أزمة أبيي تطفو على السطح من جديد

أماني دينق ألور وتصعيدات التجييش هل تُعيد المنطقة إلى المربع الأول؟

صلوحة: لن تتنازل الحكومة عن دماء العشرة آلاف مسيري وأبيي شمالية

عبد الرسول النور: عدم الاعتراف باستفتاء الشعبية رد دولي صارم وستظل أبيي كما هي

تقرير: عبد الله عبد الرحيم

بمثل ما أنه شَكّلَ إحدى الدعائم المستمرة لإطلاق أزمة أبيي في أوقاتها السابقة قبيل الانفصال وبعده، أعاد القيادي بصفوف الحركة الشعبية الحاكمة في دولة جنوب السودان دينق ألور وزير الخارجية الأسبق، قضية أبيي إلى الواجهة مرةً أُخرى في هذه المرحلة المُعقّدة من تاريخ المنطقة والظروف المفصلية التي يمر بها السودان، حيث كشف عن تفاهُمات على أعلى مُستوى تمّ الاتفاق عليها بشأن أبيي المُتنازع عليها بين الجنوب والسودان أو بين قبيلتي دينكا نقوك والمسيرية سكان تلك المنطقة من طرفي الدولتين.. وقال ألور إنّهم تَفَاهَمُوا مع الحكومة حول إلزامية قرار محكمة التحكيم الدولي في لاهاي، مؤكداً بأنّهم حصلوا على وعدٍ من الفريق أول محمد حمدان دقلو عضو المجلس السيادي بصدور قرار من الحكومة ينهي النزاع في أبيي بعد لقاء المسيرية في الأيام القادمة.. وقد أثَارَ هذا الحديث حَفيظة المُتابعين من السودانيين لقضايا منطقة أبيي التي اُستشهد خلالها الآلاف من أبناء السودان من قبيلة المسيرية والمُواطنون الآخرون من القبائل السودانية التي تقطن المنطقة.. بيد أنّ تَصريحات ألور أعَادَت للأذهان حالة الجدل المُثيرة التي كانت تَدُور بين قيادات المنطقة من دينكا نقوك وقيادات المسيرية، عقابيل قيام أبناء نقوك طرف الحركة الشعبية بإقرار استفتاء من طرف واحد لم يجد الدعم والاعتراف لا المحلي ولا الدولي، ورمى ألور باللائمة كلها على نظام البشير ومن أنّه عمّق من تعقيدات المُشكلة التي بحسب ألور راوغت فيها حكومة السودان كثيراً.. فهل يستطيع المجلس السيادي لوحده تقرير مصير أبيي دُون الرجوع إلى أهلها من السكان على رأسهم المسيرية؟ وما هي هذه التّفاهُمات التي فهم منها أنّها ربما يُمكن أن يكون تنازلاً عن الأرض والمنطقة؟ وهل المجلس يملك هذا العطاء؟ وما هي الخطوات المُرتقبة من قبل قيادات وقِوى المسيرية تحديداً حول أزمة المنطقة؟.

دينق ألور يكذب

وقال رئيس إشرافية أبيي جانب السودان المهندس صالح سليمان صلوحة، لـ(الصيحة)، إنّ ما راج من حديث ونقل عن دينق ألور خالٍ عن الصحة، وليس له ما يسنده رغم ثقتنا التامة في صحيفة (الصيحة)، مُؤكِّداً أنّ ما ذكره دينق ألور حديثٌ خطيرٌ ولا يمت للحقيقة بصلة، مُستبعداً أن تكون الحكومة اتّخذت مثل هذه الخطوات ولم يكن لنا علمٌ بها، كجهاز رئاسي يُدير منطقة أبيي، مُستبعداً أن يكون ما قاله ألور صحيحاً.. وقال صلوحة إنّ دينق ألور رجلٌ يبحث عن المشاكل منذ عهد الدولة الأولى عندما كان وزيراً للخارجية.. مُوضِّحاً أنّ مثل هذه المواقف أحدثت الكثير من أزمة الثقة بينه وسلفا كير وقتها.. ونفى صلوحة علمهم بهذه الإجراءات وقال إنّ حكومة السودان لا يُمكن أن تُفرِّط في قضية أبيي التي وصفها بـ”الشائكة والمُعقّدة”.. وأضاف أنّ أزمة أبيي يتوقّف عليها مُستقبل قبيلة المسيرية وهم من الأهمية بمكان للسودان.. مُذكِّراً بأنّ الحديث الذي نُسب للفريق أول محمد حمدان دقلو غير دقيق، ومُشككاً في أن يُفرِّط “حميدتي” في أرض أبيي المفصلية التي ترتبط بالأمن والقرار القومي.. وأوضح صلوحة بأنّ أبيي بالنسبة لهم أمرٌ محتومٌ ولا يُمكن أن يفرطوا فيها.. وقال إنّ عشرة آلاف من شهداء المنطقة لن تتنازل الحكومة عن قضيتهم أبداً. 

أبيي شمالية

بينما يرى القيادي المسيري وحاكم إقليم كردفان الأسبق عبد الرسول النور لـ(الصيحة) أنّ قضية أبيي لها مساران في إطار الحلول المنظورة لحل أزمة المنطقة، مُشيراً للنزاع السياسي بين حكومة السودان وجنوب السودان.. وقال إنّ البلدين محكومان ببروتوكول أبيي وبالتّفاهُم الذي تم بين رئيسي البلدين، وقال النور إنّ أهل المنطقة لا يُمكن أن ينحنوا لأيِّ قرارٍ سياسي إلا بعد اِستشاراتهم ومَعرفة القرار نَفسه. وأكّد أنّ المَنطقة سَــــــوف تَظل كَمَا هي إلا إذا حَصَلَ استفتاء أو أيِّ قرار سياسي بعلم أهل المنطقة أنفسهم. وأكّد حاكم كردفان الأسبق، إن أبيي شمالية، حسب ميثاق “الإيقاد” المُكوّن من ست نقاط والذي وقّعت عليه الحركة الشعبية والمجتمع الدولي، وأنّها ستظل منطقة شمالية إلا إذا حدث استفتاءٌ وقرّر أهلها الانضمام لدولة الجنوب. وقال إنّ مُحاولة أبناء دينكا نقوك إقامة استفتاءٍ من طَرفٍ واحدٍ أبلغ دليل لرد أطماع الجنوبيين وردِّهم عن ضَالة طريق التصعيد بعد أن وجد ذلك الاستفتاء عدم الاعتراف من المُجتمع الدولي والمحلي والإقليمي. 

تربُّصات الشعبية

ويقول الرئيس السابق لإشرافية أبيي المهندس حسن علي نمر، إنّ قضية أبيي تُدار من الطرف الآخر(صقور) من الحركة الشعبية، وعلى رأسهم دينق ألور ومَرجعيتهم الكلية د. دينق مجوك.. وقال نمر إنّهم حاولوا في الفترة السَّابقة ليقتربوا مِن اِتفاقية 20/6/2011م ولم يَجدوا فُرصة ليتجاوزوها، لاختراقها، حيث أنّها كَانت مُلزمة للطرفين بمُراقبة الاتّحاد الأفريقي وأيِّ تَغييرٍ لا بُدّ من أن يُوقِّع عليها الطرف الآخر، حَيث أنّ الاتفاقية كانت مُلزمة للطَرفين بناءً على رقابة الاتّحاد الأفريقي.. وأضَافَ أنّ أبناء دينق مجوك في مُحاولاتهم لتجاوُز الاتفاقية لم يكلوا إطلاقاً.. مُشيراً إلى أنّ التغيير الذي تَمّ في السُّودان فتح لهم بصيص أمل في إمكانية تَجاوُزه، والتحفظ على كل ما تم من اتفاقيات مع النظام السابق.. وقال إنّ هذا الأمر هو الذي دفع دينق ألور ليطل برأسه من جديد عبر المجلس السيادي.. وزاد: لا أدري صحة ما يقول، بيد أنّه قال هو يُحاول التشويش للحكومة حول اتّخاذ القرار،  مُطالباً الحكومة التمسُّك بكل الاتفاقيات السابقة وتعطينا تبعية المنطقة إلى أن يتم الأمر عبر استفتاء رسمي.. ودعا إلى عدم التّعجُّل لما يطرح عبر أجهزة الإعلام وما يُطلق عبر “بالونات” دينق ألور للتشويش على الرأي العام.. وقال: نحن نثق تماماً فيما تمّ من اتّفاقٍ بين السودان كدولة والمُؤسّسات الدولية، وإن مُجتمع أبيي مُتمسِّكٌ بكل حقوقه التاريخية ولن يفرِّطوا، مُوضِّحاً أنّ قُوة السودانيين نالوها من خلال الاتفاقيات الدولية، وأنهم لم يتوانوا في أن تكون أبيي أرضاً سودانية. 

المربع الأول

وأوضح نمر أنّ المُؤسسات الدولية لها مرجعياتها ولها احترامها، ويجب أن ينصاع أبناء دينكا نقوك في الشعبية لهذه القراءات، متسائلاً: كيف لا نعطي احتراماً لكل هذه المُؤسّسات ونتجاوزها، رغم أنّها جاءت بشهادة ورقابة الاتحاد الأفريقي و”الإيقاد” والدور الأصيل والمُقَدّر الذي يلعبه، وقال إنّ تجاوُز هذه المُؤسّسات يعيد الناس للمربع الأول وهو (الحرب)، لكنه قال نحن لا نريد “الفتنة” وإذا أُجبرنا عليها فمرحباً بها.. وأكد نمر أنّهم يثقون تماماً في المجلس العسكري ومرجعياته بشأن أبيي، مُنادياً بضرورة الاستماع لإنسان المنطقة من أبناء المسيرية لمصلحة الوطن، وقال: نحن مع المَرجعيات برجوع المجلس القيادي الى المُؤسّسات إن كانت مُؤسّسات مجتمع أهلي أو مُؤسّسات تم تشكيلها خُصُوصاً لهذا الأمر. 

(4000) جندي بالمدينة

ويصف القيادي المسيري، نائب رئيس حزب الأمة المتحد موسى حمدين، حديث دينق ألور بأنه بلا قيمة، وقال إنّ المجلس القيادي لا صلاحيات له بالتنازُل عن أبيي، وقال إذا تم فإنّه تنازل عن السيادة.. مُؤكِّداً أنّ أبيي تقع داخل حدود 1/1/1956.. وقال حمدين إنّهم يُتابعون الخطوات التي يتبعها دينق ألور وغيره من القيادات الجنوبية وفهم غير المبرر بأن المجلس العسكري والسيادي ضعيفٌ، لذلك يرى حمدون أنهم يسعون لتحقيق تَقدُّمٍ لصالح دولة الجنوب في أزمة أبيي المحكومة بمُقرّرات دولية وإقليمية.. مُؤكِّداً أنّ أبيي دونها المُهج والأرواح، وأن أبناء نقوك لا يستطيعون أخذ أبيي طالما أبناء المسيرية والسودانيين موجودون.. مُشيراً إلى أنّ أيِّ تنازُل في القضية مرفوضٌ مهما علو الجهة التي أصدرته.. واستنكر موسى خطوات قيادات الحركة الشعبية في حكومة الجنوب وقيامهم بالتجنيد في أبيي على مسمع ورؤية الجميع.. مُبيِّناً أنّهم قاموا بتجنيد أكثر من (4000) جندي داخل المدينة بعلم “يوناميد” وإعدادهم لمُخطّط خبيثٍ يصنعه أبناء الجنوب، مُشيراً إلى استعدادهم للسيناريوهات كَافّة.. وزاد: هناك آلية شعبية برئاسة مهدي بابو والطاهر الرقيق الحاج وحمدين، للتّبَاحُث حول قضايا المنطقة ومُحاولة إيفاد وفدٍ لمُقابلة سلفا كير وتسليمه رسالة واضحة ترفض كل مُحاولات التصعيد التي يقوم بها قيادات الشعبية.. وقال إنّ أمن السودان وقضية أبيي خطٌ أحمر.. مُطالباً بعدم فتح حدود 1/1/56 حتى لا ينفرط الأمن، مؤكداً استعدادهم للجلوس مع الطرف الآخر في أيِّ زمانٍ ومكانٍ لأجل الوصول الى حلول مرضية دُون التنازُل عن السِّيادة الوطنيَّة.    

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى