مفوض الشباب والرياضة السابق بكري مصطفى لـ(الصيحة):

شخصيات بـ(الوطني)  قامت بتسييس الرياضة فـ(حدث ما حدث)

الدفع بشخصيات بلا خلفية رياضية لقيادة الأندية والاتحادات صنع إشكالات 

جنوح بعض المفوضين للإدارة خطأ كبير والتمييز بين المتقدمين ينتهك العدالة.. 

استدامة الجمعيات العمومية مهم والإصلاح يبدأ بعضوية الأندية

 نحتاج لرفع الوعي.. والرياضة تستطيع إصلاح السياسة وبناء الوطن

حوار: ناصر بابكر

ظلت مفوضيات هيئات الشباب والرياضة الاتحادية والولائية التي أنشئت بموجب قانون الشباب والرياضة للعام 2003، مثار جدل وخلاف طيلة السنوات الفائتة التي كانت خلالها محل اتهامات متواصلة من قبل الهيئات الرياضية المختلفة سواء أندية أو اتحادات بمختلف الأنشطة بأنها أداة لتسييس الرياضة وواحدة من أدوات تمكين عناصر المؤتمر الوطني من الهيئات الرياضية مع تحفظ واسع حول أدائها والأدوار التي تلعبها .. 

(الصيحة) فتحت هذا الملف ووضعت الكثير من التساؤلات على طاولة آخر مسجل هيئات شبابية ورياضية وأول مفوض بعد إجازة قانون 2003 الأستاذ بكري مصطفى، وخرجت منه بالإفادات التالية:

*هل من صلاحيات المفوض الإدارة الفعلية؟

–  طبيعة عمل المسجل سابقاً أو المفوض حالياً هي (الإشراف) وليس (الإدارة)، لكن واحدة من أكبر الأخطاء التي يرتكبها بعض من تبوأوا المنصب أنهم يتجهون للإدارة الفعلية بدلاً من طبيعة عملهم التي تقتصر على الإشراف، فالمفوضيات تشرف على الجمعيات العمومية من خلال التأمين على قانونيتها ومتابعة كافة مراحلها من لحظة نشر الكشوفات حتى انعقاد الجمعية وقانونية المشاركين والفصل في الطعون باعتبارها جهة عدلية وبحكم إشرافها هي التي تحدد صحة الطعون من عدمها، لكن بعض المسئولين في المفوضيات كانوا يتجاوزون صلاحياتهم ويعتقدون أن لهم الحق في تحديد قيام الجمعيات من عدمها. 

*هنالك اتهامات للمفوضيات بأنها أداة لتمكين عناصر المؤتمر من الهيئات الرياضية، ما رأيك؟

– في تقديري، خطأ كبير أن تستعين جهة عدلية مثل المفوضية بعناصر تُنتقى وتُفرز بين المتقدمين لإدارة النشاط في الأندية والاتحادات لأن العدالة تنتفي تماماً وتنتهك بمثل تلك الممارسات، وعلى المستوى الشخصي، عندما تبوأت منصب المسجل ثم المفوض في الفترة من 1998 حتى 2004 ورغم انتمائي السياسي، إلا أنني تبوأت المنصب بخلفية رياضية خالصة حيث مارست الرياضة لعباً وإدارة ، ولم أكن غريباً على الوسط الرياضي، بل كنت جزءاً منه منذ الصغر، لذا تقبّلني الوسط الرياضي قاطبة دون أن ينظر لانتمائي السياسي أو يتوقف عنده، وبدوري حينما جلست على كرسي المسجل ثم المفوض عاهدت نفسي والله على أن أكون عادلاً ونصبت نفسي قاضياً ينبغي أن يحكم بالحق وبما يمليه عليَّ ضميري وما تقضي به القوانين، ولم أكن أقبل بأي توجيهات أو تعليمات أو تدخل في عملي من أي جهة كانت، ولم يكن يضيرني أن يستأنف قراري لأنني بشر أخطئ وأصيب ولأن الطعن في قراراتي واستئنافها جزء من تحقيق العدالة.

*ماذا تعلم عن حقيقة التمكين في المؤسسات الرياضية وكيف تراها؟

– في يوم من الأيام كنت أمين دائرة الرياضة بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم، وكنت أرفض تدخل المؤتمر الوطني في الرياضة، وكانت وجهة نظري أن من حق كل شخص ممارسة الرياضة لكن بشرط أن يكون جزءًا أصيلاً من الوسط الرياضي، وأن يمارس عمله الإداري بالتدرج عبر عضوية مجالس الإدارة ثم الترقي تدريجياً وصولا ً للاتحادات مع ضرورة أن يدخل من يرغب في تبوّو المناصب من الباب الرياضي وليس من بوابة تنظيم أو حزب سياسي، لكن في الحقيقة كانت هنالك ممارسات خاطئة من بعض الشخصيات تصر على تسييس الرياضة، وظلت تقحم شخصيات لا علاقة لها بالرياضة والوسط الرياضي لتبوؤ مناصب قيادية في الأندية والاتحادات فحدث ما حدث وتسببوا في العديد من الإشكالات والتدهور لأنهم قدموا أساساً كواجهات للمؤتمر الوطني، وهو ما أقعد الرياضة وتسبب في زهد وابتعاد مجموعة مقدرة من الرياضيين عن الوسط بسبب تلك الممارسات، وأنا شخصيا كرياضي لا أقبل هذا المسلك لا من المؤتمر الوطني سابقاً ولا من أي جهة يمكن أن تفكر بتلك الطريقة، فالوسط الرياضي ينبغي أن يكون للرياضيين ولا يمكن أن نسمع بشخصية غير معروفة ولا علاقة لها بالوسط فجأة على رأس اتحاد رياضي أو نادٍ.

* رأيك في ظاهرة التعيين التي انتشرت في أغلب الهيئات الرياضية؟

– إبان عملنا سابقاً كمسجل ثم مفوض كنا نحرص بشدة على دعم الديمقراطية وحماية أهلية وديمقراطية الحركة الرياضية ويجتهدون لأجل استمرار الجمعيات العمومية في الأندية والاتحادات لقفل الباب أمام التعيين، وأردف: حتى عندما كنا نضطر ونجد أنفسنا ملزمين على التعيين حينما لا تكون هنالك عضوية مستوفية لشروط قيام الجمعية العمومية كنا نمحص في اختياراتنا ونجتهد في اختيار خيار من خيار من الرياضيين سواء في الأندية أو الاتحادات لتعيينهم حتى لا ندفع بشخص لا علاقة له بالرياضة أو بشخصيات غير معلومة وخلفيتها الرياضية ضعيفة، ثم نرفع الأمر للوزير المختص لتعيين من يراه مناسباً، لكن في السنوات الماضية شاهدنا كثيرين لا علاقة لهم بالرياضة ظهروا فجأة وتبوأوا مناصب قيادية في الأندية والاتحادات وهو ما جعل الناس تتهم المؤتمر الوطني بتمكين رموزه ومنسوبيه وهو سلوك خاطئ وغير مقبول.

*يلاحظ الجميع عدم تدخل المفوضيات في حالات التجاوزات الإدارية والمالية، هل لا تملك صلاحية التدخل؟

– على العكس تماماً، من اختصاص المفوضية مراجعة أداء الهيئات الرياضية في الجانب الإداري والمالي، حيث ينبغي أن تقام جمعية عمومية سنوية (جمعية عادية) لمراجعة أداء مجالس الإدارات باعتبار أن الجمعية هي صاحبة الحق الأصيل في المحاسبة في الأندية والاتحادات بحسب القانون وحال عقدت تلك الجمعيات فإنها تساعد المفوض بعمل حصانة للأندية لأن العضو لو قام بدوره في محاسبة مجالس الإدارات ومراجعة الأداء المالي والإداري، فإن المفوض لا يتدخل. وأردف: حال حدثت مخالفات خلال العام  ووصلت شكاوى للمفوض من الأعضاء يقوم المفوض بمخاطبة المجلس المعني بالشكوى ويطلب رده على محتواها وحال كان الرد مقنعاً وكافياً للجهة الشاكية ينتهي الأمر وحال لم يكن كذلك يمكن للمفوض تشكيل لجنة تحقيق تضم خبراء في العمل الرياضي والإداري والمالي وتتوفر فيهم صفة الحياد والنزاهة والاستقامة حتى تكون النتائج التي يتوصلون لها مبرأة من كل عيب، وبعدها حال تأكد للمفوضية وجود تجاوزات تخاطب المجلس المعني للتصحيح ولو لم يستجب تطعن الجهة الشاكية للجهات العدلية مثل النيابة وحينها تأتي المفوضية كشاهد مع العلم أن المفوضية تملك حينها حق المحاسبة برفع الأمر للوزير المختص بعد إطلاعه على تفاصيل التجاوزات كاملة ويتم حل المجلس وتكوين لجنة تسيير لفترة مؤقتة لحين الدعوة لجمعية عمومية، ووقتها يطرح الأمر على الجمعية لتختار بين معالجته أو ملاحقته قضائياً.

*برأيك، ما هي الإصلاحات المطلوبة لتطوير الرياضة؟

– أعتقد أن الأدوار ينبغي أن تتكامل لأن الوزير لوحده أو المفوضيات أو مجالس الإدارات لا توجد جهة لوحدها تستطيع الإصلاح والتغيير والمطلوب في رأيي معالجة تلك المشاكل من الجذور والقاعدة عبر تفعيل الجمعيات العمومية للأندية لأن أكبر مشكلة كانت تواجهنا وتواجه الرياضة السودانية أن عضويات الأندية (موسمية) وهو مصطلح كنا نطلقه عليها لأنها عضوية غير مستمرة ولا دائمة ومرتبطة فقط بفترات الانتخابات وقائمة على مفهوم الاستجلاب وليس الانتماء الحقيقي للنادي، لذا الإصلاح في تقديري ينبغي أن يبدأ بجمعيات الأندية وزيادة حجم العضويات وأن تكون عضوية حقيقية مستمرة ودائمة لأن العضوية في القانون نفسه يفترض أن تكون أكبر مورد للأندية عبر (الاشتراكات الشهرية) التي يحدد قيمتها النظام الأساسي للنادي.. ومسألة العضوية تحتاج لعمل كبير من مختلف الجهات لرفع الوعي بأهميتها لأن عضوية الأندية حال ارتفعت وباتت عضوية كبيرة ودائمة، فإن ذلك يعني استمرار الجمعيات العمومية وتحولها لجمعيات حقيقية تقوم بدورها في اختيار الأصلح والأكفأ لمناصب مجالس إدارات الأندية، ومن ثم مراقبة عمل المجالس ومحاسبتها على أي تجاوزات إدارية أو مالية عبر الجمعيات السنوية العادية وسحب الثقة منها حال فشلت في أداء مهامها وبالتالي ينصلح حال الأندية التي تتكون عضويتها من (أفراد) وحال انصلح حال الأندية سينصلح تلقائياً حال الاتحادات المحلية التي تتكون جمعيتها العمومية من (الأندية) وعندما ينصلح حال الاتحادات المحلية سينصلح تلقائياً حال الاتحاد العام لأنه يتكون من الاتحادات المحلية لذا الإصلاح ينبغي أن يبدأ من القاعدة عبر نشر مفهوم وثقافة العضوية ليبدأ الإصلاح بالأندية مروراً بالاتحادات وهو أمر إن حدث فسيقفل الباب تلقائيا أمام أي تدخلات ضارة ومعيقة من قبل المفوضيات كما أن هذا الأمر سيمنع أصحاب المصالح من التقدم لإدارة الأندية والاتحادات لأنهم سيخشون المحاسبة والتقديم للعدالة حال ارتكاب أي تجاوزات وسيشجع في نفس الوقت الرياضيين الحقيقيين لتقدم الصفوف لتطوير العملية الرياضية.

*هل ترى أن الرياضة يمكن أن تلعب أدواراً مهمة في الفترة الانتقالية؟

– بالطبع، فحال تم تفعيل عضوية الأندية فإن ذلك سيحل من وجهة نظري مشكلة السياسة لأن الرياضة هي أكبر حزب وحين تنصهر عضويتها الرياضية في الأندية بمختلف انتماءات الناس السياسية وتتبلور الأفكار نحو بناء الأندية ثم بناء الاتحادات المحلية ثم الاتحادات العامة فهو تطور يساعد بحق على بناء الوطن كله بعيداً عن الانتماءات وبالتالي تستطيع الرياضة أن تلعب دورا غاية في الأهمية في بناء الوطن حال تم التصحيح والبناء من القاعدة، أما حال الاستمرار في النهج الحالي فإنها ستبقى جزءاً من الإشكال والصراع والدمار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى