مرض مجهول يقضي على العشرات من العمال بإسكان أبو سعد “73” (1)

عامل: المرض يصيب القفص الصدري... ولم يتم تشخيصه حتى الآن

لجنة العمال: الصندوق لم يشرف على عملية العلاج.. وليس هناك تعويض للوفيات 

العمال: لا توجد وحدة صحية داخل الإسكان ونطالب بلجنة لفحص التربة والمياه 

وصول الصحيفة للمنطقة يثير (بلبلة) وسط إدارة المشروع 

تحقيق: أم بلة النور.. تصوير محمد نور محكر 

يعتبر إسكان أبو سعد 73 بأمدرمان من المشروعات الكبيرة التي يقوم بتنفيذها الصندوق القومي للإسكان والتعمير, عبر ما يقارب (36) مقاولاً وعدداً كبيراً من العمال في عمليات البناء والتشييد والحفريات.

 إلا أن هناك حالات إصابة بمرض غريب انتشر وسط  عمال حفر دورات المياه, دون أن يتم تشخيص المرض, “الصيحة” سجلت زيارة إلى العمال داخل المنطقة وخرجت بهذه الإفادات المثيرة.

فقدان الاتصال 

بعد أن قطعنا مسافة (20) كيلومتراً تقريباً، فقدنا شبكة الاتصال النقال, وصلنا إسكان 73 أبو سعد بأمدرمان, حيث بدأت المنطقة خالية تماماً من السكان سوى عدد من العمال في الجزء الجنوبي من الإسكان, حيث وجدنا عدداً مقدراً من العمال في انتظارنا, وحالهم يغني عن السؤال, حيث تنعدم أدنى مظاهر الحياة في تلك المنطقة. 

مرض غريب 

في حديث لـ”الصيحة”، مع رئيس لجنة العمال كمال عبد الله، والذي تحدث بحسرة عن أحوالهم, والتي تفتقر لأبسط مقومات الحياة, بالإضافة إلى انعدام الوجبات الصحية والتي لا يستطيعون توفيرها نسبة إلى بعد المسافة عن الأسواق مما يدفعهم لتوفيرمواد تموينية لأسبوع كامل, بالإضافة إلى انعدام الوحدات الصحية بالمنطقة لإسعاف أي إصابة أو حالة مرضية مستعجلة.

 مضيفاً أنهم صابرون على مواصلة العمل نسبة إلى أن الأجور مجزية, وإن كانت بالإنتاج .

مرض مبهم

 وعن نوع المرض، قال إن العامل يصاب بآلام شديدة في القفص الصدري خلال المرحلة الأولى, إلى أن يتمكن منه الألم وظهور حالة من السعال الشديد والذي يصل مرحلة فقدان السيطرة على الأعصاب.  

إحصاءات الوفيات  

واصل كمال عبد الله حديثه عن ظهور حالة مرضية غريبة تصيب عمال الحفريات الذين يعملون في حفر دورات المياه داخل السكن الشعبي, وقال إن العامل يصاب بآلام في صدره ولا يشعر به إلا عندما يتمكن منه المرض ويصاب جسده بالهزال، كما يصاب المريض بالكحة, لينتقل بعد ذلك إلى الرفيق الأعلى دون أن يكون هناك تشخيص للحالة أو معرفة نوع المرض, وكشف كمال عن وصول عدد الوفيات إلى 30 حالة إلى جانب 12 حالة مرض 3 منهم منومين بالمستشفيات، ومنهم من لزم الفراش بمنزله دون أن تكون هناك حالة شفاء واحدة, وكشف “للصيحة” اسماء المتوفيين وهم (محمد عبد الله, السماني, وموسى, إدريس, ومحمد البقاري محمد إسماعيل, وأبو سن البتراوي, وموسى هلال, بخيت الأطرش, وأزرق صالح, موداني ود فور محمد أحمد, وبابكر هيكل, وعبد العزيز حامد إبراهيم, عمر ودفور, وإبراهيم أبو سن, وعمر, وأحمد هارون أبكر, الجالي صابر إبراهيم, وقرن عبد الله, فرح أبو جركانة, وخليفة, والسماني أبو فرحة, دهب أبو شنب, بكري محمد, محمد أحمد إبراهيم، الصادق إبراهيم وعبد الله خميس, ومحيي الدين محمد آدم, جاد الرب) رحمة الله عليهم.

الإصابات 

وكشف رئيس اللجنة أيضاً عن عدد الإصابات وسط العمال كانت حوالي (13) إصابة وهم (فرح حماد, وعبد الله إبراهيم ومطر, وعبد المالك, ويحيي جلال, آدم بوليس, جلال حسن, أحمد, وموسى هارون, ومدني يوسف, أبو بكر موسى). 

إهمال الصندوق

وأضاف عضو اللجنة قمر الدين، أن الصندوق القومي للإسكان لم يلتزم بمصروفات علاج هؤلاء المرضى, ولا أي نوع من التعويض للعمال الذين فارقوا الحياة, مضيفاً أنهم يعولون أسرًا ومنهم من لديه ـطفال والبعض الآخر يعول والديه. 

وقال قمر الدين والذي يعمل داخل المشروع، إنهم تقدموا برسالة شفوية لمدير  المشروعات بعد حدوث عدد من الإصابات والوفيات في البداية، إلا أنه لم يستجب لهم, كما تقدموا بخطاب للصندوق القومي للإسكان والتعمير وتم تسليمه لمكتب المتابعة بالمشروع, لتشكيل لجنة لتقصي ومعرفة حقيقة المرض, وأسبابه، إلا أنه لم يستجب حتى الآن, مضيفاً أن المشروع بدأ منذ العام 2015م إلا أن ظهور حالات المرض كانت في العام 2017م .مضيفاً أن هناك (7) حالات من عائلة واحدة قد فارقوا الحياة . 

توقف عن العمل

فيما كشف العامل طارق أنهم توقفوا عن العمل في الحفريات منذ عدة أيام بعد آخر حالة وفاة للضغط على إدارة الصندوق, في تلبية مطالبهم  المتمثلة في تشكيل لجنة للعمل على فحص التربة والمياه, إلى جانب عمل فحوصات عامة لكافة عمال المشروع, حرصاً على سلامتهم, لا سيما وأن المرض مجهول وليس له علاج, كاشفاً عن أنهم قاموا بتدوين بلاغ لدى عناصر الشرطة داخل الإسكان والذين بدورهم قاموا بتحويله إلى قسم (50) حيث وعدهم مدير القسم بتسجيل زيارة ميدانية للمنطقة يوم الأحد, موضحاً أن إدارة المشروع قد منعت بعض العمال من العمل بحجة أنهم يقومون بتحريض العمال. 

إثارة القلق 

وعند وصولنا إلى العمال والحديث معهم, وخلال تجوالنا داخل الإسكان, اتصل عامل بأحد المقاولين مما أثار (بلبلة) وسط العاملين، وانهالت الاتصالات بينهم وبين بقية المقاولين في محاولة منهم لمنعنا من مواصلة عملنا وإيقاف عملية نشر القضية, إلا أن العمال كانوا مصرين على المواصلة لما أصابهم من رعب وخوف على أرواحهم وعلى أرواح زملائهم المصابين, وفي محاولة منهم لاستعادة حقوق من فارقوا الحياة.

في الحلقة القادمة سوف تكشف “الصيحة” عن زيارتها للمصابين, واستنطاق الجهات المسئولة عن هذه القضية, وأهم هذه الجهات إدارة المشروعات بالصندوق القومي للإسكان والتعمير, ومديري المستشفيات الذين يشرفون علي هذه الحالات, ومعرفة التشخيص الذي توصلوا إليه في هذه الحالات. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى