تصريحات فيصل

* استبشرنا ولا زلنا نستبشر خيراً وتفاؤلاً  بتعيين زميلنا الأستاذ فيصل محمد صالح وزيرا للثقافة والإعلام، في الحكومة الانتقالية وهواستبشار جاء من (عشم) في إصلاح (صالح) لحال إعلامنا (المائل) لما نعلمه في الرجل من قدرات ومقدرات تمكنه  من إنجاز ذلك ..

*لكن ومنذ تسنمه الوزارة  سلك الصديق فيصل مسلك وزراء (الحرية والتغيير) في إطلاق تصريحات تخالف مبدأ وشعار الثورة الذي قامت من أجله (حرية.. سلام.. عدالة) وتعرض الرجل لضغوط من نشطاء الأسافير فأوصى الرجل بإعفاء (إسماعيل عيساوي) من إدارة الإذاعة والتلفزيون بتهمة الانتماء للنظام السابق، وهي تهمة أنكرها عيساوي، كما أن الشواهد  تنفي انتماء عيساوي للإنقاذ فيما مضى، ومما يعني أن ظلماً وقع على عيساوي بسبب توصية فيصل لرئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

*بعدها خرج فيصل بتصريحات أثارت جدلاً وسط الزملاء حين قال إن معظم الصحف التي تصدر هي ضد الثورة وأهدافها وهو أمر – إن صح تأكيده- يعد مخالفاً لأحد شعارات الثورة وهي الحرية، وهو مثابة استعداء شباب الثورة على تلك الصحف وصحافييها، وفيصل بذلك يعرض (زملاءه) الصحافيين ممن يخالفونه الرأي و(التوجه) لمخاطر بعض المتزمتين والمتفلتين  باسم الثورة.

*فيصل حينها  اتهم الصحف بالتهافت خلف السلطات مما عطل دورها، مستشهداً ـ حسب زعمه ـ  بأنه ومع وصول المجلس العسكري للسلطة تحولت الصحف مباشرة للدفاع عنه. 

* آخر تصريحات فيصل حديثه قبل أيام في مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون بأم درمان، في أول زيارة له بعد تسلُّمه المنصب، وعقد اجتماعاً بمكتب المدير العام إبراهيم البزعي وأعلن فيصل فيها  أن سياسته تعتمد تغيير العقلية والمنهج والسياسات والقيادات بالأجهزة الإعلامية وتحويل الهيئة لهيئة مستقلة.

*فيصل وبحسب صحيفة التيار أشار إلى أن هناك جهات عملت على خلق أجهزة إعلام موازية لأجهزة الدولة، وأنه سيوصي حسب سلطاته بإخراج الأجهزة الأمنية (المخابرات) من السوق الإعلامي، باعتباره ليس مجال عملهم.

* وقطع فيصل أنه ضد أي اتجاه لعسكرة الأجهزة الإعلامية -على حد تعبيره- وتابع: (نحترم القوات النظامية لكن يجب أن تعمل أجهزتها الإعلامية الخاصة في حدود تخصصاتها).

*حديث فيصل الأخير حول خروج الدولة واجهزتها من الاعلام  أتى رغم علم استاذنا فيصل بتحول الإعلام منذ بداية القرن المنصرم، إلى أداة شديدة الفعالية، وصار من أهم الوسائل التي تستخدمها الدول في ضبط المجتمع، وفي تنفيذ سياساتها الخارجية. 

*ففي بداية القرن العشرين كان الخيار في الولايات المتحدة واضحاً بالنسبة لمراكز القرار،  حين قررت الدولة ربط الإعلام بجهاز الاستخبارات، وتم هذا من خلال مسارات متعرجة استندت إلى دراسات أكاديمية تتعلق بتشكيل الرأي العام وبنظام التعليم.

* كان لتطور وسائل الإعلام دور كبير في تعديل أساليب التعامل مع الصحف والإذاعات. واشتدت هيمنة الدولة على الإعلام خلال العقد الثاني من القرن العشرين الذي شهد انتشار استخدام أجهزة الراديو في الولايات المتحدة بالتوافق مع ازدهار صناعة السينما.

* هذا الأمر منح أجهزتها المتخصصة  إمكانية الوصول إلى أوسع شرائح من الجمهور من خلال بث رسائل متتالية، ظاهرها بريء لكنها مدروسة بعناية فائقة، بهدف تعميم ثقافة الرضوخ لقرارات الدولة.

* في اعتقادي أن أستاذنا فيصل في حاجة إلى إعادة ضبط لتصريحاته فيما يتعلق بسياسات الدولة الإعلامية؛ حتى لا تفسر تفسيرات غير التي يقصدها، وإن التزم الرجل الصمت وانتظر مخرجات الورش التي وعد بها في بدايات  تعيينه لتضع له خارطة طريق لإعلام الدولة في المرحلة المقبلة لكان خيراً له . 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى