فوضى الخرطوم

 

*قبل شهور عديدة كانت أحياء الخرطوم جلها مستيقظة عند منتصف الليل بعد تنبيه صدر من المساجد بالحيطة والحذر من عصابات تسرق وتنهب المنازل، كان شباب جل أحياء الخرطوم في الشوارع بالعصي وبعض الأسلحة البيضاء الخفيفة لحماية منازلهم وممتلكاتهم وأعراضهم.

*انتهت تلك الليلة دون وصول أي عصابات مهاجمة للأحياء، والغريبة أن التنبيه صدر في توقيت شبه متقارب في كل الأحياء، مع رسائل في “الواتساب” تنبه بالخطر القادم.

*شهدت الخرطوم بعد تلك الليلة انتشار لقوات الشرطة والدعم السريع وسرعان ما عاد الهدوء والأمن لأحياء الخرطوم، ولكن ما حدث منذ دخول العام الجديد في الخرطوم ينبئ بخطر كبير قادم ولابد من حسم هذه المخاطر التي أفزعت الكثيرين في الطرقات والشوارع الرئيسية.

*أمس استمعت لأحد ضحايا ما حدث في كبري الحلفاية عبر رسالة وزعها في وسيلة التراسل الاجتماعي “الواتساب”، حيث قال صاحب الرسالة إنه أحد سائقي عربات ترحال وكان قادماً من الحلفاية عبر الكبري إلى أمدرمان وفي نهاية الكبري كانت هناك مجموعة يصل عددها إلى المائتين واقفة في الطريق بحيث لا يمكنك العبور إلا بعد أن توقف سيارتك.

*وواصل صاحب الرسالة أنه أوقف سيارته، وقال له أحدهم “شغل الإشارات” ثم شعر بأن آخر يريد فتح أحد الأبواب، فما كان منه إلا وانطلق مسرعاً فكان نصيبه تهشيم زجاج سيارته بالحجارة وبعض الخسائر البسيطة في سيارته.

*صاحب الرسالة بدا غاضباً مما حدث، وقال إن ما شاهده يعتبر استفزازاً و “حقارة” عديل لرجال يريدون عبور الكبري، وبعث برسالة واضحة للجهات الأمنية مفادها إن فشلوا في حماية المواطن فعليهم أن يعلنوا ذلك ويتركوا المواطنين لحماية أنفسهم بما لديهم من أسلحة بيضاء وغيرها من الأسلحة.

*طبعاً ما يريده صاحب الرسالة من القوات الأمنية هو الخطر بعينه على الخرطوم تحديداً والسودان بصورة عامة، فإن ازدادت الفوضى أكثر مما عليه الآن سيكون من الصعب السيطرة على الأوضاع الأمنية في العاصمة القومية.

*ما نسمعه في كل يوم عبر الوسائط المختلفة من تفلتات من بعض ضعاف النفوس وعصابات النيقرز ينذر بخطر كبير على الدولة أن تحسمه بقوة ودون تهاون، فنحن نعلم أن الخرطوم كانت تعتبر من أكثر عواصم الوطن العربي والأفريقي أمناً واستقراراً، ولم يكن بها ما يعكر صفو المواطنين سوى القليل من الحوادث التي تحصل في كل عواصم العالم، ولكن ما يحدث الآن في العاصمة القومية يعتبر خطراً كبيراً يجب أن يُواجَه بقوة وصرامة حتى لا يزداد وينفرط عقد الأمن في الخرطوم.

*نرجو أن نرى رداً عملياً من الشرطة حول هذه الممارسات التي تحدث في بعض مناطق الخرطوم حتى تعود للشرطة هيبتها وقوتها في بسط الأمن، وحتى يشعر المواطن بالاطمئنان على نفسه وممتلكاته.

*نتوقع أن تشهد جل أحياء الخرطوم دوريات ليلية لتأمين المنازل على غرار ما كان يحدث في أوقات سابقة خاصة، لحسم كل تفلت أو فوضى من بعض ضعاف النفوس الذين يريدون ترويع المواطنين وإلصاق الفشل بالحكومة الانتقالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى