أجهزة الإنذار المُبكّر في السودان..

غياب التحوّطات ووقوع الكوارث

 

خبير أوبئة: تكرار تفشي بعض الأمراض سنوياً سببه عدم وجود أجهزة لقياس الأوبئة

خبير جيولوجي: الإنذار المبكر نظام لتنبيه البشر باقتراب شر أو مكروه

خبير زراعي: لابد من وجود قياس للإمدادات الغذائية حتى لا يصل سعر البصلة إلى عشرة جنيهات

تحقيق: محيي الدين شجر

في كل عام تشهد بلادنا كوارث مختلفة أبرزها على الإطلاق كوارث السيول والفيضانات التي تدمر القرى والحضر إضافة إلى تفشي بعض الأمراض سنوياً  مثل حمى الوادي المتصدع التي تضرب ولايات كسلا والبحر الأحمر ونهر النيل في كل عام والكوليرا التي تغزو سنوياً  ولايات  النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار وغيرها..

ولأننا لا نملك أجهزة إنذار مبكر ظللنا نتفاجأ باستمرار بنقص في الأدوية وبعض الأغذية، حيث وصل سعر البصلة الواحدة هذه الأيام إلى عشرة جنيهات، كما يعاني الناس باستمرار من نقص الوقود والغاز وبقطوعات في الكهرباء والماء..

فهل من الممكن ان يصبح السودان مثل باقي الدول المتطورة ويتحسب لكل شيء بفضل استعانته بأجهزة إنذار مبكر في كل ما يتعلق بحياته أم نظل نقبع في بحر التخلف إلى الأبد..

التحقيق التالي يتناول أهمية أجهزة الإنذار المبكر في السودان لمكافحة الكوارث التي تشهدها بلادنا في كل عام .. ويدق ناقوس الخطر منذ وقت مبكر إذا كنا فعلاً نتطلع إلى دولة متطورة…

مهمة الإنذار المبكر

يقول الخبير الجيولوجي عمار سيد أحمد شليعة إن أنظمة الإنذار المبكر هي أنظمة تستخدم  خاصية الوسائط المرنة  والوسائط الصلبة، بمعنى  أنّ هناك معلومات  وأجهزة لإخراج المعلومات بعد معالجتها، حيث تعطي المسئول  سهولة التنبؤ بالكارثة والتحوط لها، وأضاف أن الكوارث  التي يجب أن نهتم بها هي السيول والفيضانات والزلازل والتسونامي والأعاصير  والحرائق (غابات، مخازن مؤسسات، وهيئات والانزلاقات الأرضية، الطرق والجبال والسهول والبراكين، والأغذية والأوبئة والأمراض.

لا يوجد تنبؤ بالزلازل

تفادي الكوارث:

من جهته، قال  الخبير في مجال الزلازل عبد الهادي إبراهيم لـ (الصيحة) إن الإنذار المبكر هو نظام مكون بواسطة البشر لينبههم أو ينذرهم باقتراب شر أو مكروه سيطالهم عما قريب، كالحرائق والأعاصير والأمطار والسيول وأمواج المد العالية (سونامي).

وذلك لتفادي الكارثة أو للتقليل من الخسائر البشرية أو المادية، ويضيف بقوله: وقد تلاحظون أنني لم أذكر الزلازل من ضمن الكوارث التي يصنع لها نظام للإنذار المبكر! مع أنها أي الزلازل هي أكبر الكوارث التي حصدت أرواح الآلاف من  بني البشر ودمرت من المباني والمنشآت والبنى التحتية ما يقدر بمئات المليارات, ذلك لأنه حتى الآن لم يتوصل البشر للتنبؤ بالزلازل.

ويضيف: قد يقول قائل، إذن ماذا تفعل أجهزة رصد الزلازل المنتشرة في كل أنحاء العالم؟

ليجيب: أجهزة رصد الزلازل تسجل الزلزال بعد وقوعه وليس قبله, إذن فهى ليست أجهزة للإنذار المبكر.

ويقول: المعلومات التى تجمع بواسطة شبكات رصد الزلازل تساعد العلماء في دراسة الأرض لأعماق بعيدة جداً تصل إلى لب الأرض. كذلك تساعد هذه المعلومات في رسم خريطة للمناطق التي تكثر فيها الهزات الأرضية لكي نتجنب إقامة المنشآت الضخمة عليها كالخزانات والسدود، ومحطات الطاقة مع أنه لا يوجد إنذار مبكر لحدوث الزلازل لكنه يمكن تعميم تركيب نظام إطفاء الحرائق الآلي في المنشآت المهمة والذى ينطلق فيه الماء من رشاشات داخل الغرف بمجرد ارتفاع درجة الحرارة، بالرجوع لوحدة الزلازل فى البلاد قبل بناء المنشآت الضخمة لعمل الدراسات اللازمة.

طاقة بديلة

وطالب عبد الهادي بإنشاء مصدر طاقة كهربائية بديلة ومحلية بالمنشآت الهامة كالمستشفيات، وذلك لأن أبراج نقل الطاقة الكهربائية ستسقط أو تتضرر عند وقوع الزلزال إضافة إلى إنشاء  نظام اتصالات بديل لأن أبراج الاتصالات ومراكزها ربما تتضرر وتتوقف شبكات الاتصالات بالزلازل. وقال إن أسهل وأضمن طريقة هي الاتصالات بواسطة اللاسلكى،  بإلزام كل المؤسسات والبنوك ومراكز الشرطة وغيرها بأن تكون لديها أجهزة اتصال لاسلكي جاهزة للاتصال عبر الولايات.

إسعافات:

كما نادى بالإكثار من الإسعافات وإلزام كل هيئة أو مصلحة أو مؤسسة بتخصيص عربتين أو أكثر ذات دفع رباعي كإسعافات وبتوفير معدات الطاقة الشمسية، وذلك بقيام مصانع للخلايا الشمسية ومصانع للبطاريات، فنظام الطاقة الشمسية لا يحتاج إلا لخلايا شمسية وبطاريات وجهاز إنفيرتر وجهاز كنترول فقط. ويمكن لأي كهربائي أن يقوم  بتركيب هذا النظام في أقل من ساعة في المنزل أو الخيمة، لأنه عندما تحدث الزلازل ستتأثر محطات الطاقة الكهربائية وينقطع التيار ربما لعدة أشهر.

كما طالب بإقامة مصنع لصناعة الخيام ومعدات المعسكرات لنكون جاهزين لإسكان النازحين ممن تضررت مساكنهم.

ليختم عبد الهادي حديثه بقوله: نحمد الله على أن بلادنا ليست ضمن البلاد الواقعة على أحزمة الزلازل، ولكن ذلك ليس معناه أن لا يحصل زلزال يوماً ما, ربما اليوم أو غداً أو بعد عدة سنوات فلنكن مستعدين له لتقليل الخسائر.

شح الأغذية:

وتحدث لـ (الصيحة) الخبير الزراعي عبد الله محمد عثمان وزير الزراعة الأسبق بولاية الجزيرة بقوله: يقوم النظام العالمي للمعلومات والإنذار المبكر المعني بالأغذية والزراعة برصد مستمر للإمدادات بالأغذية والطلب عليها، ورصد مؤشرات أخرى لتقييم الحالة العامة للأمن الغذائي في كافة بلدان العالم. كما يصدر تقارير تحليلية وموضوعية على نحو منتظم حول الظروف السائدة ويطلق إنذاراً مبكراً حيال الأزمات الغذائية التي تلوح في الأفق.

مضيفاً: على  صعيد تطبيق أدوات مراقبة الأرض ورصد الأسعار على المستوى القطري، يعمل النظام العالمي للمعلومات والإنذار المبكر على تعزيز القدرات الوطنية لإدارة المعلومات المتعلقة بالأمن الغذائي.

وقال: من خلال أنشطة الرصد والتحليل والإنذار المبكر، يستخدم  النظام العالمي للمعلومات والإنذار المبكر بشكل بارز في ثلاثة أهداف استراتيجة للمنظمة.

الهدف الأول: تنفيذ أداة رصد أسعار الأغذية وتحليلها للنظام العالمي للمعلومات والإنذار المبكر على المستوى القطري لتحسين إمكانية الوصول إلى البيانات الخاصة بالأسعار وتعزيز القدرات الوطنية على رصد اتجاهات الأسعار للإسهام في تحسين القرارات المتعلقة بالأمن الغذائي.

وأضاف أن الهدف الاستراتيجي الثاني: المحافظة على تحديث قواعد البيانات المتعلقة بالإمداد/ الطلب على السلع والأسعار، وكذلك المؤشرات ذات الصلة وتحليلها، ما يوفر للحكومات وأصحاب الشأن الوطنيين معلومات دقيقة يمكن الاستناد عليها عند رسم استراتيجيات فعالة وشاملة للأسواق والتجارة.

وأوضح أن الهدف الاستراتيجي الثالث يتمثل في إجراء تقييم منتظم على المستوى القطري للزراعة والإمداد بالأغذية والطلب عليها وحالة الأسواق وإطلاق الإنذار في الوقت المناسب حيال الصدمات المتعلقة بالإنتاج والأمن الغذائي.

الأوبئة:

الخبير في الأوبئة محمد أحمد عبد الله قال في حديثه لـ (الصيحة)، إن الانذار المبكر المتعلق بالأوبئة هو نظام لترصد الأمراض على البيانات الدقيقة الكاملة في الوقت المناسب، لتحديد  إمكانية النظام في توفير المعلومات الصحية المفيدة حول السكان الذين تخدمهم الشبكة، وذلك من خلال تقارير كالتقارير الوبائية الأسبوعية، وتقرير ترصد الشلل الرخو الحاد الأسبوعي، وتقرير الإصحاح البيئي، وتقرير الترصد التغذوي (شهرياً)، والتقرير التقني السنوي.

غير مستخدمة في السودان

هذا، واستفسرت الصيحة الدكتور خليفة العوض اختصاصي أمراض الكلى  عن وجود أجهزة إنذار مبكر للأوبئة والأمراض في السودان، حيث اشار إلى عدم وجودها، وقال إن قياس مؤشرات الأمراض والتحوط لها متبع في كثير من الدول، متوقعاً شروع وزير الصحة الجديد في الاستعانة بأنظمة الإنذار المبكر في السودان لتجنب الأمراض الوبائية مستقبلاً.

رؤية متكاملة

وقال مصدر طبي لـ (الصيحة) ـ فضل عدم ذكر اسمه ـ  إن تفشي مرض حمى الوادي المتصدع سنتين على التوالي في ولايات بعينها يتطلب أن تكون هنالك أجهزة قياس للأوبئة.

وأوضح أن أجهزة الإنذار المبكر تمنح الدول رؤية متكاملة للتخطيط والاحتياط من تفشي الأوبئة والأمراض.

مدار الساعة

رئيس وحدة الإنذار المبكر بالإرصاد الجوي أبو القاسم إبراهيم  أشار في حديثه لـ (الصيحة) بتوفر أجهزة متطورة ترصد سماء السودان كل نصف ساعة، وقال إن معلوماتهم تصل للمواطنين بسرعة فائقة، غير أنه اعترف بعدم امتلاك  الوحدة  الرادارات التي تُعطي مؤشرات بدقة متناهية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى