هل اليوم يبدأ بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً؟!

مَن قال إنّ اليوم يبدأ بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً؟!! إن كانت ساعتك التي تلبسها قد أخبرتك بذلك، فليس في هذا حجة!!

ليس في الإسلام ولم يكن لدى المُسلمين اعتبار ابتداء اليوم التالي بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً مُباشرةً.

اليوم يبدأ من الفجر.. وليلة اليوم التالي تبدأ بمغيب شمس اليوم الحالي.

المعتبر في الشرع في بعض الأحكام (الليلة) التي تَسبق اليوم بغروب الشمس.. فتأخذ حكم اليوم الذي يليها.

(مثال): بعد مغيب شمس يوم الخميس (ليلة الجمعة) يَثبت مزيد الفضل في الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم المَخصوصة بهذا الوقت…

وهكذا ما ورد في من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة..

والليلة الوحيدة التي تستمر مع نفس اليوم هي ليلة عيد الأضحى في الحج، فإنّ هذه الليلة بعد مغيب الشمس تستمر حتى الفجر متّصلة بيوم عرفة وذلك تخفيفاً من الله تعالى على الحجاج، فإنّ منهم من يحول بينه وبين الوصول إلى عرفة مانع فيصل إليها بعد مغيب الشمس، ولذلك قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم في بيان من أدرك الحج وكمل حجه: (.. وكان قد وقف بعرفة في أي ساعة من ليل أو نهار ..). وهذا واحد من مظاهر التخفيف والتيسير في ديننا العظيم.

أما اعتبار الساعة الثانية عشرة فيصلاً بين اليوم الحالي والتالي فهو مما ورد إلى المُسلمين من أمم غير مُسلمة.. وحتى على فهمهم العجيب الغريب فإنّ هذا الوقت ليس هو دوماً منتصف الليل!!، لاختلاف طول الليل وقصره بين الشتاء والصيف..

إذا علمت هذا الشيء العجيب، فأعجب منه اقتراح بعض المسلمين الصلاة قبيل الساعة الثانية عشرة ليلة رأس السنة الميلادية والاستمرار إلى ما بعدها لتحقيق فضل الاستمرار في العبادة بين عامين!!

وإنه والله لشيء عجيب جداً!!

فاتقوا الله معاشر المسلمين وتبيّنوا في أحكام دينكم واعرضوا أقوالكم وأعمالكم على شريعة ربكم تفوزوا وتنجحوا.. واحذروا طرق اليهود والنصارى فإن نبيكم عليه الصلاة والسلام قد حذركم منها.

وإن هذا الخطأ الشائع الذي تلقّاه وتقبله كثير من المسلمين يؤكّد أنهم قد وقعوا فيما حذّر منه النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم، شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله, اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية أخرى لهذا الحديث وردت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وغيرهما فيها بيان مناسبة الحديث، عن أبي واقد الليثي: انهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ) إنها لسنن لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة.

قال النووي في شرح الحديث في شرحه لصحيح مسلم: (السنن بفتح السين والنون وهو الطريق والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة لهم والمراد الموافقة في المعاصي والمُخالفات لا في الكفر وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم).

وقال الحافظ ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري: (قال ابن بطال أعلم صلى الله عليه وسلم أن أمته ستتبع المحدثات من الأمور والبدع والأهواء كما وقع للأمم قبلهم وقد أنذر في أحاديث كثيرة بأن الآخر شر والساعة لا تقوم إلا على شرار الناس وأن الدين إنما يبقى قائماً عند خاصة من الناس، قلت: وقد وقع معظم ما انذر به صلى الله عليه وسلم وسيقع بقية ذلك).

قلت: فهل تعي الأمة اليوم ذلك؟! هل تعي ونحن نرى مظاهر التغريب صباحاً ومساءً؟! والمسلمون يريدون النصرة والعزة وهم – إلا من رحم الله – قد عجزوا عن الصبر عن تقليد أهل الكفر وملله، في كثير مما هم عليه من الباطل والفجور والمعاصي والضلال بأنواع وأشكال عديدة، والله المستعان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى