(ثقل) و(خفة) في غير موضعهما!!

لقد تعوّد بفضل الله تعالى قراء عمود (الحق الواضح) على الوضوح، خاصة في موضوعات يندر طرقها في مجتمعنا رغم أهمية إثارتها والمناقشة فيها، ونأمل أن يكون ما يطرق في هذه النافذة فيه الخير والنفع، ويحقق الله تعالى به المقصود، فكم نحن بحاجة إلى طرق لكثير من الجوانب خاصة ما ينتشر من الظواهر، مما يكثر ويتكرر وقوعه، وهو ما يصطلح عليه الفقهاء والأصوليون بتسميته (ما تعم به البلوى).

تصحيح الأخطاء التي تنتشر في المجتمع له أساليبه وطرقه، وربما أجدى أحياناً العتاب (اللطيف)، والتوجيه (غير العنيف)، وربما كان (جلد الذات) بخيط رقيق مثمراً ومفيداً، وفي هذا الاتجاه دعونا نقارن بين أمرين، يوضحهما عنوان المقال: (ثقل مكان الخفة وخفة مكان الثقل)، فليت الثقل في الشق الأول كان خفة، وليت الخفة في الشق الثاني كانت ثقلاً، وتعالوا لنقف هاتين الوقفتين:

ثقل مؤسف !!

(الثقل) وبطء الحركة وجملة من التصرفات – بلسان الحال أو المقال – التي يشعر بها صاحب المحل أو البائع.. العميل وكأنه في مقام المتسول وأن الحاجة إلى البيع أو تقديم الخدمة يحتاجها العميل فقط وليس البائع أو صاحب السلعة أو مقدم الخدمات..

هذا السلوك في مجتمعنا بحاجة إلى معالجة وتوعية حتى توضع الأمور في نصابها .. ويخشى على هذا الصنف من الناس أن يكونوا ممن يشملهم قول النبي – صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم : شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر)، رواه مسلم.

فقد يكون البائع (عائلاً) بمعنى (فقير) وفي أشد الحاجة إلا أنه يستكبر ويظهر ذلك في عدم تجاوبه وعدم سماحته ولطفه مع المشتري وإشعاره له أنه ليس بحاجة إلى مبايعته وأن شراءه أو عدمه على حد سواء ..

وفي كثير من شعوب العالم (الإبداع) لدى البائعين ومقدمي الخدمات في (الاحتفاء) بعملائهم ورواد محلاتهم ونقل هذا ونحوه من مهام (وسائل الإعلام) التي يغرد كثير منها خارج السرب.. وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة من الله تعالى لأهل (السماحة) في البيع والشراء.

فليت المعنيين بهذه الكلمات جعلوا محل ثقلهم خفة !!

خفة مهلكة!!

بعض الناس بلغ به السقوط والتردي في الأخلاق أن يفرح بأخبار الطلاق.. وفساد ذات البين بين الزوجين أو بين الأخوين أو الشريكين أو الزميلين أو الجارين .. تجده يبحث عنها وينقب للوصول إليها ثم إذاعتها ونشرها بطرق شيطانية .. وفي المقابل فإنه يحزن إذا تبين له أن الناس بخير!! وأن أمنياته لم تتحقق!! هذا الصنف لك أن تصفه بالخبث وسوء الخلق ومن ذلك الحسد.. ومرض القلب..

والمطلوب عمل (تخلية) (إخلاء) وبلغة العصر (فرمطة) عاجلة لقلبه.. ثم (تحلية) بعد ذلك بقراءة بتدبر في كتاب الله ودراسة مفيدة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة في كتاب كالجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم ونحوه من سماع المواعظ المؤثرة .. والجلوس مع طبيب حاذق وهو العالم الرباني أو طالب علم يسبق فعله قوله ليصف له من هدي النبوة وهدي السلف الصالح ما يطبب به داءه ويداوي أثره السيء .. وينذره من خطورة ما حل به من محبته الشر للمسلمين وفرحه بذلك وضرره عليه في العاجل والآجل .. وإن نفع ذلك وغيره منوط ومعلق بتوفيق من الله العليم الخبير الذي يعلم السر وأخفى وهو على كل شيء قدير. وما أكثر المرضى بهذا الداء في مجتمعنا!! وما أشد الحاجة إلى المعالجة والتطبيب!!

إنها الخفة والتدخل في ما لا يعني ، وليت المعنيين بهذه الكلمات جعلوا محل خفتهم ثقلاً !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى