اعتز بدينك

 

هذه زَهْــــرَات مِنْ حَدَائقِ ابنِ القَــــــيِّم أهديها لقراء العمود فأقول:

 

ارفع رأسك فوووق واعتز بدينك.. وافخر بكماله…

واشكر الله على ما بيّنه لك فيه رسولك عليه الصلاة والسلام

واحذر الآراء والفلسفات والأهــــواء:

قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

(وقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر للأمة منه علماً،

وعلمهم كل شيء.

حتى آداب التخلي وآداب الجماع والنوم والقيام والقعود، والأكل والشرب، والركوب والنزول،

والسفر والإقامة، والصمت والكلام، والعزلة والخلطة، والغنى والفقر، والصحة والمرض، وجميع أحكام الحياة والموت، ووصف لهم العرش والكرسي

والملائكة والجن والنار والجنة ويوم القيامة وما فيه حتى كأنه رأي عين، وعرفهم معبودهم وإلههم أتم تعريف… بأوصاف كماله ونعوت جلاله، وعرفهم الأنبياء وأممهم وما جرى لهم، وما جرى عليهم معهم حتى كأنهم كانوا بينهم، وعرفهم من طرق الخير والشر دقيقها وجليلها ما لم يعرفه نبي لأمته قبله،  وعرفهم صلى الله عليه وسلم من أحوال الموت وما يكون بعده في البرزخ وما يحصل فيه من النعيم والعذاب للروح والبدن ما لم يعرف به نبي غيره،

 

وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أدلة التوحيد والنبوة والمعاد والرد على جميع فرق أهل الكفر والضلال ما ليس لمن عرفه حاجة من بعده،

اللهم إلا إلى من يبلغه إياه ويبينه ويوضح منه ما خفي عليه، وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من مكايد الحروب ولقاء العدو وطرق النصر والظفر ما لو علموه وعقلوه ورعوه حق رعايته لم يقم لهم عدو أبداً، وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من مكايد إبليس وطرقه التي يأتيهم منها وما يتحرزون به من كيده ومكره وما يدفعون به شره ما لا مزيد عليه،

وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أحوال نفوسهم وأوصافها ودسائسها وكمائنها ما لا حاجة لهم معه إلى سواه، وكذلك عرفهم صلى الله عليه وسلم من أمور معايشهم ما لو علموه وعملوه لاستقامت لهم دنياهم أعظم استقامة.

 

وبالجملة فجاءهم بخير الدنيا والآخرة برمته،

ولم يحوجهم الله إلى أحد سواه.

فكيف يظن أن شريعته الكاملة التي ما طرق العالم شريعة أكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها، أو إلى قياس أو حقيقة أو معقول خارج عنها؟

ومن ظن ذلك فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر بعده، وسبب هذا كله خفاء ما جاء به على من ظن ذلك وقلة نصيبه من الفهم الذي وفق الله له أصحاب نبيه

الذين اكتفوا بما جاء به،

واستغنوا به عما ما سواه،

وفتحوا به القلوب والبلاد،

وقالوا: هذا عهد نبينا إلينا، وهو عهدنا إليكم،

وقد كان عمر – رضي الله عنه – يمنع من الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية أن يشتغل الناس به عن القرآن، فكيف لو رأى اشتغال الناس بآرائهم وزبد أفكارهم، وزبالة أذهانهم عن القرآن والحديث؟

فالله المستعان).

من كتاب أعلام الموقعين عن رب العالمين (4  / 285  – 286).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى