التسميع!!

التسميع!!

صباح محمد الحسن

طيف أول :

على جدار الوطن..

نحيطك بالبسملة

أن لايكسر بابك سارق

أن لاتغرق

و أن لايبتلعك الحوت

وتنجو !!

ولم تخب التوقعات في رئيس مجلس وزراء الحرب كامل إدريس عندما قلنا إنه سيخاطب الشعب من بورتسودان بخطاب يدعم الحرب وبالأمس قال إن معركة الكرامة معركة وجودية!!

وتجرد في خطابه عن كل ما يتعلق بمبادئ الديمقراطية التي قال إنه جاء لأجلها، غافلاً عن مفاهيمها العميقة والصادقة، والتي تعبر عن ضرورة سلطة الشعب لكي يحصل على حقوقه كاملة، تلك التي تقوم على جذر السلام والحرية والعدالة، وتُجذع وتُفرع حتى تُثمر أمناً وطمأنينة، فأول مطالب الشعب السوداني وحقوقه التي يجهلها رئيس الوزراء بعناية، هو أن يعيش آمن مستقر، دون أن يفر المرء من وطنه خوفا من القتل والتعذيب والجوع، وأخيراً المرض، في ساحة حربٍ تضعه يومياً على شريط الموت.

وللمرة الثانية يتجاوز كامل الحديث عن الحرب بصراحة في خطابه كما تجاوزها في بيانه وتخطى عتبة أوجاع الشعب السوداني ومشى على جراحه، ودخل المجلس مباشرة، وتربع رئيسيا إنقلابياً، مما يعني أن المرة الأولى لم تكن هفوة أو نسيان لأن الثانية أكدت أن الرجل لايريد أن يقف على القضية الجوهرية أبداً.

ولكن لماذا تعمد كامل إدريس عدم إعلان موقفه من قضية الحرب !!

فالرجل إن قال بكل وضوح لابد من استمرار الحرب سيخسر الخارج الذي يمارس عليه لعبة الديمقراطية، ولو قال لابد من أن تنتهي الحرب ودعا للتفاوض سيخسر منصبه!!

فلن يجرؤ الآن لإختيار منطقة خاصة به تعبر عن عن رأيه مما يعني أنه مسلوب الإرادة.

ويُسقط إدريس الأسباب الرئيسية التي تسببت في فجيعة الشعب ومحنته الغائرة، ويتحدث عن خطته لإنعاش الإقتصاد بدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ولكن لم يحدثنا إدريس عن أين هي الشركات التي قرر دعمها، والبلاد تعيش حالة من الإنهيار الإقتصادي الكبير في قطاعي الزراعة والصناعة بعد أن دمرتهما الحرب ومعلوم انه وبوجود السبب تبقى العلة موجودة فإدريس قفز بالحديث عن تحقيق مطالب لم تعد الآن طموح لأن رغبة الشعب ورفاهيته في الأمن والإستقرار ( كيف يعيش)، وليس في مشاريع وشركات صغيرة اوكبيرة!!

وفي خطابه بالأمس “حصة تسميع” تلى ما نزل عليه من فقه السياسة على المذهب الكيزاني

وقال إنه يدعو إلى حوار سوداني سوداني لا يستثني طرفاً، ما يعني حوار شامل لا يستثنى المؤتمر الوطني، ولكي لايرهق إدريس نفسه ويصبح شخصاً متناقضاً ما بين رغبته في عدم إقصاء الإسلاميين وحديثه عن الديمقراطية بشعاره الجديد حيث قال إنه جاء ليحقق (الحرية والسىلام والعدالة والكرامة) ويبدو أن الاخيرة تعبيراً عن دعمه لحرب الكرامة لذلك لكي لايثقل كتفه بالتناقض وينزع من وجهه ملامح الصدق والأمانة أدعو من هنا رئيس مجلس الوزراء أن يقف بكل شجاعة وينضم إلى صفوف الكيزان ويرفع سبباته ويدافع عن فكرتهم ومشروعهم بكل وضوح أفضل من هذا العرض المشروخ لمسرحية بلا جمهور.

فالقوى الثورية والمدنية لاتنتظر منه شيئاً ولن يستطيع أن يحقق لها مطلباً واحداً، وبإرتهانه للكيزان وقيادة الإنقلاب يكون إدريس فقد رصيده “على قِلّته” وضل طريق الديمقراطية ويقول رئيس الوزراء كامل إدريس إننا سنعمل على إنفاذ مبادئ العدالة والسلام ودولة القانون والتنمية المستدامة ومكافحة الفساد والفقر.

ولن يستطيع تحقيق واحدة منها، فمكافحة الفساد أمر صعب للغاية على الرجل لأنه يجلس الآن على بؤرة فساد في بورتسودان، يبدأ من قمة الهرم مروراً بجبريل وصولاً إلى أصغر موظف دولة يعطل لك اجراءاتك عن قصد لكي تدفع رسوماً (رشاوى) لتحريكها!!

والفساد وصل نقاط التفتيش التي حكى عنها المواطن من مدينة شندي الذي قرر أن يتوقف عن عمله كسواق شاحنة لأن الذين يقفون على التفتيش من جيش وشرطة ومستنفرين جميعهم يمارسون عليه (الشفشفة) فهل سمع البرهان هذا الرجل وأنصفه أم أن عناصر الأمن سبقته ووصلت اليه!!

ليترك إدريس ملف الفساد الذي يمكن أن يعيده إلى منزله قبل أن يكمل شهره الأول في طور “النموء الرئاسي”، فمنظومة الفساد في بورتسودان منظومة متامسكة تجتمع شهرياً لتقسم أرباحها في مابينها (في أمان الله) فإما ان يصبح إدريس جزءا منها و”يمد يده” أو أن تقطع يده إن مدها متعدياً عليها.

أما عن حل الحكومة فربما يحل إدريس أربع وزارات، و قد تضع على طاولته أربعة أخريات ممنوع الاقتراب منها وهنا سيظهر التعريف الحقيقي لمنح (الصلاحيات الكاملة) لرئيس الوزراء!!

الجريدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى