أداء حكومة الحرية والتغيير تحت المجهر!!

 

الخرطوم: نجدة بشارة

ثلاثة أشهر مضت منذ إعلان الحكومة الانتقالية، التي تشكلت هياكلها، وفقاً لنصوص الاتفاقين، السياسي والدستوري من مكون تحالف قوى الحرية والتغيير، التي تضم طيفاً واسعاً من الأحزاب السياسية بما فيها تجمع المهنيين  السودانيين، والتنظيمات المدنية، وتمتد من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وما بينهما.

صحيح  أن الوقت ما زال مبكرًا للحكم على (قحت)، إلا أن استطلاع الراي الذي أجرته قناة الجزيرة حول أداء حكومة قوى الحرية والتغيير للفترة الانتقالية والذي جرى بمشاركة  قرابة الأربعين ألف مواطن سوداني حسب تقديراتها، عبر خلالها 68% منهم عن عدم رضائهم عن أداء (قحت)، فيما نال أداؤها استحسان  30% فقط.

ورغم أن الاستطلاع يمثل سياسة القناة ووجهة نظرها الخاصة، إلا أنه أرسل إشارات في كل الاتجاهات ودق ناقوس الخطر، ووضع الملح على الجرح، لا سيما أن الأوضاع والظروف المعيشية ما زالت بالبلاد منذ سقوط النظام السابق “قيد الانتظار”، ولم تحرز تقدماً يذكر ليضيف نقاطاً لرصيد الحكومة الانتقالية، بل تصاعدت أزمات المواصلات وارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية لمستويات قياسية، وارتفع سعر الدولار، وعلى ذلك هل ستلتقط التغيير القفاز وتشرع فعلياً في إجراء جراحات إصلاحية شاملة؟  أم إن هذا سيُحسب  مؤشراً لضعف أدائها والطامة ما قد يأتي لاحقا؟

“الصيحة” وضعت (قحت) تحت مجهر عدد من  المحللين والسياسيين وتركت لهم “الثيرموميتر” لقياس  مستوى أدائها خلال الثلاثة أشهر الماضية.

ماذا قالت قحت؟

يبدو أن قحت نفسها لم تخف خيبة أملها بإعلان عدم رضاها عن أدائها خلال الفترة السابقة، وكان الناطق الرسمي باسم قوى الحرية والتغيير، وجدي صالح قد أكد على أنهم غير راضين عن أداء التحالف حتى هذه اللحظة، وأوضح صالح أنهم حققوا الكثير منذ بداية الحكومة الانتقالية، وقال إن هنالك قرارات مُرتقبة خلال الأيام القادمة لصالح الثورة.

ولعل وعود  الحرية والتغيير لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق وأطلقت وعودها إبان جلوسها على عرش السلطة، عندما طرحت برنامج الـ 100 يوم الإسعافي لمعالجة مشكلة الأسعار وتوفير السلع الأساسية (الخبز، البترول، الدواء) في الثلاثة أشهر الأولى، وهو البرنامج المؤمل منه تخفيف أعباء المعيشة التي أثقلت كاهل الطيف الأوسع من المواطنين، وكانت أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع الثورة، إلا أن المئة يوم الأولى على أبواب المغادرة ولم ير المواطن من وعود التغيير سوى السراب.

ما زال الوقت مبكراً!

دافع نائب رئيس حزب الأمة القومي اللواء فضل الله برمة ناصر (للصيحة ) عن حكومة الفترة  الانتقالية، وقال: على الرغم من أن الشعب السوداني يتطلع بشغف لإحداث التغيير المنشود وإيجاد المخرج لكافة أزماته، الا أن الوقت  ما زال مبكراً للحكم على الحكومة الانتقالية، والكل يشهد على أن هذه الحكومة ورثت تركة مثقلة بالأزمات والمعاناة ومشكلات في كل الاتجاهات الاقتصادية والسياسية.

ثانياً: حكومة الحرية والتغيير تكونت من مكون مجتمعي وأنماط سياسية مختلفة جمعتهم الكفاءات ومواقفهم السياسية، وليس لهم سابق تجانس كمجموعة عملت مع بعض، وهذا ما يجعل هنالك حلقة ما زالت مفقودة تنتظر الاكتمال مع الممارسة.

ولم يُعف  برمة حكومة (قحت ) من المسئولية، وقال: لم أقل بأنه لا توجد إخفاقات، ولكن هذه الاخفاقات خارجة عن إرادتهم. أما بخصوص سؤاله عن أن الحكومة اهتمت بالعلاقات الخارجية وتركت المواطن مع همومه، قال إن القضية الأساسية الآن تكمن في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وهذه المشكلة مفاتيحها خارج السودان ما يتطلب التحركات الماكوكية للحكومة لتحسين العلاقات الخارجية التي بدورها ستقود لاستقرار الداخل.

لا جديد

يرى المحلل السياسي بروف حسن الساعوري في حديثه (للصيحة)، أن ما حققته حكومة الحرية والتغيير خلال الفترة السابقة تغيير الطواقم الإدارية بمؤسسات الدولة بشخصيات من الحرية والتغيير، عدا ذلك لم تُحرز خلال المئة يوم السابقة أي تقدم في الملفات التي سبق وأعلنت عنها ببرنامجها، برنامج المئة يوم الإسعافي لمعالجة مشكلة الأسعار، وتوفير السلع الأساسية (الخبز، البترول، الدواء) في الثلاثة أشهر الأولى. وقال: حتى ملف السلام الذي تبنته واعتبرته أولوية تفاقم الملف إثر الصراعات التي اندلعت بشرق السودان.

وقال الساعوري: صحيح أن هنالك الكثير من الوعود التي قًطعت لكن ما زال التنفيذ معلقاً، وقال: أما الملف الاقتصادي فلم يحدث به حتى الآن أي تقدم يذكر رغم الدعومات الخارجية.

قال: الآن الدولار تدهور ووصل لسقوفات بعيدة وغير متوقعة، والأسعار في ازدياد، وهذا يشير بوضوح لعدم وجود أي جديد.

فاقدة البوصلة

يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي د. عمار السجاد في حديثه  (للصيحة) بأن الحكومة الانتقالية تبدو الآن كفاقد البوصلة، تتحرك دون برنامج لتستند إليه، حتى إن المواطن البسيط يمكنه أن يحس بالتراجع في معاشه في الغلاء الذي استفحل أكثر.. وأكثر، وأزمات متلاحقة، وأرى أن حكومة الحرية والتغيير اتجهت إلى قضايا انصرافية كقضايا عبد الحي يوسف، وقضية سيداو وحقوق المرأة، بالإضافة لملاحقة منفذي الانقلابات السابقة، وتركت برنامجها الأساسي الذي جاءت من أجله، وهو حل مشاكل وأزمات السودان.

وأردف السجاد: لا أتوقع أن تمشي هذه الحكومة للأمام كثيراً ما لم يحدث بها تعديل أو حل وذهب إلى أكثر من ذلك بالتشاؤم من مآلات الأوضاع وحدوث ما لم يحمد عقباه بانهيار الدولة اقتصادياً.

تصفية حسابات

فيما تنبأ القيادي بالإصلاح الآن د. أسامة توفيق (للصيحة ) بانتهاء أجل الحكومة الانتقالية خلال ستة شهور فقط، وأردف: تجربة الثلاث شهور تؤهل نبوءتي للتحقّق، وقال: أرى أن الحرية والتغيير الآن كمن يلف حبلاً حول رقبته، وينتظر نهايته.

وأردف: إليكِ البراهين والحجج، حسب برنامج التغيير الذي أعلنته استندت على ثلاثة محاور، أولاً: محور السلام، قال الآن ثلاث أشهر مضت، ولم تبدأ المفاوضات حتى الآن بالصورة الفعلية، رغم أن هذا الملف من أهم الملفات، ويمكن أن يوفر الميزانية التي كانت تصرف على الحرب، الملف الاقتصادي لم يقدموا أي حلول واضحة حتى الآن، وما زالوا يفتتحون مشاريع الإنقاذ، هذا بالإضافة إلى تصفية الحسابات وحملات التشكيك ابتدعتها الحكومة  للتخلص بها من مديري المؤسسات، وإلغاء المنظمات الإنسانية والخدمية التي تخدم المواطن، المحور الثالث، وأعتقد أن حكومة التغيير فشلت فيه تماماً وهو المحور السياسي، من خلال أقصائهم لكل القوى السياسية بالذات القوى الإسلامية المعتدلة التي كانت تجلس على الرصيف، وشاركت معهم في الثورة.

الاتجاه الصحيح

قال القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل يس عمر حمزة في حديثه (للصيحة ): علينا بالصبر الآن وعدم وضع العراقيل، وعدم النبش باظافرنا، لأن الوقت ما زال مبكرا للحكم على الحرية والتغيير، وأرى أن الحكومة تتلمس طريقها جيداً، وتمضي نحو الاتجاه الصحيح، إلا أنني أعيب على القيادات من الحرية والتغيير تصريحاتها غير المنضبطة ضد شركائها بالجهاز التنفيذي  كتصريحها  بعدم رضاها عن أداء حكومتهم، وكأنهم بذلك أصبحوا معارضين موالين، وكان حرياً بهم محاسبتهم داخل الغرف المغلقة، بدلاً من نشر الغسيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى