(حقك تخلّي.. حق الناس تشيل)!!

الوزير فيصل محمد صالح يعاني… مزنوق ما بين قلبه وسيفه…

وأزمته تكمن في أنه قال قبل الثورة، وكتب وهتف عن حرية الصحافة (كلام غزل معسول لذيذ).. حتى إنه أصبح المرجعية التي لا يمكن تجاوزها في مجال الحريات العامة وحق الناس في الحصول على المعلومات.. لم يكن يخلو منه  أي محفل لمناقشة قضايا الصحافة وقوانينها.. كان فيصل رقماً مهماً وجندًا محضراً من جنود (حرية التعبير) خاصة في سنوات الإنقاذ الأخيرة.. ولعل ظهوره المؤثر ومعرفة الناس به مدين بالفضل لتلك المدافعة التي بذلها عن صدق ظاهر وتجرد حاضر..

فذاع صيته بين المنابر فارساً نبيلاً وحارساً لا يبارح بوابته..

الآن.. وبعد تغيّر الديكور احتاج البعض أن يكنس البعض من مجالات الصحافة والإعلام..

 لكن فيصل حبس سيف كلماته العذل!!.. لم يكن ممكناً أن يتحول بين ظفرين إلى ذلك التناقض المزري وينقلب على ما لديه من تراث قريب مبثوث.. أضجرهم موقف فيصل المبرر فجأروا بالشكوى وتنادوا مصبحين وممسين، ألا يدخل الإعلام إلا من قلبه معلق بالحرية والتغيير بحثاً عن حلول أخرى لكتم الانفاس وتبديد الأصوات الصحفية..!!

المشكلة تكمُن في أن موقف فيصل الذي امتنع عن تحريك وسائل النظام السابقة لقمع وإسكات الصحف عبر أيدي جهاز الأمن لن يستمر طويلاً، فالأجواء مُلبّدة و(العنقالة لابدين) كما أن (الجو مغري) و(البرش بي قرش).

 وأولى الإرهاصات تصريحاته الأخيرة والتي دعا فيها للبحث عن وسائل أخرى لمجابهة تلك الأصوات المعادية..!!

وكذا تصريحات وكيل وزارته الداعية للتدخل في (السجل الصحفي) بحجة تنظيفه من غير الممارسين..!!

أخي فيصل.. ليست القصة في وسائل المنع والقمع والترغيب و(الشاي باليانسون)..!! وأيهما أكثر نعومة وميتة حلالاً..

نعلم وتعلم أنك قانونًا كوزير بل وكوزارة للإعلام لا تملكون تلك الصلاحيات والكوابح لتنظيم حركة السير الصحفية.. فهل تتمناها؟!

ولو منحت لك ففي أي الصفوف سيكون صوتك وسيفك..؟!

(ركّز في ورقك)، وقلّل من النظر عبر (البلكونة) إلى ما يملكه الغير من (منابر) و(بنابر)، وبما لك من نفوذ وتأثير حاوِل أن تفرغ وسعك فيما أتاك الله واحتهد ولا تألو.. حرّك مفاصل مؤسساتك النائمة وأيقظها من سباتها العميق وأطلق إشراقها طلاقة وحضوراً.. أوقد في كل ظلمة الشموع، ولا تأذن بجريرة (الإطفاء) التي غالباً ما تجر مرتكبها إلى التي كان منها يخاف.

ولا تكن للخائنين خصيما.

تم التجريب قبلك، وأوصدت الأبواب ونُصبت (الكماين) وارتفعت المشانق والناتج النهائي الواضح الذي لا يقبل الإنكار أن كل المحاولات مهما تحرفنت وأبدعت فإنها فاشلة وعاجزة عن محاصرة الرأي الآخر خاصة مع عصر السماء المفتوحة والعالم القرية.. ثم إن التدجين وتكميم الأفواه لا يجدي في مضمار بناء الإنسان ولا يفي بإحداث التغيير الذي تنشده أمتنا وتنتظره ثورتها المجيدة..

وفيصل على مثاليته ليس بعيداً من بعض الذين فيهم (رقشة) من مسؤولي الحكومة الانتقالية.. والذين لا زالوا يحتفظون ببتوليتهم في محيط خربان وهادر.. فإلى متى؟! وقد حُفّت مواقفهم النبيلة بالمكاره، والحلول السهلة بالشهوات؟!

 كامل التضامن معهم والإشفاق، غير أن امرأة (صوامة وصلاية وصبورة) في (شارع القيامة) قالت لي ذات ضجر إنها تفكر في الاستسلام كل دقيقتين!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى