خيبة الأمل..!!

 

وضع بعض السودانيين آمالهم على الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للولايات المتحدة الأمريكية في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وخدع هؤلاء البسطاء شعبنا بأن صدور مثل هذا القرار من الولايات المتحدة من شأنه تغيير الواقع الاقتصادي للأفضل وفتح أبواب الاستثمار لرأس المال الأمريكي الذي سينثر الدولارات في الشوارع وتصبح بلادنا بفضل أمريكا جنة الله في القارة الأفريقية، وما درى هؤلاء أن من سار في ركب وقطيع أمريكا كُتبت عليه الذلة والمسكنة، وبعض السذج البسطاء يعتبرون الركوع للبيت الأبيض هو النجاة من الفقر والحاجة..

وذهب حمدوك للولايات المتحدة بالأمل والعشم، وحشد وفداً من الوزراء بعد قرارات ليلة الخميس التي ظنها البعض مفتاحاً لأبواب البيت الأبيض، ولكنهم اكتشفوا بعد “فوات الأوان” أن الاعتذار غير مفيد.. والركوع لا يجدي والأمل في الحصول على المال من أمريكا كالبحث عن جرعة ماء في صحراء الربع الخالي..

لم يصحب حمدوك في زيارته للولايات المتحدة أهل الخبرة والاختصاص لا عمر مانيس الدبلوماسي المتخصص في العلاقات السودانية الأمريكية، ولا عمر قمر الدين القطعة المفقودة في تشكيل حكومة حمدوك، ولا حتى السيدة أسماء محمد عبد الله وزيرة الخارجية، ولكنه اختار وزير الأوقاف “مفرح” وهو وزير “محلي جداً” لا تتعدى خبراته الجزيرة أبا.. وضواحي ربك وقرى الرقيق ومرابيع ود اللبيح.. وبصحبته وزيرة الرياضة الثائرة ولاء البوشي..

أطلقت أبواق الإعلام المحلي دعاية كثيفة عن قدرة حمدوك على إقناع أمريكا بدعم الحكومة السودانية ورفع اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لكنه لم يحصل على شيء ذي بال، ولم يستقبله ترامب بحفاوة ولا وزير الخارجية الأمريكي.. ذهب حمدوك لأمريكا طالباً الدعم والمال، وجاء مطلوباً ملايين الدولارات، والرجل يعترف بين يدي السادة الأمريكان بمسؤولية السودان عن تدمير وتفجير المدمرة “كول” والتزام بتعويض أسر الضحايا وهو اعتراف له ما بعده.. ويباهي حمدوك بأن شروط التطبيع مع الولايات المتحدة قد تم تقليصها من (7) شروط إلى شرطين فقط..

امتلك الرجل شجاعة الاعتراف بأن واحداً من الشرطين المتبقيين هو أن يدفع السودان من ماله تعويضات لأسر الضحايا، أما الشرط الآخر المسكوت عنه بالطبع معلوم للكافة ألا وهو التطبيع الكامل مع دولة الكيان الصهيوني والالتحاق علناً بنادي المطبعين العرب!!

حمدوك سجل اعترافاً بجريمة لم يرتكبها الشعب السوداني ولم يثبت حتى اللحظة أن سودانياً واحداً شارك في عملية تفجير المدمرة “كول” ولا دليل على رعاية السودان كدولة للجماعة التي فجرت المدمرة الأمريكية.. والقضية التي نظرتها المحكمة الأمريكية غابت عنها حكومة السودان بتقاعسها وإهمالها.. حتى صدر حكم ابتدائي “غيابياً”، فكيف يصبح مثل هذا الحكم المعيب بمثابة حكم نهائي واجب التنفيذ؟؟ ولماذا لا يناهض رئيس الوزراء حمدوك مثل هذا الحكم الظالم الجائر؟؟ أم إن الرجل حريص على تسجيل مثل هذا الاعتراف حتى يجد إدانة للحكومة السابقة التي لن تسدد تعويضات الأسر ببيع أملاك المعتقلين في سجن كوبر.. ولن تكفي الأموال التي اكتشف محمد عصمت وجودها في بنوك ماليزيا 64 مليار دولار لتعويض المتضررين من أسر ضحايا الحادثة المروعة!!

وهل سيترتب على مثل هذا الاعتراف الخطير من حمدوك تبعات أخرى وتعليق أحداث أخرى شهدها العالم في عنقه وإرغامه على دفع تعويضات لضحايا 11 سبتمبر وأي فعل ارهابي في العالم تأسيساً على مسؤوليته عن تدمير المدمرة كول وباعتراف رئيس وزراء السودان حمدوك بين يدي السادة الأمريكان؟؟ وهل يظن رئيس الوزراء أن الطريق الذي سلكه “سينجيه” من عذاب يوم قريب..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى