“حمرة عين”

كرستين شمس تكتب..”حمرة عين”
تعتبر الأزمة الإنسانية المتمثلة في شح الغذاء والدواء أحد اسوأ منتجات الحرب الحالية في السودان، وبرغم الجهود التي تبذلها المنظمات الإنسانية والجمعيات المحلية لرصد ضحايا سؤ التغذية وإنعدام الدواء إلا أن الأرقام المعلنة لا تتناسب وحجم الكارثة على الأرض خاصة وأن السودان كان يشهد قبل الحرب تدهوراً اقتصادياً ملحوظاً وندرة في الموارد بسبب السياسات الاقتصادية الفاشلة وغير المدروسة مما جعل نصف السودانيين تحت خط الفقر.
أرقام وإحصائيات صادمة
بالرغم من أن أغلب المناطق تشهد اشتباكات مسلحه ولا تتوفر فيها وسائل إتصال إلا أن المنظمات الإنسانية العالمية والمحلية تسابقت لقرع جرس الإنذار والتحذير من شبح المجاعة الذي يهدد السودانيين حيث كانت الأرقام الاحصائية تقفذ بزيادة مضطردة ومخيفة.
في بدايات شهر مارس المنصرم أُعلن عن 20 مليون مواطن يواجهون خطر الجوع تلاها إعلان منسقية شؤون اللاجئين الصادم عن وفاة 651 طفلاً جوعاً بمعسكرات النزوح، كما أعلنت السلطة المدنية في مناطق سيطرة حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور عن 1724 حالة وفاة بين الأطفال الذين يعانون من سؤ التغذية وإنعدام الدواء والغذاء وصُنفت المنطقة منطقة مجاعة.
وفي 4 أبريل الجاري صرحت منظمة الغذاء العالمية عن مجاعة غير مسبوقة ستضرب السودان في الأيام القليلة القادمة. ولعل هذه المحصلة الكارثية أخذ منها إقليم دارفور نصيب الأسد حيث بدأ الجوع يفتك بضحاياه بوتيرة أسرع في الأقليم الذي عاني من تهميش متعمد ويشهد إضرابات أمنية دائمة تنعكس سلباً علي الأمن الغذائي والعلاجي.
أكبر أزمة إنسانية في العالم
وشهدت الفترة الماضية تحركات حثيثة في عدة محاور تهدف إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة والتوصل لوقف إطلاق نار وتحريك الملف الإنساني الذي بات لا يقبل تأجيل، إلا أن اغلب المساعي كانت تصطدم بتعنت الجيش السوداني وعرقلته للمسارات الآمنه لإيصال المساعدات وتقاعسه عن منح أذونات دخول العاملين في المجال الإنساني، وكذلك شروطه المجحفة لإدخال الإعانات عبر منافذ يحددها الجيش حسب مناطق سيطرته، فضلاً عن أن الاغاثة التي سلمت لحكومة السودان وجدت طريقها إلى الأسواق ولم تمنح لمستحقيها. كل هذه الأسباب أدت لتأخير الإستجابة لأي مبادرات تُطرح لتلافي خطر المجاعة التي باتت قاب قوسين وأدني.
خلال زيارة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الهجرة جوليتا فالس لمعسكرات اللجؤ بدولة تشاد قالت إن السودان يشهد أكبر أزمة إنسانية في العالم ويحتاج 25 مليون شخصاً داخل السودان واللاجئين الفارين من الحرب إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، حيث أشادت بالدور الأمريكي واستجابته العاجلة في الإعلان عن مساعدات بقيمة 47 مليون دولار ولكنها وصفتها بغير الكافية وحثت المانحين الآخرين على زيادة الدعم.
الدعم السريع يؤمن طريق قوافل المساعدات
وشهد أواخر شهر مارس الماضي وبداية أبريل الحالي بوادر تحرك في الجهود الإغاثية في إقليم دارفور حيث إستقبلت (قوة حماية المساعدات) وهي قوة تتبع لقوات الدعم السريع منوط بها حماية وتأمين قوافل المساعدات الإنسانية وضمان سلامة العاملين بها؛ إستقبلت في بدايات شهر أبريل قافلة إغاثية مقدمة من منظمة يونسيف ومنظمة الأغذية العالمية تضم 6 شاحنات تحتوي على مواد طبية وأدوية منقذة للحياة ومواد غذائية قادمة من منطقة أدري الحدودية مع دولة تشاد تم توزيعها بين مدينتي الفاشر والضعين، كما أشرفت قوة حماية المساعدات بالدعم السريع على تأمين وصول عدد 22 شاحنة تحمل 870 طناً من المواد الغذائية مقدمة من منظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم (lRW) ذهبت إلى مستحقيها في معسكرات النزوح بمدينة زالنجي، وتعتبر هذه القافلة هي الأولى من جملة مساعدات ستأتي تباعاً من منظمة الإغاثة الإسلامية وستُوزع وفق الاُسس العادلة حسب تصريح مندوب المنظمة. هذه التحركات وإن كانت خجولة لا تتناسب وحجم عدد المحتاجين، لكن قوات الدعم السريع تسعى لتذليل كافة العقبات التي تمنع إيصال المعونات إلى مستحقيها في المناطق التي تسيطر عليها.
تحديات قادمة
وشدد الأستاذ الصافي عز الدين عضو وفد التفاوض بالدعم السريع ومسؤول ملف المساعدات الإنسانية على ضرورة رفع كافة القيود وتسريع الإجراءات وفتح كافة مكاتب منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأجنبية في ولايات دارفور وكردفان بُقية إيصال أكبر قدر من المساعدات الإنسانية قبل دخول فصل الخريف الذي يشكل تحدياً جديدًا في سهولة وسرعة الحركة بين المدن.
وأشاد الأستاذ عز الدين بجهود القادة الميدانيين بقوات الدعم السريع والمتطوعين في تأمين وصول عدد مقدر من المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات الأممية لولايات دارفور وكردفان خلال الاسابيع السابقة بالرغم من إستمرار القصف الجوي العشوائي للمدنيين في تلك المناطق.وذكر الأستاذ عز الدين أن قوات الدعم السريع جددت إلتزامها بتزليل كافة العقبات التي تمنع وصول المعونات الإنسانية وتأمين وصولها الي كافة السودانيين بلا تمييز كما نبه لضرورة تقوية التنسيق والشراكة مع الفاعلين الدوليين للوصول الي الأسر الأكثر حوجة.
الملف الإنساني لم يكن غائباً خلال ختام إجتماعات الهيئة القيادية لتنسيقة القوي الديمقراطية (تقدم) والذي عُقد 4 ابريل الجاري بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا والتي أوصت بالضغط علي الأطراف المتحاربة لتأمين وفتح المسارات لتوصيل المساعدات الإنسانية العاجلة كما رحبت تقدم بمؤتمر باريس الذي سيقام في 15 أبريل الجاري بشأن الأزمة الإنسانية وتوفير الموارد الإغاثية اللازمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى