خيبة الأمل

خيّبت  حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك  الآمال العريضة التي وضعها السودانيون  على عاتقها في إصلاح الأوضاع الاقتصادية بالبلاد،  ووضع اللبنة الأولى لمشروع وطني يوحد أهل السودان  على جادة النظام الديمقراطي الذي ينقل البلاد من الشمولية  إلى رحاب الديمقراطية ويحقق السلام في الأطراف المشحونة بالبغضاء  والإحساس بالتهميش  

حكومة  حمدوك الذي  جاء بإجماع لم  يجده سياسي في السودان  من قبل عبر التاريخ لم تستفد  من دروس التاريخ القريب والبعيد  وكان حرياً برجل له معرفة جيدة بتجارب  دول من حولنا وليست بعيدة منا نهضت تنموياً بعد  أن توحدت إرادتها وجمعت شعث تفرقها بوجود قيادة ملهمة  تتعالى فوق الصغائر وتنظر للأفق البعيد، كل ذلك كان مُنتظَراً  من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، ولكن خاب الظن وتبدد الحلم على الأقل  من جهة بشريات وعلامات الفشل الصغرى التي لاحت خلال الفترة القصيرة التي  مضت من الفترة الانتقالية.  

نعم،  لا يزال  الوقت باكراً  للحكم على الحكومة،  ولكن كل ما يحدث في  الساحة لا يبشر بخير، بل  الحكومة تمضي هي بنفسها في  طريق شائك ووعر وهي تجمع الحطب  لإشعال حريق يقضي على ما تبقى من الوطن،  فالحكومة هي من أشعل الصراع الأيدلوجي بتبني  التيارات العلمانية المتطرفة ودفعها لمواجهة التيار  الإسلامي السلفي، ومن ثم توسع ميدان المعركة بتبني الفكر  الجمهوري المعادي للإسلام والذي يطعن في أصل العقيدة.

  وكشفت  الحكومة  عن نواياها  التي تضمرها  بتعيين غلاة المتشددين  العلمانيين في مواقع تنفيذية  ترتبط بتربية النشء وتغيير هوية  البلاد العربية الإسلامية إلى هوية  أو هويات أخرى.

وفي سابقة  غير معهودة  في التاريخ، أعلن  مجلس الوزراء مجتمعاً  عن وقوفه مناصراً وداعماً  لوزيرة الرياضة وهي تقاضي مواطناً  عادياً انتقد مذهب الوزيرة، فهب المجلس  مناصراً وزيرته وموجهاً وزارة العدل لتصطف  مع الوزيرة بدلاً من الوقوف في الحياد.  

ويهدد  وزير الأوقاف  الدعاة في المساجد  ويتوعدهم بالويل والثبور  إن هم انتقدوا النظام الحاكم،  وكل هذه العلامات والإشارات وغياب  الدعوة الصريحة لوحدة الأمة والشعب والتسامي  فوق جراحات الأمس وبناء دولة أساسها الحقوق المتساوية  للشعب  

والاهتمام  بالخارج والتغافل  عن الداخل، وقد طاف  رئيس الوزراء أرض الله  شرقها وغربها والتقى زعماء العالم عربهم وعجمهم  ولكنه لم يغبر قدميه حتى اليوم برمال عطبرة ولم تحدثه  المجموعة التي تحيط به عن حاجة حكومته لتطوف على كاس وزالنجي  وخور أبوحبل وعقيق (وعوين جرو) وهي من أغنى إداريات محلية كبكابية، ويكفي  المنطقة شرفاً أنها أنجبت الدكتور عبد الله آدم خاطر  

إن حكومة  الدكتور عبد الله حمدوك أن هي مضت  في منهجها الحالي، ولم تبدل سياساتها  وإعادة ترتيب أولوياتها حتماً ستغرق في أوحال  الصراعات، وأخشى عليها أن تجلس غداً في اجتماع لمجلس وزرائها  لتعلن مساندتها ودعمها لفصيل طلابي يتعارك مع فصيل آخر في إحدى  الجامعات التي فتحت أبوابها، ولكن مع عودة الطلاب إلى القاعات عاد العنف  والصراع مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى