وين مسار كرفان؟

صار منبر جوبا التفاوضي مزاراً لكل أقاليم السودان، منبر يتفاوض فيه أهل السودان مع بعضهم بوسيط حول قضايا لا خلاف حولها، ولكن لأن معظم المُفاوضين بأسماء الأقاليم المختلفة يريدون لهم موطئ قدم عقب توقيع الاتفاق النهائي والذي لن يحدُث طالما أنه ليس هناك تفويض من أي إقليم لمن يدَّعون تمثيله في جوبا، باستثناء الحركات المسلحة والتي حملت السلاح في العهد الأسبق، وقاتلت الحكومة، وهي حركة تحرير السودان مناوي، وحركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان بجناحيها عقار والحلو، فضلاً عن حركات دارفورية انشقت من الحركة الأم.

تمّ تقسيم المفاوضات إلى مسارات ضمّت مسار دارفور، والنيل الأزرق، وجنوب كردفان، والوسط، والشمال، ومسار الشرق.

ولأن أهل كردفان ــ وهنا أعني شمال وغرب كردفان ــ طيبون أكثر من اللازم، لم يكن هناك مسارٌ لهم، ولم يفتح الله على قياداتهم السياسية أو الأهلية أو الدينية، بأن يتقدم أحد ليتحدث باسم كردفان، والمشاكل التي تعتريهم في كافة مناحي الحياة.

تحدّث أهل الشمال عن التهجير، وآثار سد مروي، والاستثمار الزراعي الأجنبي في مناطقهم، وتحدّث أهل الوسط عن مشروع الجزيرة، والكنابي، وتدهوُر المصانع، فيما شكا أهلُ الشرقِ من التهميش لكثير من مناطق الإقليم، أما المنطقتان  ــ جنوب كردفان والنيل الأزرق ــ ودارفور فقضاياها واضحة منذ اندلاع الحرب فيها.

إذاً لماذا استُبعِدت شمال وغرب كردفان من المسارات؟ وما هي الجهة التي لها مصلحة في استبعاد ذلك الإقليم، رغم أهميته في اقتصاد السودان.

فكردفان التي يُطلق عليها (كردفان الغرة أم خيراً جوة وبرّة) لم يكُن ذلك من فراغ ، وذلك لأنها تُسيطِر على أكثر من 70% من صادِر الثروة الحياونية، وتحتكر صادِر أهم (6) سلع زراعية بما فيها الصمغ العربي، مما يعني أن وجود ذلك الإقليم في مفاوضات جوبا يجب أن يكون أساسيًا.

صحيح أن أهالي كردفان لم يكونوا يومًا ما جزءاً من أي صراع سياسي، كما في عدد من الولايات، ولم يحملوا السلاح، كما حملته أقاليم أخرى، فهم مُسالِمون، وأصحاب فكر ورأي، يؤمنون بالحوار، والرأي والرأي الآخر، لكن حينما تكون وسط من لا يؤمن بذلك النهج فيجب التغيير في أسلوبك وخططك، بدل أن تُصبِح مُتفرِّجاً، وهناك من يلعب في ملعبك ويستغل جمهورك.

لابد من الحادبين على أمر كردفان، إرسال وفد إلى جوبا للحاق بإدراج قضايا الإقليم والتي تتمثل في مشاكل الزراعة خاصة مشروع خور أبوحبل والمصانع المُتوقّفة، ومشاكل العطش، بل ويمكن أن يقترحوا أن تصبح مدينة الأبيض عاصمة للسودان في إطار إيجاد مخرج للتكدّس البشري والخدمي الذي تشهده الخرطوم.

يجب أن يُدرك أهل كردفان أن الحقوق تُنتزَع، فإذا ظللنا كذلك، فإن قطار الثورة سيعبر دون أن يقف بأي محطة من محطات كردفان، وحينها لن يكون هناك من يبكي على كردفان.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى