أريتك تبقى طيب انت …..

 

منذ نحو فترة ليست بالقصيرة.. أذكر أنني مررت بحادث (انفجار خط مياه) رئيسي بأحد الأحياء الفرعية.. وبدا لي أن لا أحد ممن يتسورون (موقع الانفجار) يكترث لما يجري حوله.. الكل منغمس في أداء عمله وواجباته الشخصية على طريقة (نفسي نفسي).. كما أن موقع هيئة المياه يبعد كثيراً عن  موقع الانفجار ..

أحسست في تلك اللحظة كما لو أنني شخصياً معني بهذا الأمر دون الآخرين.. ربما كان لمهنة الصحافة التي تتبنى قضايا الجماهير والوطن ثمة علاقة بتنمية هذا الإحساس.. كان ذلك قبل أن تخصص الهيئة هاتفاً للبلاغات متعارفاً عليه بين الناس

 

 

* قررت في تلك اللحظة (عالية الإحساس الوطني) أن أجمد مشواري الذي خرجت إليه لبعض الوقت.. وأن أتوجه مباشرة الى مكتب هيئة مياه المدينة.. فلما دخلت على المهندس المسؤول قلت له .. أود أن أعرف إن كنت بهذا الفعل قد أصبحت مواطناً صالحاً !! .. على أن هذا الانفجار ليس أمام بيتي ولا يعوق طريقي.. بل هو في حي آخر من المدينة… قال لي الرجل  مازحاً، فيما يبدو، (إنت جبت لينا بلوى) !!

* رأيت أن أقول بين يدي أعياد الاستقلال .. يمكن لعمليات الانتماء والوفاء الوطني أن تتطور .. يمكن لأشياء صغيرة تفعلها بهدف وطني خالص أن تجعل إحساسك بالوطن يحتدم ويشتعل ..

(فالماسورة المنفجرة) التي تنزف وتستنزف حصة مياه المواطنين .. على سبيل المكتسبات الوطنية.. هي (ماسورة وطن) وليس (الوطن الماسورة) بلغة قارعة الطرقات وقاع المجتمع !! ..

بمعنى … إن لم يحركني مشهد (الخط النازف).. فبطبيعة الحال لن أكون نصيراً لوطني  عندما ينزف!! .. رغم المسافة المتداخلة بين (الماء والدم).. فالماء لصناعة الحياة والدم للتضحية عن بقاء الوطن على قيد الحياة، والحفاظ به بعيداً عن أيدي العابثين  …

* فلئن كنت أبخل إنفاق مشوار نصف ساعة لوطني لتضميد (جراح ماسورة) .. فكيف في المقابل أبحث عن موقعٍ وطنيٍّ لي مع من قدموا حياتهم كلها للوطن!! .. من قدموا دماءهم رخيصة لتراب الوطن !!

* ليس مطلوباً من الجميع أن يقدموا أرواحهم فداء للوطن .. فالشهداء عبر التاريخ قليل والشهادة اصطفاء للخاصة.. ولكن على الأقل فلنكن مستعدين إلى أن نقدم ما هو دون ذلك بكثير .. علي أن يقدم كل مواطن مما يليه من مهنة ومعرفة وجهد ومواقف.. فإذا ما أخلصت لمهنتك وأوفيت لساعات عملك فأنت مواطن صالح… وإذا كنت في المكان  الوطني الصاح عند كل موقف وطني.. فأنت من الخلصاء الأوفياء …

* وإن لم نستطع أن نقدم أي شيء للوطن .. فليس أقل من ألا نؤذيه ونحافظ على ممتلكاته ومكتسباته.

* مخرج … وطني في يوم عيدك… أريتك تبقى طيب انت… أنا البي كلّو هيّن ….

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى