حكمة (حميدتي) تنقذ (القلد)!!

إن التدخل السريع والحاسم لقائد قوات الدعم السريع عضو المجلس السيادي الفريق أول  محمد حمدان دقلو وضبطه إيقاع حفل التوقيع على اتفاق (القلد) الذي تم بين قبائل النوبة والحباب والبني عامر بالبحر الأحمر، حيث أنقذ حميدتي الاتفاق من الانهيار بعد حالة الهرج والمرج والمقاطعة وممانعة قبائل النوبة عن التوقيع احتجاجاً على معلومات خاطئة أوردها وكيل نيابة الولاية، حيث استغل البعض الموقف لبداية موجة تصعيد جديدة، لكن حميدتي استدعى ذاكرته الحكيمة وموروثه الدارفوري في الجوديات التي تعلو فيها النفوس وتهبط وموروث اهل السودان في المصالحات، ومعلوم أن دارفور قد ذاقت ويلات الحروب القبلية والسياسية، وتألمت لضحاياها وتعرضت لخسائر هي الأكبر على الإطلاق في السودان لكنها بدأت في التعافي.

 إن حميدتي ابن الأربعين عقداً أو تزيد من عمره بهر الحضور بقوة شخصيته وهو يفرغ كل طاقته في سبيل صناعة الاتفاق، لافتاً نظر الجميع ومذكراً ببورتسودان المدينة الاستراتيجية المهمة لكل السودانيين، وان استمرار النزاع بين الطرفين سوف يؤثر على مكانة هذا الميناء وأهله، ولابد من التعايش السلمي، وسيكتب التاريخ لحميدتي دوره ورؤاه المقنعة التي طرحها بلا مجاملة وأسهمت في التوافق على الاتفاق التاريخي الذي لبى طموحات الحضور الذين قابلوا حديث حميدتي بالهتاف والتصفيق بعدما كان المكان منشغلاً بالمهاترات والمشادات الكلامية بسبب ما شعر به النوبة من شك ووضع غائم على خلفية حديث وكيل النيابة الذي أرغمه حميدتي على الاعتذار، وقد فعل، ولو حدث هذا الموقف لأي قيادي سياسي آخر غير حميدتي لأربكه خاصة الكثير بات يتحدث بطموحات الثورة في كل معاركه السياسية والاجتماعية، بيد أن حميدتي واجه الموقف بحسم وكان تدخله في الوقت المناسب لاستشعاره أن الموضوع يستحق الأهمية الواجبة، وهو ما تسرب من إحساس للحضور الذين أصيب بعضهم بالوجوم، فواجب اللحظة فرض على حميدتي التعامل بقوة جعلته يعتذر للحضور بعد نجاح الاتفاق قائلاً: (أعفوا لينا لو سخنا معاكم وقلنا كلام حار وبعد دا ممكن نقول الكلام المعسول).

 إذا لم يتدخل حميدتي في تلك الأثناء وبذلك الأسلوب القيادي وبالفعل الحاسم لكان الأمر فلت من يد الجميع وتحول في اليوم الثاني إلى عناوين صحفية تائهة لا تضع الأمر في إطار جديته المطلوبة، وإنما في خانة الإثارة دون أن يدرك الكثيرون تبعاته المادية ويصبح متروكاً لشعب القبائل المتناحرة الحيرة والصدمة والضحايا والضرب في متاهات المواجهة. لذلك فإن حميدتي قد تدخل بحسم على طريقة القائد وقت الضيق وفي نفس الوقت الذي كان يفكر فيه آخرون في تأزمات الموقف ممن هم جلوس داخل القاعة مستأثرين بحصاد التأني والصمت ومستمتعاً وهو ينظر إلى شظايا المجادلة تتطاير عبر ممرات الكراسي وكاميرات التصوير تترصد وهي مسخرة مهارات غضب الشباب وتوظفها لتصهرها ضمن الترويج لمعادلة الحرب والخطر الذي خرج من معقله وجاء ليمسك برقبة ثغر السودان الشرقي ويمنع عنه السياح والمستثمرين الأجانب.

إن حكمة حميدتي وسرعته في التعامل والتعاطي مع الحالات الباردة والساخنة الطارئة في مسارح العمليات أسعفته في تلك اللحظات لنزع فتيل الأزمة التي يحضر لها البعض قبل أن تصل خطوط التماس ذروتها وتفتك بالاتفاق لكن حميدتي تمكن من إقناع المتخاصمين فرضخ أعيان القبائل المتنازعة وتعاهدوا على الوثيقة التي وصفت (بالقلد)  فهو موثق قبلي غليظ وقعوا عليه أمام الأشهاد، وبذلك حقنت دماء أهل بورتسودان ممثلين في حسم نزاع قبائل النوبة والحباب والبني عامر الذي أثار الرعب وأقلق مضاجع البعض. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى