أي دعم نرفعو ليك !

 

ـ حسبما أُعلن، فمن المفترض أن يناقش مجلس الوزراء الموقر ويعتمد اليوم موازنة البلاد للعام 2020م، وكما كتبنا من قبل فإن طرح ونقاش وإجازة الموازنة قد تأخر كثيراً، ربما بسبب عدم اتضاح الرؤية حول مواردها إذ لم تثمر الزيارات الخارجية واللقاءات المكثفة التي أجراها السيد رئيس الوزراء بعواصم غربية مهمة ومؤثرة، لم تثمر عن تأمين مداخيل مالية واقتصادية تُبنى عليها الموازنة المُواجَهة بفواتير الخدمات وميزانية التنمية والتسيير فضلاً عن الرواتب واستحقاقات السلام الباهظة حال نجاح المفاوضات بإذن الله تعالى .

ـ تصريحات وتسريبات عديدة نُشرت حول قضية رفع الدعم عن المحروقات خلال الميزانية الجديدة، كان واضحاً تردد الحكومة وعدم توفر إرادة قوية لاتخاذ القرار وإقناع الشعب به إن كان ثمة منطق يسنده ويبرره! فقد نُشر ما يفيد بأنه لا رفع للدعم، ثم نُشر ما يفيد أن رفع الدعم عن البنزين سيتم في أبريل وسيتأخر الرفع عن الجازولين إلى الربع الثالث 2020م، ثم أعلن السيد الناطق الرسمي باسم الحكومة عن تشكيل لجنة مصغرة لمناقشة خيارات رفع الدعم عن البنزين والجازولين بإعتباره القضية الأساسية في الموازنة !

ـ هذا التلاعب بالكلمات مُضر ومُعل، فحكاية الرفع بالتدرج أسطورة مشروخة و”نغمة قديمة”، فالنقاش حول مبدأ الدعم وحيثيات اعتماده أصلاً في مقابل مبررات رفعه؟ ولا نظن أن عاقلين يختلفان حول توصيف الحالة المادية والمعيشية لأغلبية المواطنين وما يكابدونه حالياً من عناء وغلاء، الناطق الرسمي تحدث عن اقتراح الحكومة رفع الدعم مقابل مضاعفة أجور العاملين بالدولة وتقديم الدعم الاجتماعي النقدي المباشر للقطاعات الفقيرة مع زيادة الإنفاق على التعليم والصحة لتحقيق مجانيتهما بالمستشفيات الحكومية !

ـ ما ساقه السيد الوزير فيصل من مُبررات ومُبشّرات أمر مقبول ومُستحسن نظرياً لكن يبقى البيان بالعمل هو الأهم، والبيان بالعمل يبدأ بالمنطق المقنع، كم تبلغ نسبة العاملين بالدولة الذين وعدت الحكومة بزيادة مرتباتهم، من جملة المجتمع؟ وكم ستكون نسبة الزيادة؟ ثم ما هي كيفية وآلية تقديم الدعم النقدي المباشر للفقراء؟ ولنأخذ في البال ما سبق وعشناه من تجارب ناجحة وفاشلة؟ بكم تقدر قيمة الدعم النقدي للفرد الواحد؟ أما مجانية التعليم والصحة فحلم نتمنى أن يتحقق وإن كان بعيد المنال .

ـ بعض “المحترفين” باعة الكلام، ولكل “يُدغمسوا” ويُسيِّسوا ويُضيِّعوا القضية”، سارعوا إلى “شماعتهم المحفوظة”، فقالوا أن حكومة البشير أصلًا لم تكن تقدم دعماً يُذكر للناس! وكأنِّي بهم يردُّون على أنفسهم! إذا الدعم أصلاً ضعيف يا سادة وغير مؤثر، “رافعينو مالو”؟ وهل الدعم الموروث من الحكومة السابقة كان للبنزين والجازولين فقط أم إن القائمة تضم الدقيق والدواء والكهرباء وسلع وخدمات أخرى؟ دعم المحروقات حالياً يا سادة يبلغ “2.25” مليار دولار سنوياً ودعم القمح يصل حوالي “365” مليون دولار سنوياً !

ـ المكابرة لا تجدي ولا تقنع ولا تليق، هناك دعم موروث من العهد السابق لسلع أساسية، البشير نفسه قرر رفعه ثم تراجع عن ذلك تحت الضغط والرفض الشعبي، المواطنون اليوم يطمعون في مزيد من الدعم، والاقتصاديون من لدى حمدي وعبد الوهاب وصولاً للبدوي يقولون بضرورة التخلص من هذا الدعم، فإذا اقتنعت الحكومة بأنه لا خيار أمامها غير تطبيق شعار “أي دعم نرفعو ليك”فلتتخذ قرارها وترفق معه مبرراتها، ثم تنتظر الرد من الشارع الأمين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى