أشرقي فينا صبحاً

* كانت الهجرة النبوية درسًا في الصبر والتوكل على الله تعالى، ولم تكن طلبًا للراحة ولا هربًا، بل كانت بأمر من الله تعالى في وقت أشد ما تكون البشرية في ذلك الزمن إلى الهدي المحمدي.

* أرسله الله خيرًا إلى البشرية وهي أحوج ما تكون إلى رسالته، وأشدَّ ما تكون ضرورة إلى دينه، بعد أن صار الكثير من الناس في ظلمات الشرك والجهل والكفر.

* جاء نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى العفاف والطهر والخلق الكريم والاستقامة وصلة الأرحام وحسن الجوار والكف عن المظالم والمحارم، ويدعوهم إلى التحاكم إلى الكتاب العزيز، لا إلى الكهان وأمر الجاهلية، وكسب المال بالحلال، وإنفاقه في الطرق المشروعة والمباحة.

* دعا رسول الله إلى دين قويم يرقى به الإنسان إلى أعلى المنازل، ويسعد به في الآخرة سعادةً أبدية في النعيم المقيم، فاستجابت له القلة المؤمنة المستضعفة في مكة، فأذاقهم المشركون أنواع العذاب، كالحرق بالنار وإنزال أشد ألوان العذاب، واشتد الكرب في مكة، وضيّق الخناق على المسلمين المستضعفين.

* لم يحمل رسولنا الكريم في قلبه يومًا ذرة حقد على أحد، ولم ينتقم يومًا لنفسه من أحد، بأبي هو وأمي، كان ينشد العدل ولو في غير ملته، فكذلك عندما اشتد الأذى على أصحابه قبيل الهجرة أمرهم بالهجرة إلى الحبشة التي يحكمها النجاشي ذلك الملك الذي كان على دين عيسى  المسيح عليه السلام، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: “فإن فيها ملكًا لا يظلم عنده أحد”، يعلّمنا بذلك التعايش مع الآخرين بالمحبة والسماحة والسلام بغض النظر عن دينهم وعرقهم.

* وعندما عزم على الهجرة أراد أن يرد الأمانات الى أهلها حتى ولو كانوا أعداءه بل وتآمروا على قتله كيف لا وهو رغم محاربتهم له كانوا يلقبونه بالصادق الأمين، ويُعرِّض بذلك حياة ابن عمه علي بن أبي طالب كرم الله وجهه للخطر، ليعلّمنا بذلك أن أعظم سمات المؤمن وأهمها الصدق والأمانة.

* يوم هاجر، صلوات ربي وسلامه عليه، وقف على مشارف مكة مخاطبًا إياها: “والله إنك لأحب البقاع إلى قلبي ولولا أنهم أخرجوني منك ما خرجت”، يعلّمنا بذلك حب الأرض والوطن.

* ويوم أوذي في الطائف في رحلته الأخيرة قبل الهجرة، ولاقى من أهلها ما لاقى، لم يشأ أن يدعو عليهم بالهلاك بل قال: “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون”، وقال: “إنّي أرجو أن يخرج من ظهورهم من يقول لا إله إلا الله”، يعلّمنا بذلك الرحمة التي أرسل بها لكل العالمين، وليس فقط للمسلمين، حتى شملت رحمته صلى الله عليه وسلم الحيوانات والجمادات، مصدقًا لقول ربه سبحانه فيه: “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”.

* وستظل هجرة الهادي تمد المسلمين بالعبر والعظات والدروس والتوجيهات، وقد شاء الله تعالى أن تكون بأسباب مألوفة للبشر، يتزود فيها للسفر، ويركب الناقة، ويستأجر الدليل، ولو شاء الله لحمله على البراق، ولكن لتقتدي به أمته بالصبر والتحمل لمشقة الدنيا والعمل الدؤوب للآخرة التى هي العقبى.

* نوء أخير

هجرة النور مرحى أشرقي فينا صبحا

ذكرينا رجالاً عاشوا بالنيرات 

ثم بالموريات كيف قد كان قدحا..؟

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى