صحيفة أمريكية: واشنطن تشترط أدلة للشفافية المالية وحل النزاعات لرفع السودان عن قائمة الإرهاب

ترجمة إنصاف العوض

كشفت صحيفة “ميامي هيرالد” الأمريكية عن ربط  واشنطن إيجاد دليل مبدئي على أن إصلاحات حقيقية جارية، خاصة في مجالى الشفافية المالية وحل النزاعات المتعددة برفع اسم السودان عن قائمة الدول الراعية للإرهاب.

 وقالت الصحيفة إن الإصلاحيين بقيادة حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك سيعملون على إرساء مبادئ الحكم الرشيد في السودان من خلال فتح النظام للسماح بالمنافسة العادلة وضمان الشفافية المالية وتقليل الإنفاق العسكري والأمني، الأمر الذي يحدد مستقبل السودان. وطالبت الصحيفة واشنطن والمجتمع الدولي بفرض ضغوط مالية من أجل تفكيك شبكة الفساد التي خلفها النظام القديم بدلاً من التركيز على العقوبات الفردية التي وصفتها بذات الأثر الضئيل، وقالت: يجب على الولايات المتحدة وغيرها فرض ضغوط مالية على أولئك الذين يقوضون الطريق إلى الديمقراطية والسلام، بدلاً من معاقبة مسؤول واحد في وقت واحد، وهو تأثير ضئيل للغاية، ويجب فرض العقوبات على شبكات المفسدين، والتي يمكن أن تشمل الشركات والمُيسّرين التجاريين داخل وخارج السودان. 

ويمكن أيضًا استهداف عمليات غسل الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة من السودان عن طريق إصدار إشعار للبنوك في جميع أنحاء العالم من شأنه أن يؤدي إلى زيادة العناية الواجبة من جانب المنظمين لوقف محاولات استنزاف الأصول المنهوبة، وكحافز قوي، يتعين على الولايات المتحدة وغيرها أن توضح للحكومة الجديدة في الخرطوم أنه عندما يكون هناك دليل مبدئي على أن هناك إصلاحات حقيقية جارية، خاصة في الشفافية المالية وحل النزاعات المتعددة  سيتم إقصاء السودان من قائمة الإرهاب.

إسعاف اقتصادي

واشترطت الصحيفة  زيادة االمجتمع الدولي دعمه المالي والتقني للخرطوم خلال هذا الوقت الذي وصفته بالحرج، وقالت الصحيفة أنه  يتعين على شركاء السودان في الخليج والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تقديم المساعدة من خلال وضع خطة إسعافية سودانية تضمن انتقالًا سلسًا وناجحًا إلى الديمقراطية، إضافة إلى حذف السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب التي تمنع المساعدات المالية الأجنبية للسودان منذ عام   1993 وأضافت أن السودان على مفترق طرق إقليمي ودولي، وعلى الصعيد العالمي، يتعاون السودان مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في قضايا مكافحة الإرهاب والهجرة، وعليه فإن على المجتمع زيادة دعمه المالي والتقني للخرطوم خلال هذا الوقت الحرج، إذ سيتعين على الحكومة السودانية الجديدة أن تتعامل مع اقتصاد فاشل، وفي الوقت نفسه، عليها أن تدعم الإصلاحات الديمقراطية. مشيرة إلى أنه لن يكون من السهل إصلاح اقتصاد السودان بعد أن انفصل جنوب السودان عن ثلاثة عقود من الفساد الحكومي والهيمنة.

حجة منقوضة

وقالت الصحيفة إن التحول الديمقراطي الذي يشهده السودان حدث تاريخي استثنائي برغم الغموض الذي يشوب مستقبله، مطالبة  المجتمع الدولي بتوظيفه من خلال دعم تطلعات الشعب السوداني لانتقال ديمقراطي. وقالت إن هشاشة التجربة ينبغي ألا تقود المجتمع الدولي للتردد في دعم الحكومة الجديدة أو الانتظار حتى اكتمال مسار التحول الديمقراطي، وأن الوقت قد حان لبذل كل ما في الوسع لدعم تطلعات الشعب السوداني لتحقيق تحول ديمقراطي. وأكدت الصحيفة ثقة صناع القرار الأمريكى فى بداية العملية الرامية لرفع اسم البلاد عن قائمة الإرهاب قريبًا من قبل الحكومة الأمريكية، بالنظر إلى الأزمة المالية المستمرة في السودان، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة ليست لديها حجة سياسية في الوقت الحالي للإبقاء على التصنيف في مكانه، مبينة أنه أصبح للسودان قيادة يقودها مدنيون وينتقلون من الديكتاتورية إلى الديمقراطية .

وأضافت أن الانفتاح الديمقراطي الذي تحقق على أيدي المحتجين الشجعان الذين استطاعوا الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير بعد ثلاثة عقود من الحكم، وتمكنوا بعد ذلك من إشراك قيادات مدنية في السلطة؛ يمثل حدثاً تاريخياً لا يقل أهمية عن سقوط جدار برلين ولا ينبغي التقليل من أهميته. 

اهتمام سياسي
ورأت الصحيفة أن آخر مرة وجه فيها العالم اهتمامًا سياسيًا جادًا للسودان في وقت قريب حينما أقام أسامة بن لادن في الخرطوم في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، حيث احتضنت البنية التحتية للقاعدة وتمولها من خلال سلسلة من الشراكات التجارية مع نفس الشبكة التي لا تزال تسيطر على السودان اليوم. ورداً على ذلك، قادت الولايات المتحدة إستراتيجية دولية للعزلة، وفرضت عقوبات شاملة فضلاً عن وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب
واحتفظت واشنطن بالسياسة المتشددة تجاه السودان  والتي لم يتم تحديثها مطلقًا، حتى مع تطور سياسة العقوبات العالمية في أعقاب أحداث 11 سبتمبر. غير أن التغير الذي طرأ على المشهد السوداني السياسي جعل من الضروري أن تتجه  الولايات المتحدة إلى سياسة حديثة تمامًا من أجل دعم الإصلاحيين وفرض عواقب وخيمة على المفسدين.
لأول مرة منذ ثلاثة عقود، توجد في السودان فرصة للسلام والديمقراطية لتحقيق آمال الملايين الذين نهضوا بسلام للدعوة إلى التغيير، يجب مواجهة النظام الأساسي الذي يغذي الفساد والذي يحفز العنف والقمع بشكل مباشر. هذا هو بالضبط ما تريده الحكومة المدنية الجديدة وحركة الاحتجاج الجماهيري لكن يتعين على الولايات المتحدة وغيرها دعم هذه الجهود والمساعدة في تفكيك آلة نهب لها إرث من الموت والتآكل الاقتصادي له القليل من أوجه التشابه العالمية.

استنساخ العنف

وحذرت من استنساخ الوضع السوري والليبي واليمني في السودان حال لم تسرع الولايات المتحدة الأمريكية في إجراءات رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للغرهاب، وقالت غن السودان معرض لخطر الفشل إذا لم ترفع الولايات المتحدة اسمه من القائمة، وأضافت: أنه إذا فشل السودان، فإن التداعيات في المنطقة ستكون أسوأ من تأثير الوضع في ليبيا أو سوريا أو اليمن، مضيفة أنه كان ينبغي حذف القائمة مع نهاية النظام القديم، واصفة إصرارها بأنه تحدّ كبير خاصة أن الرجال والنساء من جميع شرائح المجتمع خاطروا بحياتهم لتحقيق تطلعات طويلة الأمد للديمقراطية والسلام، والسودان في لحظة محورية من التغيير والأمل”، مضيفة أن العالم لا يزال ملتزماً  بدعم الحكومة الجديدة وشعب السودان، حيث يشرع في الفترة الحساسة المقبلة.

 إلا أن ذلك كله لن يؤتي أكله حال لم ترفع القيود الاقتصادية التي تسببت بها قائمة الإرهاب، ونصح الموقع باتخاذ جملة من التدابير لتفادي هذا الفشل مثل إزالته من قائمة الإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية، وتعبئة الدعم المالي الهائل للتنمية، من أجل استدامة نجاح الثورة فى التغيير السياسى المستدام.

تماهٍ جيوسياسي

 وأشارت الصحيفة إلى أهمية تماهي الحكومة الجديدة مع القوى الإقليمية الفاعلة المتمثلة في المملكة العربية السعودية والأمارات العربية المتحدة بوصفهما لاعبين إقليميين قويين يشكلان حضوراً قوياً فى تشكيل المشهد الجيوسياسي بالعالم العربي، وأضافت أنه بالرغم من تخلّص السودانيين من الحكم الدكتاتوري، إلا أنه لا زال يبحث عن مسارات لاستقرار جدي يستصحب كافة القوى الدولية والإقليمية المؤثرة بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.

وعليه، تبقى المشاركة الدولية مع السودان أمراً حيوياً للتخفيف من هذه المخاطر، كما يجب أن يكون أعضاء الجامعة العربية جزءاً من العملية الدبلوماسية كون  تربط جميع دولها مصالح في السودان تدفعها لأن تكون جزءًا من عملية السلام للحفاظ على الاستقرار في البلاد.
وأضافت: قام شعب السودان بعمل رائع وشجاع للمطالبة بالإصلاح. وعلى المجتمع الدولي تقديم  الدعم الحقيقي من أجل البناء والحفاظ على سودان ديمقراطي جديد، إلا أن هناك الكثير من العمل ينتظر هذه الأمة وستكون الفترة الانتقالية شاقة إذ أن بناء أمة بعد عقود من سوء الإدارة من قبل نخبة فاسدة ومهينة ليست مهمة بسيطة سيواجه بناء مجتمع ديمقراطي في البلاد يتميز بمؤسسات قوية، وقواعد حرية التعبير، والحق في التصويت، والسياسة المفتوحة والمشاركة، عدد لا يحصى من التحديات السياسية الداخلية وأحيانًا الخارجية مما يجعل عملية البناء طويلة وعالية التكلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى