محمود فضل النبي علي حمودة يكتب : مآلات الصراع القبلي في غرب دارفور

18 مايو 2022م

تُعتبر غرب دارفور منطقة حدودية، تمتاز بموقع استراتيجي وحيوي، ولها أهمية تجارية واقتصادية وذات خصوصية عالية بالنسبة للدولة السودانية، ومما تثير الأطماع الخارجية التي تتربّص بالوطن عبر ضعف تماسكه الاجتماعي وإرادته الوطنية. والناظر لواقع الحالة التي تعيشها ولاية غرب دارفور من الفتنة وما أحدثته من تفريق بين كيانات المُجتمع الواحد الذي كان يُضرب به المثل في القوة والتماسك والتجانس والانسجام والتعايش. ولكن بين عشية وضحاها أصبح المُجتمع أثيراً لتلك النعرات القبلية والتعصُّب لها بطريقة الجاهلية الأولى، وكأننا لم نكن نعيش في القرن الحادي والعشرين عصر الحداثة والتقدُّم والازدهار والتسابق نحو العلم والمعرفة والابتكارات وتطوير المهارات والذات.

والسؤال المطروح على الجميع لماذا تراجعت أفكارنا وسُلوكنا وأعمالنا بطرق مُخيفة، والمطلوب من الجميع في هذه المرحلة التفكير العقلاني الذي يقود إلى تضميد الجراحات ومُعالجة الاحتقانات الاجتماعية بوسائل عادلة متعارف عليها ومقبولة لكل الأطراف وبخُطة مُحكمة تشارك فيها الدولة ومؤسسات مجتمعها المدني وتكون البداية أولاً من مراكز الدراسات والبحوث الاستراتيجية التي تقوم بعملية رسم الطريق وإعادة هندسته بتخصُّصاتها المُختلفة في الدراسات الاستراتيجية والأمنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ودراسات السلام. وذلك لوضع خارطة لمعرفة الأسباب والمُسبِّبات ثم تبتدر الحلول النموذجية التي تُمكِّن من استدامة السلام والتعايش بين المكونات الاجتماعية.

ثانياً استنفار الأحزاب السياسية الوطنية باعتبارها رأسمال وطني يعبر عن  الإرادة الوطنية ويحمي الأمن القومي ويحافظ على التماسك والوحدة، ضرورة الاستماع الى رؤيتها وطرحها لمعالجة قضايا الصراعات القبلية.

ثالثاً منظمات المجتمع المدني تمثل الرأسمال الاجتماعي الذي يحمي ويحصن السلم الأهلي، ولا بد من التفاكر معها وغالبا ما تمتلك الخُطط والمشاريع لاستدامة السلام والتعايش السلمي. وما يجري في غرب دارفور تخطى كل ما هو معروف ومألوف وبعيدٌ كل البُعد عن القيم والأخلاق والإنسانية. والحرب ليس فيها منتصرٌ وإنما الجميع يخسرون كل شيء أمام لا شيء. وعليه، لا بد من تجاوز كل المرارات والأحقاد والتوترات السابقة، وبرغبة أكيدة يجب الدخول في عملية بناء الثقة بين الأطراف وكسر الحواجز بالتواصُل الاجتماعي، وهنا يجئ دور المؤسسات الدينية لتقوم بواجب التوعية والتثقيف وتزكية المجتمع لنبذ القبلية، ورابطة الإسلام أقوى من كل الروابط، ومن يجمعهم الإسلام لا يمكن أن تُفرِّق بينهم القبلية النتنة والمُهلكة للمُجتمع، وحتى لا تكون مآلات الصراع القبلي في غرب دارفور مفتوحة تتجدّد بطُرقٍ مُتعدِّدة ينبغي على الدولة أن تقوم بواجبها على الوجه الأكمل، وكلما استمرّت الحرب يتعدّد المهندسون لها بوسائل مُختلفة.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى