدولار ليبلغ 60 جنيها، ولكن ما زال يشهد ارتفاعاً كبيراً حيث وصل خلال الآونة الأخيرة إلى 90 جنيهاً .

ضبابية الموقف:

وأسهم وضع الشركة الضبابي وعدم توفر معلومات موثوقة عنها، في تزايد الشكوك حول اتفاقها مع المالية، وتشير تسريبات إلى أن الفاخر ليست جديدة كشركة وأن مالكها أحد الرأسمالية الناشطين في مجال الصادر ويتنقل بين دبي وتركيا، كما تزايدت الشكوك حولها بعد المعلومات المتضاربة التي خرجت عن وزير المالية بشأن اتفاقه معهم، ففي بادئ الأمر وحسب خطاب الاتفاق تتولى الشركة شراء وتصدير الذهب واستخدام حصائل الصادر في استيراد سلع إستراتيجية تحددها الحكومة، ولكن بعد تزايد الضغوط على الوزير قال إن الوزارة لم تمنح الشركة احتكار تصدير الذهب، وزاد بأن هناك 40 شركة تقدمت بعروض للوزارة ستدرسها وأن الباب مفتوح أمام  جميع الشركات.

8 مليارات دولار:

من جانبه قال الخبير الاقتصادي عبد الله الرمادي إنه من المطالبين بأن الذهب بالنسبة للاقتصاد السوداني هو سلعة استراتيجية ذات أهمية خاصة ويقوم مقام النفط بالنسبة للدول النفطية، موضحاً ان تلك الدول  بالأخص في المحيط العربي على رأسها المملكة العربية السعودية لم نر أنها وضعت المرفق الهام في أيدي القطاع الخاص، بل ظلت الحكومة تحتكره لأهميته الاسترتيجية، وما أكثر البيوتات التجارية في المملكة العربية السعودية والأثرياء من التجار ورجال الأعمال الذين لديهم القدرة أن يلجوا المجال، ولكن ظلت الحكومة تحتكره لأهميته الخاصة وبالتالي يعتبر الذهب ذا أهمية للبلاد حيث يبلغ تصديره من الإنتاج الأهلي فقط  دون  الذي منح للشركة باعتبارها من القطاع الخاص رغم عدم خبرتها السابقة في هذا المجال حوالي 200 طن من الذهب في العام، حيث تبلغ قيمتها بالعملات الأجنبية ما لا يقل عن 8 مليارات دولار سنوياً، وقال خلال حديثه  لـ(الصيحة) إن هذا يساوي ضعف ما يصدره السودان من كافة المنتجات من ثروة حيوانية ومنتجات زراعية كصمغ عربي وخلافه فكل هذه مجتمعة حصيلتها دون الـ4 مليارات دولار سنويًا، بينما المنتج من الذهب عبر التعدين الأهلي فقط إذا تم إحكام منافذ التهريب فيصل العائد إلى 8 مليارات دولار، مشيرا أن الدولة لا تنفق عليه جنيهاً واحداً بل تقدر عليه وتمنع عنه كثيراً من الأشياء، فهذا له دور أساسي وحيوي فكل واردات البلاد تجيء عبر المنتج، لافتاً لأهمية قفل منافذ التهريب حتى لا يأتي عبر المضاربين بالعملات الأجنبية والدولار فيساهم في ارتفاع أسعار  السلع بصورة مضاعفة مشيراً لضرورة أن تضع الدولة يدها في الإنتاج عبر الإشراف على شرائه بطريقة منصفة، وبالتالي دخول العائد لخزينة الدولة، فقد تكون قد غيرت من وضع السودان الاقتصادي، وقال: ينبغي على الدولة أن تنشط فوراً في الاهتمام بتشجيع المرفق والعاملين في التعدين الأهلي عبر الإشراف عليه وبيعه بأسعار مجزية بجانب توفير ما تحتاجه من جازولين وكافة المعينات في مناطق الإنتاج كالرعاية الصحية والأمنية، وما تقوم به الدولة الآن باحتكار شركة الفاخر هو عين الخطأ حيث يساهم في إهدار موارد البلاد، مطالباً بضرورة الاهتمام من قبل الجهات المختصة بقيام بورصة لشراء الذهب بالخرطوم بدل شرائه من بعض الدول منها دبي وغيرها، فلابد أن تتخذ الدولة الإجراءات الصحيحة والسليمة والابتعاد عن العشوائية والتخبط في اتخاذ القرارات بجانب الاهتمام والاستفادة من عائدات البلاد بصورة صحيحة .

التنافس بين الشركات

وقال الخبير الاقتصادي د. حسين جبيرل إن من أفضل القرارات التي اتخذتها الحكومة هو خروج بنك السودان من شراء الذهب خاصة وأنه يساهم في تخفيض التضخم  موضحًا أن شراء الذهب عبرها يعتبر موارد غير حقيقية حيث كانت  الدولة تعمل على طباعة العملة لسداد قيمة الذهب، لافتًا إلى أن تصدير الذهب عبر شركات يعتبر أفضل قرار حيث يساهم في زيادة حصيلة البلاد من النقد الأجنبي، وبالتالي خفض الدولار في السوق الموازي وربما يؤدي إلى استقرار نسبي في النشاط الاقتصادي لتوفير احتياجات البلاد، وقال خلال حديثه  لـ(الصيحة)، إن الدولة ستكون لها القدرة على برمجة استيراد المواد البترولية مما يمكن من تنفيذ الخطط الزراعية وبالتالي الاتجاه للتصدير، وبدوره يعمل على  زيادة النقد الأجنبي، ومن المؤكد أن عدم احتكار تصدير الذهب على شركة واحدة من شأنه أن يخلق نوعاً من التنافس بين الشركات، ويؤدي إلى تخفيض الدولار ونتائج إيجابية، لافتاً إلى ضرورة إعادة النظر في احتكار شركات بعينها خاصة وأنه يحرم البلاد من عائدات الإنتاج ويؤثر سلباً على الاقتصاد، وقال إن شركة الفاخر لم تعط  فرصة كافية لتقوم بدورها الكامل تجاه الاقتصاد خاصة أن انإنتاج الذهب حتى التصدير يحتاج لفترة طويلة، في اعتقادي لابد من إعطائها فرصة كافية حتي تقوم بدورها.

من جهته، قال الخبير في اقتصاديات التعدين د. ياسر محمد العبيد لـ(الصيحة) إن الشركة قبل بداية العام ليس لها وجود أو تاريخ قريب في الذهب بين الشركات التي تعمل في مجال شراء وتصدير الذهب، مشيرا إلى أن وزارة المالية هي التي أظهرت هذه الشركة عقب حديث وزير المالية عن عجز يبلغ 80 مليون دولار لشراء القمح كانت بمثابة مشكلة لعدم توفرها في خزينة الدولة، فالشركة تعهدت بتوفير هذا المبلغ، وتساءل عن كيف تسنى لوزارة المالية بأن تتعامل بهذه الطريقة التي وصفها بغير المؤسسة بأن تغطي العجز من شركة والتي يمكن أن تضع جميع مؤسسات وزارة المالية تحت رحمة هذه الشركة والتي كان بمقابل شرط قوي جداً باحتساب جميع صادر الذهب لهذه الشركة في بداية الأمر والتي كان بمثابة بدعة في صادر الذهب المعروف عنه وجود غرفة كاملة متخصصة في صادر الذهب والتي منحتها السياسات ترك صادر وشراء الذهب لها، لافتًا إلى أن قرار منح الشركة الامتياز سبقه قرار الترويج لخروج بنك السودان المركزي من صادر الذهب، وفجأة ظهرت شركة الفاخر باعتبار أنها المشتري الرئيسي لشراء الذهب في البلاد بالرغم من عدم توفر الخبرة والتجارب السابقة لها أو أي عمليات سابقة في تصدير أو تعدين الذهب لاسيما وأن الذهب منتج حساس جداً يحتاج إلى خبرة طويلة.

تفكيك الشركة

ويؤكد العبيد أن الـ 155 كيلو التي دشنتها الشركة في صادر الذهب ليس لها أي قيمة كبيرة في حسابات الذهب،و ليس بالقيمة المتوقعة لشركة تعهدت بتصدير كافة الذهب في البلاد، وأضاف أن عائد الـ 155 كيلو يمكن أن يؤثر في سوق العملة حالياً والذي يشهد مضاربات هائلة تعجز الكمية المذكورة عن عمل أي تراجع  في السعر إلى 60 جنيهاً، داعياً وزارة المالية لتفكيك هذه الشركة ومعرفة من يقف وراءها والممولين والمساهمين بها بالتفصيل فرهن إنتاج البلاد من الذهب لشركة مجهولة ونشأت حديثاً وليس لديها سابق خبرة يضع علامات استفهام كبيرة، وأضاف أن القضية تحتاج إلى دراسة كاملة، ونوه إلى أن الطريقة القديمة التي كان يتم بها تصدير الذهب في السودان لشخص واحد وهي شركة الكالوتي بالإمارات والتي كانت هنالك ملاحظات كثيرة عليها، كان ذلك بسبب ظروف الحظرن بيد أنه تحمل هذه الظروف، وكان يدفع مقدماً لحكومة السودان بالرغم من ذلك كانت عملية غير سليمة، جازماً بأن شركة الفاخر وضعت صادر الذهب في البلاد في محك صعب جداً ظهر في الربكة الكبيرة التي ظهرت في سوق الذهب فور الإعلان عن الشركة مما أسهم في زيادة أسعار الذهب واحتكاره وتخزينه بسبب المخاطر المتوقعة جراء هذه الخطوة، فاحتكار الذهب لشركة واحدة يدعو الشركاء الآخرين  إلى تخزين الذهب وتهريبه.

طريقة ساذجة

وأشار العبيد إن المسألة تحولت إلى أن الشركة تحدثت عن بشريات إلى جموع الشعب السوداني، بل أن وزير المالية تحدث عن مفاجآت قادمة  بتراجع سعر الدولار من 85 إلى 60 جنيهاً عبر تعهد الشركة بذلك لوزارة المالية، ويضيف بأن هذا التعهد الغريب لا يمكن أن يمر على مبتدئ في الاقتصاد أو في المالية أو على مستوي عالم المال والأعمال، مؤكدا أن عملية خفض الدولار لا تتم بالطريقة الساذجة على حسب قوله، وقال إن خفض الدولار يتم عبر عملية اقتصادية متكاملة ودقيقة ومدروسة، مبينًا أن ارتفاع الدولار بهذه الطريقة يكشف عن عرض لمشكلة كبيرة جداً في الاقتصاد ومعالجته لن تتم بهذه الطريقة البسيطة، مؤكداً أن الدولار ظل مرتفعاً قبل تعهد الشركة، وبالرغم من التعهد في ظل وجود أكثر من 40 شركة تعمل في هذا المجال، وظل مرتفعًا إلى هذا الرقم الحاد في مرحلة إنتاج  قوي عقب موسم الخريف الذي تتزايد فيها عمليات الإنتاج عقب جفاف الأرض في المناجم.

وحذر من خطورة قضية الشركة على الإنتاج وعلى  تسريب الإنتاج وزيادة التهريب إضافة إلى قرارات بنك السودان المركزي الأخيرة في صادر الذهب المعيبة، ودمغ بفشل الشركة في الإيفاء بتصدير الكميات التي تعهدت بها من الذهب، وأضاف: كان يجب أن تتوفر للشركة ضمانات أخرى وتظل إحدى الشركات في مجال الصادر في الذهب.

وانتقد العبيد حديث الشركة بعدم التأمين على الذهب بالطيران لذلك تقوم بتصديره 250 جراماً مع كل رحلة، واصفاً إياه بالفرية وذرائع لا يمكن أن تقنع أي  شخص في مجال المال والأعمال، فشركات التأمين في الطيران تقوم بنقل كميات أكبر من ذلك بكثير وهي تملكها مؤسسات عالمية كبيرة وليس لديها أي قيود كثيرة، وعملت مع السودان، ففي  العام 2012م صدر السودان عبرها 45 طناً، ومن المعروف أن الذهب لا يأخذ حيزاً كبيراً، لافتاً الى أن الشركة حتى الآن لم تدافع عن نفسها ووضعت وزارة المالية في حرج كبير، وقال إن السودان رقم 8 عالمياً من حيث إنتاج الذهب والثاني إفريقياً والشرق الأوسط.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى