أهم مطلوب من محمد بن سلمان

تفاءل الناس كثيراً في بادئ الأمر بظهور محمد بن سلمان واستبشروا بشغله لمنصب ولي العهد وحماسه للتغيير والتجديد والمواكبة بعد أن كانت المملكة قرناً من الزمان منغلقة على نفسها ليس لها دور يذكر في القضايا العربية والإسلامية، لكن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً بسبب ما شاهدنا ما يحدث اليوم في المملكة فكان من الأفضل أن يبدأ بإخراج المملكة من هذه القوقعة الفكرية وينطلق بها مستغلاً إمكانات المملكة التي يمكنها أن تجعلها دولة عظمى مصنعة معتمدة على ذاتها في كل شيء، بالإضافة إلى الانفتاح المذهبي واستغلال الوسائط الحديثة لنشر الدعوة المكلف بها كل مسلم بصفة عامة والمملكة بصفة خاصة، وفي ظننا أن ما يحدث في هذه الأيام سيزيد المملكة تأخراً وتخلفاً عن ركب الحضارة لأن الدول لا تبنى بالملاهي واللعب وإنما تبنى بالهمة العالية والجدية الفاعلة  وكان المطلوب منه كذلك أن يحرر المملكة من قبضة المذهب الوهابي إكمالاً لما بدأه، ولا شك أن المذهب كان سبباً في عزلة المملكة وتخلفها وعدم مواكبتها ومعاصرتها، ونعني بالمملكة شخصيتها الاعتبارية وليس شخصاً معيناً كيف لا يكون للمملكة دور في كل القضايا الإسلامية والعالمية، وهي في مهبط الوحي وقبلة المسلمين وفيها الحرم المكي وحرم رسول الله الأمين صلى الله عليه وسلم، وهي البلد الأمين الذي أقسم به رب العالمين كيف لا يكون للمملكة دور ولها من الإمكانات ما يساعدها للقيام بهذا الدور ومنها الموقع الجغرافي الذي يعتبر مركز الكرة الأرضية وهي أكبر منتج للنفط وتملك أكبر احتياطي عالمي من البترول وقد ثبت أخيراً أنها أكثر الدول العربية والإسلامية المستقرة سياسياً الى حد ما.

 كل هذه المؤهلات مجتمعة تستوجب على المملكة أن يكون لها دورها الفاعل في وحدة المسلمين والدعوة إلى الله حتى يكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول شهيداً عليهم لا شك أن المملكة بسبب عدم قيامها بدورها الطليعي في القضايا الإسلامية والعربية عاشت في عزلة عن عالمها الإسلامي والعربي في الفترة الفائتة وبسبب مذهبها الإقصائي الذي اعتبر كل من لم يعتنقه خارجاً عن الملة، هذا المذهب الذي خرج من صلبه كل متشددي اليوم من دواعش وجهاديين والشباب المجاهدين بالصومال وبوكو حرام والقاعدة والنصرة وخوارج العصر الذين قتلوا العباد وخربوا البلاد وأشاعوا في الأرض الفساد وشوهوا صورة الإسلام.

ومن دواعي الوحدة المنشودة توسيع دائرة لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتشمل الجميع حتى يدخل فيها كل المسلمين مع مراعاة الخلافات المذهبية.

 ولا شك أن المسلمين في حاجة إلى وحدة تجمع كل المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم ونظن أن الفرق والطوائف ليست ذات أثر في مقبل الأيام لأنها منكفئة على نفسها وبدأ الإقبال عليها في التراجع إلا التي  تواكب وتعاصر وتقبل بالوحدة بمفهومها المطروح والوحدة المتوقعة والقائمة على قبول الآخر هي الأكثر تأهيلاً لوحدة الصف وجمع الشمل.

 ومن دعائم تلك الوحدة أن يكون علاج الخلافات من داخل دائرة هذه الوحدة المشرعة الأبواب لكن المهم أن يجد من يريد الدخول ما يشجعه على ذلك وذلك بقبوله بما له وما عليه حتى نعالج ما علق بتدينه من شوائب، وذلك بالتي هي أحسن وإنه من دواعي الوحدة تغيير الخطاب الديني القائم على السب والشتم والتكفير، ولنكن عباد الله إخواناً نريدها وحدة واسعة الدائرة منطلقة من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَة)”رواه الترمذي وحسنه الألباني” نقبل ثم نعالج نطبق ثم نبلغ ولا شك أن دورنا كمسلمين في التبليغ كان ضعيفاً، لأن الكل منكفئ على نفسه يكفر ويبدع ويريد أن يزيد جماعته على حساب الآخرين وتركنا من لم تصله لا إله إلا الله أصلاً في أفريقيا وآسيا وأوربا، ونذكر أن في المسلمين من لا يعلم المعلوم من الدين بالضرورة وقد أقعدت الدعوة ردحاً من الزمان بسبب هذه الخلافات ومع الهنات والهزات التي حدثت في المملكة هنا وهناك، فهذا لا يمنع  أن تتبنى المملكة هذه الفكرة وقد أثبت محمد بن سلمان أنه شخصية قوية يمكنه أن يفعل ما يراه وأنه مؤهل للقيام بهذا الدور الوحدوي وبصورة واضحة وفاعلة، ولنعتبر ذلك من باب الضرورة لتناسي الخلافات المذهبية وما أظن الذي يحقق وحدة المسلمين بأسوأ من الذي يفرقهم وفي الأثر: “ما تخشونه في الجماعة خير مما تطلبونه في الفرقة”

الشيخ/ أحمد التجاني أحمد البدوي

E-mail:[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى