الصحة.. تحديات في مواجهة القادم الجديد

تقرير: هويدا حمزة

لا يختلف اثنان على أن الوضع الصحي بالبلاد هو الأسوأ حتى في ظل وجود حكومة كاملة الدسم مثل الحكومة (المخلوعة)، التي انشغلت وزارتا الصحة فيها (الاتحادية والولائية) بإدارة صراعاتهما وتبادل الاتهامات و(نشر الغسيل القذر) عن توفير أقل متطلبات الرعاية الصحية الأولية ناهيك عن الاستثمار في الصحة مثلما فعلت إحدى الدول التي أصبح المرضى السودانيون يقصدونها باستمرار طلباً للعلاج، بعد أن فشلت سياسة توطين العلاج بالداخل التي فرضتها الحكومة السابقة، ولكنها فشلت شخصياً في تطبيقها حتى على كوادرها الذين يقصدون البلاد الأخرى للاستثمار الصحي دون أن يطرف لهم جفن حزناً على (الدولارات) التي تهدر في سبيل ذلك ناهيك عن استقطابها للبلاد عبر السياحة العلاجية.

وبغض النظر عن الخريف وما فعله في شوارع البلاد حضراً وريفاً والأمراض التي طرأت إثر السيول والفيضانات، فإن الذي يضع قدميه داخل أحد مستشفياتنا الحكومية يتساءل عما يمكن لمن يتقلد منصب وزير الصحة في الحكومة المرتقبة أن يفعله لترميم ذلك الخراب وتردي الخدمات الصحية وأبسطها النظافة ناهيك عن توفير العلاج المجاني أو تخفيض أسعار الدواء لتصبح في متناول الجميع ..الخ..

الرعاية الصحية الأولية

يعتقد وزير صحة الخرطوم دكتور بابكر عبد السلام  إن الوضع الحالي والظروف الاقتصادية الحالية والضغوط العالمية تحتم على  وزير الصحة أن يفكر في أبسط متطلبات الصحة الأولية التي تبدأ من احتياجات الخريف الحالي والرش لمكافحة الذباب، ونظافة الشوارع من الأوساخ  تحت شعار (الوقاية خير من العلاج)، وبعد ذلك كلما تطورت الظروف الاقتصادية تتطور تحديات الصحة إلى توفير أجهزة الإنعاش والأجهزة الطبية الحديثة، وهذه يشارك فيها القطاع الخاص بصورة أكبر.

 هنالك خمسة شهور منذ قيام الثورة وحتى الآن لا توجد حكومة، وفي هذه الفترة اكتسبت العاصمة درجة عالية من الإهمال حسب دكتور بابكر الذي أضاف: (مستشفى أحمد قاسم كانت ممتازة عندما سلمها مأمون حميدة، ولكن الآن هنالك كثير من الإهمال في المستشفيات، ولعل هذا من أبرز التحديات التي تتطلب جهداً كبيرًا لمعالجتها من قبل الوزير الجديد وطاقمه).

الدواء.. الملف الخطير

كمستهلكين يؤرقنا كثيراً الحصول على الدواء بالجودة والسعر المناسبين، حيث أصبح الدواء سلعة كغيره من السلع من حيث ارتفاع أسعاره بل فاقت أسعاره أسعار كل السلع رغم حيويته وأهميته للحياة. ويتفق معنا في رؤانا المتواضعة وغير المختصة الخبير الصيدلاني الأمين العام لجمعية حماية المستهلك دكتور ياسر ميرغني الذي يضيف على رؤانا أن  أبرز التحديات التي تواجه الوزير القادم من رحم الثورة هي إبعاد مافيا الدواء من وزارة الصحة، فملف الدواء هو الملف الذي سيطيح به إن لم يحسن إدارته، لذلك يرى ياسر أن هناك حاجة ماسة إلى مساعد وكيل الصحة للدواء شريطة أن يكون صيدلانياً ممارساً ومن داخل حوش وزارة الصحة، ويكون هو المسئول الأول عن الدواء في السودان ولا يتغير بتغير الحكومات.

 ويزيد محدثي: (نقول لوزير الصحة الآن لديك أرضية ممتازة من الصناعة الوطنية للأدوية تحتاج منك للدعم والمؤازرة وأيادينا بيضاء للتعامل معك وكشافاتنا مسلطة على مافيا الأدوية والتي للأسف الشديد يتبناها الآن بعض الثوار حيث تتخفى خلفهم  مافيا الأدوية وصدق من قال (مافيا الأدوية لا دين لها).

سندعمه

دكتور ياسر يعلن دعمهم لوزير الصحة القادم في تخفيف المعاناة على المستهلكين في المستشفيات العامة وفي الطوارئ والحوادث والحمل والقيصريات والأطفال وتكون كلها مجاناً، وقال إنهم سيعملون معه لتوفير كل المطلوبات، وزاد: (نطلب منه أن يتعامل مع صرف الأدوية المنقذة للحياة مجاناً ونقول إننا سنتبنى حملة (كل المستهلكين مؤمن عليهم في التأمين الصحي القومي).

مياه الشرب ومياه الصرف!

من جهة أخرى، هنالك ملف لا يقل أهمية عن ملف الدواء هو ملف المياه الصالحة للشرب، حيث ما زالت الجهات المعنية بالملف غير متأكدة تماماً ما إذا كان مواطنو الخرطوم يتناولون ماء نقياً أم مختلطاً بمياه الصرف الصحي؟ وإن كان مدير هيئة المياه قد سبق حديثه بكلمة (ربما) فإن الشك وحده كافٍ للبحث عن آلية لقطع الشك باليقين ليستمر المواطنون في تناول المياه النقية أو البحث عن مصادر أخرى للشرب حال ثبت تلوث المياه لحين معالجة أسباب ذلك الاختلاط، ومن ثم فإننا من هذا المنبر ونيابة عن جميع مواطني الخرطوم نضع هذا الملف (وش) على طاولة الوزير الجديد الذي لم يعلن عنه بعد إذا غضضنا الطرف عن التنبؤات والتسريبات.

الأوبئة العابرة للحدود

كان  أول اجتماع إقليمي لصد الأوبئة العابرة للحدود عقد منذ عشرين عاماً، وهو ذلك الذي انعقد في الخرطوم في نوفمبر 2018 وبمشاركة خمس دول حسب ممثلة منظمة الصحة العالمية بالسودان نعيمة القصير،  وهو يهتم بوضع السودان والمنطقة التي يقع فيها والدول المجاورة في موقع متطور في التعامل مع الأوبئة ومهددات الصحة العامة العابرة للحدود. 

ونظم الاجتماع الإقليمي الأول لتعزيز التعاون الصحي عبر الحدود بين السودان ودول الجوار وزارة الصحة السودانية بالتعاون مع منظمة الصحة  العالمية إقليمي شرق المتوسط وأفريقيا) تحت شعار (الأمن الصحي على الحدود) بمشاركة وزراء الصحة بدول جنوب السودان وإثيوبيا وليبيا ومصر وتشاد، بجانب ممثلين للهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية  ومن ثم تبرز أهمية مثل ذلك الاجتماع لمكافحة الأوبئة التي تفرزها الهجرات والهجرات العكسية من وإلى السودان الذي أصبح منطقة مفتوحة بسبب اتفاقيات (الحريات الأربع) أو ظروف الحرب في بعض الدول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى