وحدة الاتحاديين.. بين الأشواق والمتاريس

 

تقرير: نجدة بشارة

لَم تَكُن هذه دعوتهم الأولى.. حيث ظلّت أشواق الاتحاديين تتداعى منذ أعوامٍ للوحدة.. ولعلّ عرّابهم القطب الاتحادي الراحل الحاج مضوي محمد أحمد، فارق الدنيا وهو يحمل هَمّ الوحدة.. وكان يحلم! ويؤمن بإمكانية تحقيقها على أرض الواقع وهو القائل: (لو فارقت هذه الفانية سوف أحمل معي حُلم الوحدة في قبري).

ومُؤخّراً، خرجت الأصوات مجدِّداً تبشِّر بمشروع الوحدة، وتُحذِّر من المُستقبل.
وقال رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي «الشرعية الثورية» الشريف صديق الهندي، إنّ الحركة الاتحادية بتياراتها المُختلفة تمر الآن بمُنعطفٍ وصفه بالخطير، يقود إلى مربع نكون أو لا نكون.. مما يتطلّب الإسراع في مشروع الوحدة الاتحادية الشاملة كترياقٍ يحمي بقاءها وانطلاقها إلى الأمام، ووفقاً للمُعطيات وتاريخ الحزب الاتحادي بمُنعطفاته وتعرُّجاته السياسية، يبرز التساؤل عن إمكانية تحقُّق الوحدة في ظل التغيير الجو سياسي الكبير بالبلاد؟ وعن مدى التوافُق بين تيارات الحزب المُختلفة وانحيازها لمشروع الوحدة؟ ولماذا تجدّدت الدعوة الآن..؟

واقع الاتحاديين

ورغم المُبادرات الكَثيفة، والدعوات التي سَبق وأُطلقت من قِبل قيادات لها وزنها السِّياسي داخل القِوى الاتحادية المُختلفة باختلاف تياراتها  وتناديها بضرورة وحدة الاتحاديين، حتى لتكاد تكون قد قاربت الثلاثين مُبادرة أو تزيد، إلا أنّ كل تلك المُحاولات باءت بالفشل وظلّت مُجرّد أُمنياتٍ مُعلّقةٍ تنتظر مُعجزة السماء، وربما ذلك ما قاد الهندي للتنازُل في دعوته هذه المرة عن أيِّ شروط قد تقيد تنفيذها، وقال: حزبنا يُشجِّع قيام وحدة الصف الاتحادي بلا شُروطٍ وتصنيفات، واقترح تسيير مواكب ودعوة جميع التيارات الاتحادية للالتقاء والتّفاكُر في «نادي الخريجين» لوضع اللمسات والأسس السلسة التي تكفل تحويل الحُلُم الاتحادي الكبير إلى واقعٍ ملموسٍ، خاصةً وأنّ دور الاتحاديين الكبير في الحراك الثوري الذي أطاح بالإنقاذ جاء مُتّسقاً مع مبادئ وقيم وتوجُّهات كيان الوسط.

بين القُبُول والاستجابة

قال القطب الاتحادي محمد المعتصم حاكم في حديثه لـ(الصيحة)، إنّ مولانا الميرغني ظلّ يدعو في كل بياناته وتصريحاته إلى وحدة الصف الاتحادي، وهو العارف بأنّ قوة الاتحاديين في وحدتهم، وأرجع حالة التمايُز الراهنة التي تَشهدها الساحة الاتحادية إلى قرار اتخذه د. حسن الترابي في السابق عندما قاد انقلاب 1989م حينما أسّس لمنابر وأسماها أحزاب التوالي، وبالتالي هناك من توالى وهناك من ظل مُعارضاً مع مولانا، وقال: الآن الظروف اختلفت، والوقت مُناسبٌ، لذلك وجِّهت الدعوة للاتحاديين كَافّة، ووجدنا استجابة كبيرة، اعتبرها أكبر توافُق، حيث وجدنا استجابة بنسبة بلغت 80%.

لماذا الوحدة الآن؟

قال إنّ الدعوة جاءت في هذا التوقيت تَوطئةً لَلمّ الصف والاستعداد للانتخابات القَادمة ككيانٍ واحدٍ، وقال حَاكم: نَسعى منذ الآن لتوحيد الحزب لنخُوض السِّباق الديمقراطي بكُتلةٍ اتّحاديةٍ واحدةٍ، وأكّد حاكم أنّ مولانا الميرغني كَانَ الأسبق في الدّعوة للوُحدة، وقال إنّ كل التيارات وافقت على مَشروع الوحدة بنسبة 85%، فيما تَمَانَعَت التيارات حديثة النشأة من التيارات الحليفة لقِوى الحُرية والتّغيير “قحت” وحدّدها بالتيارين فقط من المُمانعين للوحدة، وأضاف: هذا شأنهم ولكن الباب مفتوحٌ لهم، لأن الثورة ليست ثورة مجموعة محدّدة، وإنّما كانت ثورة شباب، وشارك فيها العديد من شباب الاتحاديين وبذلوا أرواحهم فيها حتى إنهم فعلوا ما عجزنا نحن القيادات لـ17 سنة، وتوقّع خلال الشهرين القادمين أن يكتمل الحوار مع كل التيارات وتتحقّق وحدة الاتحاديين على أرض الواقع، وأشار إلى أنّ مُبادرة الوحدة ظلّت مَفتوحة ومُستمرّة بقيادة مولانا الميرغني، وأن قيادات من التيارات المُختلفة ذهبت للقائه بخُصُوص الوحدة، وقال إنّ الوضع السياسي بالبلاد يتطلّب تَضَامُن كل الأقطاب والتحالُفات المُختلفة، لأنّ هنالك الكثير من المَخَاطر المُحدقة به.

مُبادرات فشلت!

قال الخبير في شؤون الاتحاديين عادل عبده لـ(الصيحة)، إنّ هنالك أكثر من ثلاثين مُحاولة أو مُبادرة سابقة لجمع صف الاتحاديين فشلت، بدايةً من الوحدة التي جرت بمنزل الزعيم الأزهري، ومُبادرة  أهالي توتي، ومبادرة أم دوم، والشارقة، ودار الجريف، والوحدة التي تمّت بين الطُرق الصوفية والاتحاديين، جميعها مُبادرات ذهبت أدراج الرياح.. والآن ونَحنُ نستشرف الديمقراطية الرابعة، يَجب على الاتّحادي الديمقراطي عدم البكاء على الأطلال والتّغنِّي بما فعله القادة الكبار، وإنّما ينبغي أن يخطو خطوات جَادّة للمُصالحة ولَمّ الشمل، خُصُوصَاً وأنّ الظروف الحالية مُواتية للوحدة الاِتّحادية وربما تفرض على الأحزاب ذات الأرضية المُشتركة الاندماج مع بعضها البعض.

إرادة

قال عبده، إنّ وحدة الاتحاديين لم تُطبّق وتنزل لأرض الواقع وتتحقّق بشكلٍ محسوسٍ وملموسٍ، ما لم تكن هُنالك إرادةٌ حقيقيّةٌ، تنتج من تحسُّس القيادات لخطر الوضع الذي قد يشعرهم بزلزلة الأرض من تحت أقدامهم وزوال الاتحاديين، وأردف: الآن بات هذا الخطر قريباً، والدليل على ذلك أنّ منهج الوسطية التي يتبنّاها الاتحاديون، ظهرت قوى سياسية جديدة تُحاول الاستحواذ وتبني هذا المنهج، وقال إنّ المؤتمر السوداني يُحاول الاستحواذ على منهج الوسطية باعتباره منهجاً يمثل أمزجة الشعب السوداني ويجري منه مجرى الدم، بعد أن اِستشعر بُعد الاتحاديين عن المشهد، وتوقّع أن يلتقط الشباب القفاز ويقودوا مُبادرةً ناجحةً للم الشمل الاتحادي، خَاصّةً وأنّ مُشاركتهم كانت فاعلة ووضعوا بصمتهم بالثورة.

الأولوية للشباب
واتّفقت أقطاب اتحادية على أنّ الوحدة كمبدأٍ عام ٍلا أحدٌ يجرؤ على رفضها، لكن المَحك في ترك الخلافات وتوحيد الرُّؤى السِّياسيَّة، وأشاروا إلى أنّ الأولوية الآن للشباب وهم الذين قادوا الثورة، لذلك من حقّهم حَمل راية المشهد الاتحادي لخلق المَواعين التي تَخلق الاستقرار السياسي للبلد عامة والحِزب عَلى وَجه الخُصُوص، ولعلّه سبق وتنبّأ القطب الاتحادي جلال الدقير “بأنّ وحدة الاتحاديين ممكن تتم في عزومة عشاء”، وقلّل من رُؤية البعض باستحالة توحد الاتحاديين، وقال إنّ الوحدة جارية والمساعي لم تتوقّف.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى