اللجنة الأمنية.. تفاصيل اللحظات الأخيرة

 

 

الخرطوم: صلاح مختار

على مدى أربعة أشهر ظل آلاف السودانيين يخرجون للشوارع في مظاهرات مطالبين بالديمقراطية وإنهاء الأزمة الاقتصادية. بل تعدت تلك المطالب إلى تغيير النظام، وعندما تطورت الاحتجاجات ووصلت إلى محيط القيادة كانت اللجنة الأمنية العليا المؤلفة من وزير الدفاع وقادة الجيش والمخابرات والشرطة تواصل اجتماعاتها بشكل دقيق ويومي وتتلقى التقارير والتنويرات وتقوم بإبلاغ الرئيس المخلوع على تطورات الشارع والجائحة الاقتصادية. ولكن حتى اللحظات الأخيرة لم يتصور أن تضع اللجنة الأمنية التي شكلها الرئيس المخلوع خياراً صعب المنال بالاستيلاء على السلطة ورسم سيناريو المرحلة الانتقالية.

مهدد للأمن

ولأن المشهد أصبح مرعباً بالنسبة إلى السلطة والقيادة في نظام الإنقاذ وأن الخطوات أصبحت تتسارع نحو الهاوية قام الرئيس المخلوع في الأسبوع الأخير بعقد تنوير مع قادة القوات المسلحة بالإضافة إلى استدعاء قوات الدعم السريع لتأمين العاصمة خاصة أن الاعتصام حول القيادة دخلت فيها عناصر ترى اللجنة بأنها مهدد للأمن, وأكد مصدر أمني سابق لـ(الصيحة)، أن اللجنة الأمنية قامت بتجميع عدد من القوات المدججة بالأسلحة وعدد من (التاتشرات) في يوم العاشر من أبريل ولكن تم سحبها من منطقة خلف القيادة فيما إحيطت اللجنة علماً بوجود حشد لكوادر المؤتمر الوطني الذين يقدرون بالآلاف، ولكن لم يطلب منها التدخل.

أمر وقت

في يوم العاشر، كان المشهد يوحي بأن التغيير أصبح امر وقت وأن الأمور أصبحت تتفلت من السلطة، وأن الشرطة وبحسب تقارير لمصدر لـ(الصيحة) أصبحت تواجه بمقاومة شرسة وحرق لمركباتها من المتظاهرين بالأحياء بجانب أن هناك أستياء عام بضرورة التغيير، كذلك اللجنة الأمنية كانت تقف على الوضع الأمني في الولايات والتقارير الواردة منها تشير إلى اتساع رقعة الاحتجاجات والمطالبة بتغيير  النظام، وأكد المصدر أن ليلة العاشر عشر من أبريل كانت حاسمة في عملية التغيير والذي عقدت فيه اللجنة الأمنية اجتماعاً قيمت فيه الأوضاع الأمنية بالبلاد وجملة الاتصالات مع القوى السياسية التي تشكل حركة الشارع، ويبدو أن اللجنة الأمنية حسمت أمرها ووصلت إلى قناعة وخلصت إلى أنه ـ أي البشير ـ فقد السيطرة على البلاد، واتخذت القرار بالاستيلاء على السلطة.

الدائرة المقربة

قالت مصادر تحدثت لـ(رويترز)، أن أحد أفراد الدائرة المقربة من البشير كان من ضمن آخرين ممن تحدثوا مع البشير في تلك الساعات الأخيرة أن الرئيس ذهب لأداء الصلاة بعد تلقي تقارير بإمكانية تجاوز الأمر، وقال هذا المصدر لرويترز “كان ضباط الجيش في انتظاره عندما أتم صلاته”. وأبلغ الضباط البشير أن اللجنة الأمنية العليا المؤلفة من وزير الدفاع وقادة الجيش والمخابرات والشرطة قررت عزله. وكان البشير قد دخل فراشه لينام مرتاح البال. وعندما استيقظ بعد أربع ساعات أدرك أن قوش خانه.

تفاصيل سابقة

وروى القيادي بالحزب الشيوعي صديق يوسف لـ(الصيحة) تفاصيل سبقت الإطاحة بالنظام المخلوع ورجع بالذاكرة إلى فترة التوقيع على الوثيقة، حيث قال. بعد الثورة وقعت الوثيقة الدستورية في (17) أغسطس ولكن نحن كحزب كان لدينا تحفظ على تلك الوثيقة لأنها تجاوزت الاتفاق الأول الذي أبرم مع اللجنة الأمنية والتي تنص أن يكون المجلس السيادي دون سلطات، وأن تكون الحكومة برلمانية (100%), وقال إن الوثيقة الدستورية أمنت للمجلس السيادة تخصصات لم يتم التوافق عليها خلال اجتماعاتهم في رمضان من الاتفاق الأول, وأشار إلى تجاوزات تمثلت في حق العسكريين في السيادة تعيين وزير الري والدفاع الأمر الآخر أعطى حق تعيين العسكريين في مفوضية السلام والحدود والانتخابات أيضًا أعطي مجلس السيادة قيادة السلطة على القوات النظامية وسلطة رابعة في التشاور في موضوع الأمن بينهم ومجلس الوزراء، قال هي سلطات لم تكن موجودة في الاتفاق الأول بينهم واللجنة الأمنية رمضان وهو ما تحفظنا عليه.

أمر واقع

وقال يوسف: كنا موافقين على ما ورد في باقي الاتفاق بيد أنه أوضح في (11) أبريل عندما أصدرت اللجنة الأمنية بيان الاستيلاء على السلطة، كحزب شيوعي أصدرنا بياناً أعلنا موقفنا وقلنا هو انقلاب عسكري متهمين اللجنة الأمنية بأنها تتبع لنظام الرئيس المخلوع للبشير. وأقر بوجود مفاوضات تمت بين اللجنة الأمنية وقوى الحرية والتغيير في رمضان تم التوصل فيه للاتفاق المشار إليه سالفاً. بيد أنه قال: حصلت تجاوزات، ولكن بعد ذلك أصبح أمراً واقعاً باعتبار أن هناك سلطة قمنا بالتفاوض معها ولكن لدينا تحفظات فيما تم التوقيع عليه في الفترة الأخيرة بيد أن هناك بعض فصائل قوى الحرية والتغيير وافقت على التعديلات ووقعت عليها، ولكن نحن كحزب شيوعي لم نحضر الاجتماع الذي تم فيه هذا الاتفاق، أنا لم أحضر وكنت عضواً في التفاوض، وهو موقف الحزب، وليس موقفاً شخصياً. وقال: بعد التغيير واعتراضنا على الاتفاق فرقنا بين البرهان وابن عوف، لأنه كان انقلاباً يقوده الناس الذين كانوا في اللجنة الأمنية للنظام السابق، ورأينا فيه انقلاباً ولكن تعاملنا معه لأسباب توازن القوى وأسباب أخرى فرضت علينا الشكل الذي صدر به في الوثيقة الدستورية، وأصبح أمراً واقعاً نتعامل معه، هنالك حكومة لديها برامج ونماذج مما جاءت به الثورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى